مؤشرات الأسهم الأوروبية تغلق على ارتفاع    الجمهورية العربية السورية وجمهورية كوريا توقّعان اتفاقًا لإقامة علاقات دبلوماسية    مصرع ستة أشخاص في حادث تحطم مروحية في نيويورك    تأهل 12 جوادًا لنهائي" جولة الرياض" ضمن جولات الجياد العربية 2025    موعد مباراة الهلال والاتفاق اليوم في دوري روشن    مشامر الجلوات السبع صناعة هندية وطقوس سعودية    هرمون التستوستيرون عند النساء    63 ترخيصاً صناعياً جديداً.. والإنتاج في 103 مصانع    جوزيه قوميز: مواجهة الخليج هي الأهم.. ونسعى لإنهاء الموسم بأفضل صورة    الزمالك يحول زيزو للتحقيق بسبب التوقيع للأهلي    ردود أفعال اللاعبين على إضاعة الفرص حقيقة أم تصنع؟    الفيصلي تراجع مخيف يقلق محبيه... وشبح الهبوط يحوم حوله    طارق كيال: ظاهرة كثرة اللاعبين الأجانب إيجابية وطورت الكرة السعودية    قوانين لحماية التماسيح    أعراس زمان    روبوتات الإسعافات الأولية    «أسبوع فن الرياض» منصة عالمية    أشجار «الجاكرندا»    أمانة الطائف تجهز سجادة زهور ضخمة بمنتزه الردف    الاتحاد يتغلّب على العروبة بثنائية في دوري روشن للمحترفين    أمين منطقة القصيم يلتقي مدير مكتب جمعية الوداد الخيرية بالمنطقة    الجاسر ريادة المعرفة والتنوير في قلب الجزيرة العربية    شركة "لسان الميزان – محامون ومستشارون" تستقبل الدكتور محمد بادغيش في جازان    قطاع ومستشفى ظهران الجنوب يُفعّل "التوعية بالقولون العصبي"    مستشفى أحد رفيدة يُنفّذ فعالية "اليوم العالمي للصحة"    هيئة تقويم التعليم والتدريب تُتيح تقارير أداء المدارس لأكثر من مليوني ولي أمر    شرطة الرياض تقبض على (4) أشخاص لإطلاقهم النار في الهواء بمكان عام    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة وهيئة التراث توقعان مذكرة تفاهم    ضبط 7 إثيوبيين في عسير لتهريبهم 180 كجم "قات"    إعادة توطين 124 من طيور الحبارى النادرة في محمية الملك سلمان الملكية    475 ألف غرفة مرخصة في المرافق السياحية بنهاية 2024    4 متوفين دماغيا ينقذون حياة 8 مرضى    نمو قياسي في إنفاق السياحة الوافدة بمنطقة عسير خلال عامين    جامعة الأميرة نورة تمنح حرم خادم الحرمين الأميرة فهدة آل حثلين درجة الدكتوراه الفخرية في المجال الإنساني والأعمال الاجتماعية    مشروع الأمير محمد بن سلمان يُجدّد مسجداً عمره 13 قرنًا    في الخبر.."جوازك إلى العالم" تنطلق بالثقافة السودانية    الحياة الفطرية تُطلق 25 كائنًا فطريًا مهددًا بالانقراض في محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية    90 دولة تشارك بمهرجان الثقافات والشعوب    الإحصاء تنشر نتائج مؤشر الرقم القياسي للإنتاج الصناعي لشهر فبراير    محافظ بيش ينقل تعازي سمو أمير منطقة جازان وسمو نائبه لذوي الطالب معاذ شيبة    محافظ الطوال يعزي أسرة المرحوم الشيخ عبدالرحمن بن حسين النجمي    كنوزنا المخبوءة    «السمان».. زائر موسمي للشمالية    أسرتا الصفيان والعديلي تحتفلان بزواج «محمد»    جمعية الإدارة الصحية بالشرقية تقيم «عيدنا أنتم 5»    آل أبو نار وآل الشدوخي