لم تجدد السلطات الجزائرية في مخطط حكومة الوزير الأول عبدالمالك سلال ما دأبت على تكراره في خطط الحكومات المتعاقبة التي عملت تحت إشراف الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في السنوات الست الأخيرة، في خصوص دعوة مسلحي التنظيمات المسلحة التي تعتبر نفسها «جهادية» إلى إلقاء السلاح والاستفادة من إجراءات المصالحة. وتدحرج الخطاب الأمني في مخطط حكومة سلال (جاء في 39 صفحة) إلى الصفحات الداخلية، واكتفى فقط بالتعهد بوضع آليات الإدماج الضرورية لحماية كل الذين ساهموا في مكافحة الإرهاب (الحرس البلدي والدفاع الذاتي والجيش). ولم يتضمن مخطط عمل حكومة سلال والذي حصلت «الحياة» على نسخة منه، أي إشارة إلى ما كان يُعرف ب «الأبواب المفتوحة» إزاء مسلحين في تنظيمات قريبة من «القاعدة»، ما فُهم بأنه إغلاق لملف المصالحة الوطنية الذي استفاد منه آلاف المسلحين منذ إطلاقه عام 2006 إثر استفتاء شعبي جرى قبل ذلك بسنة. ويشدد مخطط عمل حكومة سلال على مواصلة تطبيق الأحكام المتعلقة بضحايا الإرهاب، وبخاصة الشرائح الأكثر هشاشة أو المعوزة، ووضع آليات الإدماج الضرورية لحماية كل الذين ساهموا في مكافحة الإرهاب (من الحرس البلدي والدفاع الذاتي ومصابي الجيش)، والتزمت بأنها ستكون دوماً مصغية ل «تظلمات سائر ضحايا المأساة الوطنية». كما أكد المخطط مواصلة مكافحة الإرهاب بحزم من أجل تعزيز الأمن الوطني. ويختلف المخطط الجديد عن السياسة العامة التي اتبعها الوزير الأول السابق أحمد أويحيى الذي شدد في آخر بيان عن السياسة العامة أمام البرلمان (نهاية 2010)، على تضامن حكومته مع عائلات ضحايا الإرهاب والتزام الجمهورية إزاءهم ب «العرفان والدعم». وتحدث أويحيى عن مجالات الأمن والوئام المدني والمصالحة الوطنية وقال إنها تمثّل «أهم منجزات البلاد خلال العشرية الماضية»، مشيراً إلى أن «الإرهاب قد هزم بفضل الكفاح والالتزام البطولي للجيش الوطني الشعبي وقوات أمن الجمهورية والمواطنين المتطوعين». وجدد أويحيى يومها دعوة الحكومة إلى أولئك «الذين ما زالوا مصرين على الإرهاب والخراب للعدول عن العنف ضد شعبهم وبلدهم والالتحاق بركب المصالحة الوطنية». لكن غياب التلميح في سياسة سلال عن «اليد الممدودة» قابله أيضاً غياب «الخطاب المتشدد» إزاء الجماعات الإرهابية الذي سلكه سلفه أويحيى. وشدد المخطط فقط، في مجال الدفاع الوطني والسياسة الخارجية، التعهد «بمواصلة البرامج السابقة لتعزيز احترافية الجيش الوطني الشعبي، وعمليات تأمين الحدود ومواصلة تحديث قدرات التدخل». ويتناسق توجّه الحكومة الجديدة في خصوص الملف الأمني، مع ما تروّج له السلطات الجزائرية عن مرحلة «ما بعد الإرهاب». ويُعتقد أن آخر التدابير التي طُبّقت بموجب المصالحة الوطنية، كانت وقف متابعات قضائية ضد عدد كبير من المسلحين الذين سلموا أنفسهم قبل شهور للإستفادة من المصالحة، ثم تسوية ملفات مطلوبين للقضاء كانوا يتمتعون سابقاً باللجوء السياسي في الخارج، لكنهم عادوا إلى الجزائر بعد إقرار المصالحة.