صعدت جماعة «الإخوان المسلمين» في الأردن من خطابها أمس، إذ أقسم قادتها وأنصارها على مقاطعة الانتخابات النيابية المقبلة، ووجهوا نقداً إلى الحكومة والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني عبر هتافات غير مسبوقة، في حين قالت الحكومة الأردنية «إن هناك جهات منظمة تسعى إلى إجهاض العملية السياسية في البلاد». وفي عودة إلى المسيرات الكبرى بعد غياب زاد عن الشهر، نظمت الجماعة مسيرة بعد صلاة الجمعة من المسجد الحسيني وسط عمان اتهمت خلالها السلطات الأردنية بإدارة ظهرها للإصلاح. وقال القيادي البارز في الجماعة كاظم عايش في كلمة خلال المسيرة إن «النظام أدار ظهره للإصلاح بسبب رهاناته الخاسرة». وتابع: «لن يتوقف المطالبون بالتغيير، وثمن الإصلاح وكلفته سيرتفعان مع الوقت». واعتبر أن الدولة الأردنية «لن تستطيع إجراء الانتخابات لأن نتائجها معروفة سلفاً، وهي نتاج مماثل للبرلمان الحالي». وأكد أن الانتخابات «ستكون عبئاً إضافياً على المشهد الأردني، ولن تسهم بالخروج من الأزمة». وترافقت هذه اللهجة لأحد أبرز قيادات «الإخوان»، مع شعارات هتف بها المتظاهرون ضد مؤسسات سيادية وشخصيات بارزة في الحكم. وخلال المسيرة، رفع المشاركون بطاقاتهم الشخصية، ورددوا قسماً بألا يشاركوا بالانتخابات المقبلة إلا بعد تعديل الدستور الأردني ثم قانون الانتخاب، فيما أكدت الحكومة أنها ماضية بإجراء انتخابات برلمانية نهاية العام على رغم انخفاض عدد المسجلين لها. وقال وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال، الناطق باسم الحكومة الأردنية سميح المعايطة ل «الحياة» إن «هناك قوى منظمة تعمل بجد واجتهاد لإفشال الانتخابات المقبلة والعملية السياسية برمتها». وتساءل عن الشعارات التي حملتها مسيرة «الإخوان» و«إن كان الإسلاميون قرروا تغيير نهجهم أو أن ما صدر كان خطابات انفعالية أم قراراً منهم». يأتي ذلك فيما تتجه السلطات الأردنية إلى تمديد فترة التسجيل للانتخابات النيابية المقبلة مع استمرار تدني الإقبال على التسجيل للمشاركة في العملية السياسية المقبلة، وفق مصادر بارزة في الحكومة الأردنية اشترطت عدم الإشارة إليها. ونقلت هذه المصادر ل «الحياة» عن رئيس الهيئة المستقلة المشرفة على الانتخابات عبد الإله الخطيب قوله إن الهيئة «ستلجأ إلى تمديد فترة التسجيل التي تنتهي مع انقضاء الأسبوع المقبل إذا ما بقي الحال على ما هو عليه». وبعد أكثر من ثلاثة أسابيع على بدء التسجيل في كشوفات الهيئة، لم يُسجل للانتخابات التي تجري في ظل متغيرات إقليمية كبيرة سوى 13 في المئة من المواطنين الذين يحق لهم الاقتراع وعددهم 3 ملايين و700 ألف. وبلغ العدد الإجمالي للناخبين المسجلين نحو نصف مليون ناخب وناخبة حتى يوم أمس، وفق الناطق باسم الهيئة المستقلة للانتخابات حسين بني هاني. وتراهن الحكومة الأردنية، وفق مصادر رسمية، على رفع نسبة المسجلين في الانتخابات إلى نحو مليونين ناخب. وفي هذا الصدد، دشنت مبادرات ميدانية تروج للانتخابات، لكنها تكاثرت بشكل أظهر بوضوح جدية الدولة للوصول إلى أعلى كثافة تصويت. كما عملت الحكومة على نشر لوحات إعلانية تدعو المواطنين إلى التسجيل للانتخابات. وبثت شركات الاتصالات عشرات آلاف الرسائل الخليوية «مدفوعة الأجر» تدعو فيها إلى سرعة التسجيل. وفي السياق نفسه، بثت وكالة الأنباء الحكومية (بترا) خبراً لمن أسمتهم علماء دين إسلامي لم تذكر أسماؤهم، يدعون فيه المواطنين إلى التسجيل للانتخابات، باعتباره «واجباً لكل مواطن يسأل ويحاسب عنه». وسبقت ذلك فتوى لدائرة الإفتاء العام في المملكة تقول: «إن الحصول على البطاقة الانتخابية والتسجيل للانتخابات أمانة، تحت تبرير اختيار المرشح الذي يخدم الوطن والأمة والشريعة الإسلامية». في المقابل، تحدثت مصادر في المعارضة الأردنية ل «الحياة»، عن ترتيبات يتم الإعداد لها على مستوى «الإخوان» و«الجبهة الوطنية للإصلاح»، لتفعيل آليات المقاطعة. وأكدت المصادر أنه سيتم الإعلان عن مؤتمر شعبي يتصدره رئيس الوزراء السابق، مدير الاستخبارات السابق أحمد عبيدات خلال الأيام المقبلة يضم أكثر من 500 شخصية سياسية وعشائرية، لتفعيل ما يعرف ب «المقاطعة الإيجابية» وهو ما يعني عدم الاكتفاء بقرار المقاطعة، بل بناء جبهة واسعة تدعو إلى عدم المشاركة في الانتخابات.