يتَلقون التعازي في فقيدهم علي    الاحتلال يقتحم نابلس موسعا عدوانه بالضفة الغربية    اعتبرها مراقبون ممارسة لإستراتيجية الضغط قبيل التفاوض.. واشنطن تفرض عقوبات جديدة على إيران    ولادة أول ظبي رملي لموسم ربيع 2025 في السعودية    ولادة ظبي رملي بمحمية الأمير محمد بن سلمان    الصين تنفي إرسال جنود للمشاركة في الحرب بأوكرانيا    حين يتصدع السقف    مملكة الخير وميلاد قطب جديد    الحسد    الغارات الأمريكية مستمرة لإسقاط الحوثيين    سطوة المترهلين في الإدارة    أمير حائل يستقبل رئيس الهيئة العليا للحج والعمرة بجمهورية العراق ووزير الحج والعمرة    النقل الإسعافي يستقبل 5 آلاف بلاغ بالمدينة المنورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن أي انتصار يتحدثون؟
نشر في الحياة يوم 05 - 08 - 2012

لم يقم النظام الحاكم أي اعتبار سياسي للثورة السورية منذ اندلاع شرارتها، ولم تفارقه الأوهام عن قدرته على وأدها وسحقها بما يملكه من وسائل القهر والفتك، واعتاد مع كل محطة نوعية تحقق فيها الآلة القمعية بعض التقدم، أن يكرر لازمته بأن الأزمة انتهت وبأن ما تواجهه البلاد صار من الماضي. اليوم وبعد تشديد العنف والتنكيل ضد بعض أحياء دمشق، بدأنا نسمع وعوداً عن سحق سريع لتمرد حلب وبأن الانتصار على المؤامرة «الكونية» بات وشيكاً.
يصعب على المرء فهم الطريقة التي ينظر فيها النظام إلى انتصاره، وكيف يخلص إلى أن حلوله الأمنية والعسكرية أدت الغرض ونجحت. أفلا يتعلق معيار النجاح في أي معركة أو حرب بنتائجها؟! وها هي النتائج تتحدث عن نفسها، وتكشف لكل ذي عين، أين صارت مواقع النظام وأين صارت أحوال الثورة السورية، وكيف عجزت كل أصناف الأسلحة والخطط الحربية عن سحق الاحتجاجات أو الحد من قدرة الثورة على التجدد.
أفلم يمتد الحراك الشعبي إلى مناطق وأحياء كانت حتى الأمس القريب هادئة وبعيدة عما يجري في البلاد؟ أوليس النظام مَن كان يفاخر ويزعم طيلة عام وأكثر بأن دمشق وحلب مدينتان آمنتان وتحت السيطرة وعصيّتان على خطط الإرهابيين المنفذة في مدن أخرى، إلى أن صارتا اليوم ساحتين رئيسيتين لمعارك تنتقل من حي إلى حي ومن شارع إلى آخر؟ أولم يكن عدد المسلحين أقل، أولم تتسع المساحات والمناطق الخارجة عن السيطرة أكثر، أولم تتزايد في صورة لافتة الانشقاقات التي كانت محدودة وتعد على أصابع اليدين، وبت تسمع مع كل يوم يمر، حالات كثيرة للتهرب من المسؤولية والانسحاب من صفوف الجيش والأمن ومن الحزب وملحقاته؟
ثم عن أي انتصار يتحدثون، حين تصدمك الحواجز الأمنية والعسكرية مع كل خطوة تخطوها، وتغدو غالبية المدن والمناطق أشبه بثكن عسكرية، أو حين توجد السلطة فقط حيث توجد قواتها ودباباتها وطائراتها، وتختفي في كل مكان تنسحب منه، وحين يغدو النظام مضطراً لإرسال جنوده عشرات المرات إلى إحدى المناطق، ليثبت أنه ما زال موجوداً قبل أن يضطره انتشار التظاهرات وحركات الاحتجاج للتحول نحو منطقة أخرى؟ ثم ألا يعرف النظام أكثر من غيره عدد المرات التي اجتاحت فيها دباباته ومدرعاته مدناً ومناطق، كحمص وحماة ودرعا ودير الزور وريف دمشق وغيرها، وأمعن فيها فتكاً ودهماً واعتقالات، ولم ينجح في وقف الاحتجاجات أو التظاهرات التي كانت تعود ما أن تغادر القوات النظامية هذه المدن والمناطق؟
