على رغم أن الصورة هزلية إلى حد كبير، وهي أن شخصاً أو مجموعة أشخاص محدودي العدد والتأثير يستطيعون بطروحات تمس الرموز الدينية تحريك جموع من البشر - على بعد آلاف الأميال - لتشعل في بلدانها حرائق، وقد تقتل آخرين لا علاقة لهم بالقضية. مثل هذا ما حدث ويحدث لسفارات الولاياتالمتحدة الأميركية في أكثر من بلد عربي، وكانت ذروة المأساة ما وقع في بنغازي ثم القاهرة، وأخيراً وليس آخر صنعاء. يقيناً إن ما حدث هو نتيجة لتراكمات سوء سياسة واشنطن تجاه البلاد الإسلامية والمسلمين من تطرفها في تأييد الدولة الصهيونية، إلى جرائمها في أفغانستان وباكستان والعراق، وطائرات تقتل بلا طيار أو محاكمات. لكن القشة والشرارة كانت فيلماً أنتجه إسرائيلي أو قبطي كما ذكرت آخر الأخبار «بتبرعات من يهود بحسب صحيفة أميركية»، وبمشاركة أقباط مصريين، يسيء للرسول عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام. ومن المحتمل أن يتكرر ما حدث، لأن مجنوناً ما قرر بدعاوى «حرية التعبير» أن يخرج أمراضه النفسية من عنصرية وكراهية للمسلمين على شكل عمل تعس، والعجيب أن الإدارة الأميركية شددت على أهمية حرية التعبير، وهي تدين الفيلم وقتل السفير في بنغازي، وهو أمر مثير للسخرية، فلو قام أحد بإنتاج فيلم يخفف من شأن ما يسمى «المحرقة اليهودية»، لقامت عليه قيامة أصحاب حرية التعبير، بل إن هندياً في الهند افتتح محلاً للملابس أطلق عليه اسم «هتلر»، أجبرته الضغوط اليهودية على تغييره، وقبل سنوات أوقف رئيس تحرير صحيفة سعودية كاتبة سعودية، لأنها كتبت مقالاً عن طقس يهودي حرّك العواطف في واشنطن! وأيضاً قبل سنوات أغلقت الإمارات تحت الضغوط مركز زايد للدراسات! إن حرية التعبير في العرف الغربي هي حرية باتجاه واحد. وإن لم يمسك الغرب متطرفيه ويضع حدوداً لما يسمى حرية التعبير، ويسهم في إصدار تجريم أممي لكراهية الإسلام والمسلمين، فإن مثل هذه الأحداث مرشحة للاستمرار. ومن نافلة القول إن اقتحام السفارات أعمال غير مبررة، ومدانة هي وما ينتج منها، إنما لا بد من كشف للجذور والمسببات، وما يجب أن يعيه الغرب أن ثقافتهم تختلف عن ثقافتنا، فإذا كانوا لا يمانعون بالتعرض للمسيح عليه السلام، فإن المسلمين يجرمون ذلك. ومن المثير للسخرية أيضاً ما خرج به باحثان من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، إذ طالبا الرئيس أوباما بربط لقائه المقبل بالرئيس المصري محمد مرسي بأن ينبذ الرئيس المصري روايته المحرفة عن أحداث 11 أيلول (سبتمبر)، وأطلقوا عليها نظرية المؤامرة الرديئة! والرئيس مرسي ليس وحده من يشكك في الرواية الوحيدة لأحداث 11 سبتمبر حول هوية الجناة والمدبرين، لكنهم يرغبون في تشييد مقدس جديد لا يجوز المساس به كالمحرقة اليهودية تماماً، ولاستعادة الذاكرة حول أحداث سبتمبر، أنصح بقراءة مقال «توثيقي» للشيخ صالح الحصين على هذا الرابط: http://rowaq.org/?p=177، إذ ذكرنا الشيخ بما يحرصون على أن ننساه. www.asuwayed.com @asuwayed