هاجمت الحكومة الأردنية اليوم جهات لم تسمها قالت إنها تسعى لإفشال الانتخابات النيابية المقبلة، بحجة عدم رضاها عن القانون الذي ستجرى على أساسه. وقال وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال، المتحدث باسم الحكومة الأردنية سميح المعايطة ل"الحياة": "هناك قوى منظمة تعمل بجد واجتهاد، لإفشال الانتخابات المقبلة والعملية السياسية برمتها". واعتبر الوزير أن الحكومة "تقوم واجب وطني لخدمة العملية الانتخابية"، مؤكدا أن الأجواء المحلية الراهنة "قادرة على إنتاج انتخابات نظيفة ونزيهة وبعيدة عن أية شبهة". يأتي ذلك فيما تتجه السلطات الأردنية إلى تمديد فترة التسجيل للانتخابات النيابية المقبلة، مع استمرار تدني الإقبال على التسجيل للمشاركة في العملية السياسية القادمة، وفق مصادر بارزة في الحكومة الأردنية اشترطت عدم الإشارة إليها. ونقلت هذه المصادر عن رئيس الهيئة المستقلة المشرفة على الانتخابات عبد الإله الخطيب، قوله إن الهيئة "ستلجأ إلى تمديد فترة التسجيل التي تنتهي مع انقضاء الأسبوع المقبل، إذا ما بقي الحال على ما هو عليه". وبعد أكثر من ثلاثة أسابيع على بدء التسجيل في كشوفات الهيئة، لم يسجل للانتخابات التي تجري في ظل متغيرات إقليمية كبيرة سوى 13 بالمئة من المواطنين الذين يحق لهم الاقتراع وعددهم 3 ملايين وسبعمئة ألف. وبلغ العدد الإجمالي للناخبين المسجلين نحو 532 ألف ناخب وناخبة حتى يوم أمس، وفق المتحدث باسم الهيئة المستقلة للانتخابات حسين بني هاني. وتراهن الحكومة الأردنية وفق مصادر رسمية، على رفع نسبة المسجلين في الانتخابات إلى زهاء مليونين ناخب. لذلك دشنت الحكومة مبادرات ميدانية تروج للانتخابات، لكنها تكاثرت بشكل أظهر بوضوح جدية الدولة في تفعيل "ماكناتها البيروقراطية" للوصول إلى أعلى كثافة تصويتيه. والتقى الوزير المعايطة وفودا من "هيئة شباب كلنا الأردن" - المقربة من السلطات - وحض قادتها على تشكيل فرق شبابية والانخراط داخل القرى والمحافظات، لدفع المواطنين على تقييد أسمائهم في سجلات الناخبين. كما عملت الحكومة على نشر لوحات إعلانية تدعو المواطنين إلى التسجيل للانتخابات. وبثت شركات الاتصالات عشرات آلاف الرسائل الخلوية "مدفوعة الأجر" تدعو فيها إلى سرعة التسجيل. وفي ذات السياق، بثت وكالة الأنباء الحكومية (بترا) خبرا لمن أسمتهم علماء دين إسلامي - لم تذكر أسماؤهم - يدعون فيه إلى التسجيل للانتخابات، باعتباره "واجبا لكل مواطن يسأل ويحاسب عنه". سبق ذلك، فتوى لدائرة الإفتاء العام في المملكة تقول فيها: "إن الحصول على البطاقة الانتخابية والتسجيل للانتخابات أمانة، تحت تبرير اختيار المرشح الذي يخدم الوطن والأمة والشريعة الإسلامية". بالمقابل تحدثت مصادر في المعارضة الأردنية ل"الحياة"، عن ترتيبات يتم الإعداد لها على مستوى جماعة الإخوان المسلمين و"الجبهة الوطنية للإصلاح"، لتفعيل آليات المقاطعة. وأكدت المصادر أنه سيتم الإعلان عن مؤتمر شعبي يتصدره رئيس الوزراء ومدير المخابرات الأسبق أحمد عبيدات خلال الأيام المقبلة يضم أكثر من 500 شخصية سياسية وعشائرية، لتفعيل ما يعرف ب"المقاطعة الإيجابية" وهو ما يعني عدم الاكتفاء بقرار المقاطعة، بل بناء جبهة واسعة تدعو لعدم المشاركة في الانتخابات. لكن اللافت في الأمر، ما كشفت عنه ل"الحياة" مصادر مطلعة داخل جماعة الإخوان المسلمين حول وجود دعوات إخوانية داخلية تتبنى الترويج لاعتصامات مفتوحة، بالقرب من الأماكن والميادين الحساسة. وتداول نشطاء إسلاميون على موقع التواصل الاجتماعي "فايس بوك" بيانا منسوبا لما يعرف بالحراك الشبابي في الأردن منذ يومين، يعلن عن اعتصام مفتوح على دوار الداخلية بعمان في السادس من الشهر المقبل. ويرتبط دوار الداخلية في الأذهان باعتصام (24 آذار) قبل عامين، وما رافقه من أحداث عنف عقب فضه من قبل قوات الأمن الأردني. وتأتي هذه الدعوات وسط انحسار المظاهرات الشعبية، بسبب حالة الترقب لما يحصل على الجبهة الشمالية مع سورية، وعدم قناعة المواطنين بجدية السلطات في تحقيق الإصلاح، وفق الباحث والمحلل السياسي محمد أبو رمان. لكن أبو رمان يتحدث عما أسماه "تيارا شعبيا كاسحا، يعلن استنكافه بشكل عفوي عن المشاركة بالعملية السياسية من خلال مقاطعته التسجيل". بالمقابل يرى الكاتب عمر كلاب ضرورة إنقاذ الانتخابات "مهما كان الثمن". ويقول: "على الدولة بكل أركانها أن تدفع بالعجلة الوطنية نحو إنتاج انتخابات تعيد الهيبة للمجلس النيابي وللوطن".