ليس سهلاً على العقل تصور أن مثل هذه الإنجازات هو انتصار، فليس من معنى لانتصار النظام إلا إذا تم اختصاره في ما تخلفه قوة قمعية هائلة من موت ودمار في المدن والمناطق المتمردة، أو كإفراغ رغبة ثأرية تعتمل في نفوس أسياد البلاد ضد هؤلاء الهمج المتمردين وناكري الجميل! وليس من معنى للانتصار إلا إذا قرئ في ما تتعرض له الثورة من تشويه وطعن بوطنيتها لإقناع بعض المترددين بأنها ثورة سلفية متطرفة، أو في عسكرتها ونجاح السلطة عبر قمع لا يعرف حدوداً، دأب على استثارة الغرائز في إجهاض النضال السلمي الذي استمر ستة أشهر باعترافها، قبل أن يُكرَه الناس على حمل السلاح دفاعاً عن أنفسهم ولرد بعض الأذى الذي يخلفه هذا العنف العبثي! وبغير المعاني السابقة يضحك المرء على نفسه إذا نظر إلى حقيقة الوقائع التي فرضت على الأرض واعتبرها نصراً، ما يشجع على طرح السؤال عن جدوى استمرار هذا العنف والتنكيل المعمم، وهل حقاً لم ير النظام نتائج أفعاله وأين أفضت هذه الطريق؟!
لم يعد ثمة رهان مُجدٍ على قدرة الحل الأمني والعسكري على منح السلطة وضعاً أفضل أو أقل سوءاً، ومن المحال، بعد أكثر من ستة عشر شهراً من الفشل، أن ينجح النظام بأي وسيلة عنيفة في تعديل موازين القوى لمصلحته، أو استعادة زمام المبادرة. بل ويتفق كثيرون من المراقبين على أن النظام السوري آيل للسقوط، وأن المسألة أصبحت الآن مسألة وقت، مع ما قد يرافق ذلك من تكلفة مادية وبشرية باهظة. ويتفقون أيضاً على أن من المحال أن تستتب الأمور لنظام لم يعد قادراً بعد ما ارتكبه على الحكم، فلا سلطة يمكن أن تستقر وتعيش فوق هذا الفتك والدمار وبعد الشروخ العميقة التي أحدثتها، فأية فرصة تتاح لهكذا سلطة على صنع مجتمع واقتصاد وسياسة؟ ويتفق كثيرون على أن غرض النظام من تصوير معركة حلب على أنها أم المعارك والوعد بانتصار وشيك فيها، هو تسويغ لاستخدام كل الأسلحة وأكثرها فتكاً ولتعزيز الروح المعنوية لأنصاره باقتراب ساعة الخلاص وبضرورة بذل كل الجهود من أجل الحسم، مثلما يتفقون على أن الشعب السوري ماض في ثورته على رغم جراحه وآلامه، وأنه لا يخشى آلة الدمار والموت بمقدار ما يخشى عودة الماضي!
المسألة التي لم يدركها النظام أو لا يريد إدراكها أن ما يسمى انتصاراً على الشعب هو أكبر هزيمة للوطن، وأن كلمة انتصار ليست سوى الوجه الآخر لانكسار المجتمع وتدميره فأي معنى أن تستمر نخبة في الاستئثار بالسلطة بفعل القوة والعنف والإرهاب، لتحكم شعباً مهزوماً ومفجوعاً مدعية الانتصار؟
في الماضي وبعد نكسة حزيران (يونيو) 1967، وعلى رغم تدمير الجزء الأهم من القوى العسكرية العربية واحتلال المزيد من الأرض، حاول «مدّعو الانتصارات» التستر على فضائح الهزيمة وتحلية مرارتها بذريعة فشل العدوان الإسرائيلي في تحقيق هدفه الأساس، وهو إسقاط النظامين الراديكاليين في سورية ومصر! وها هم اليوم يرسمون ما يحدث في سورية على الصورة ذاتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.