حال الركود الذي يشهده نادي المنطقة الشرقية أصبحت واضحة وتدعو إلى التساؤل، فالمثقفون في المنطقة يتطلعون إلى عودة النشاط الثقافي، وقبل ذلك حسم مسألة انعقاد الجمعية العمومية، وإجراء الانتخابات أو إعادة مجلس الإدارة الذي حلته وزارة الثقافة والإعلام. ويرى أدباء وكتاب في استطلاع ل«الحياة» أن الركود الثقافي حال عامة، لا تنحصر في «أدبي الشرقية»، مشيرين إلى أن الحال الثقافية الآن تعاني مأزقاً، على العكس مما كانت عليه أيام الدكتور إياد مدني، وزير الثقافة السابق، وكذلك الدكتور عبدالعزيز السبيل وكيل الوزارة للشؤون الثقافية السابق أيضاً. وقال الناقد أحمد بوقري إن حال الركود الثقافية عامة، ولا يقتصر الأمر على مستوى النادي الأدبي بالمنطقة الشرقية فحسب، بل إن مشكلة النادي في الشرقية جزء من حال عامة. ولفت إلى أن الحال الثقافية «تعاني مأزقاً حقيقياً»، مستثنياً «النهوض اللافت والجميل الذي اتسم به المشهد الثقافي قبل سنوات، والذي تميزت به مرحلة أياد مدني والسبيل يعاني انتكاساً جديداً». وأوضح بوقري قائلاً: «كأن المشهد الثقافي مستعصٍ على الفعل الديموقراطي، أو كأن الحال الديموقراطية لا تليق بواقعنا الثقافي حتى الآن، والسبب في رأيي أن الواقع نفسه يتسم باضطراب شديد، ومفتقد للرؤية الأعمق للرؤية الأكثر كيانية أو الأبعد عن التمنيات السطحية، وتحقيق المكاسب الشخصية الآنية والضيقة». وبخصوص أزمة انعقاد الجمعيات العمومية، قال: «في رأيي تحل بتصحيح اللائحة الأدبية، وتحديد مفهوم جديد للأدبية والتخصصية الاعتبارية للعمل الثقافي، بعيداً عن الترهل المفهومي ومراوغته وضبابيته، حتى يتم منع المتطفلين والغرباء على المشهد وغير المحسوبين على الأدب والثقافة، بل وغير المنتجين للأدب من تسلم مهمات قيادة المشهد الثقافي والزج به في إشكالات غريبة، والتنكيل به وبكل تراكماته الإبداعية كما هو ملاحظ الآن». ويصف الكاتب أثير السادة نادي الشرقية الأدبي ب«المتهالك»، مشيراً في حديثة إلى «المبنى». وأضاف: «يقصر النادي في تطعيم الإدارة والأعضاء بالجيل الجديد من الشباب، وألقي المسؤولية على إدارة النادي، إذ يتولى مسؤوليتهم كبار في السن، ما حوّل النادي إلى مأوى للعجزة لولا محاولات الإنعاش التي مر بها». وبخصوص دور وزارة الثقافة في ما يحدث، قال: «أظن أن الوزارة التي تريد أن تكون طرفاً وسيطاً بين الأمزجة الفكرية المتنازعة على تقاسم الكراسي قد تورطت بفكرة الانتخابات، بعد أن اكتشفت أخيراً أن المثقفين لا يرون في النادي ساندريلا الأحلام، كما لا يرون في طريقة انتخاباته أسلوباً مقنعاً لتطويره وتحسين ظروف إدارته»، وأضاف: «أتخيل أن الوزير يتمنى لو أن وزارته اكتفت بلعبة تدوير الكراسي التي تشهدها فروع الجمعية السعودية للثقافة والفنون، فلا ناخبين ولا نائحين». وبخصوص أزمة انعقاد الجمعية العمومية وإن كانت ستطول، أوضح قائلاً: «هناك فجوة بين ما يشتهيه المثقف اليوم وبين ما يشغل الوزارة وتصرف لأجله المال والوقت، مؤسسة النادي الأدبي تحمل إشكاليتها في اسمها ووصفها، فهي لا تفترض فعلاً ثقافياً أكثر من الندوات والمحاضرات»، وأقترح السادة ساخراً: «تصفية هذا النادي وبيع أغراضه خردة في السوق، بالأخص مع ولادة فكرة المجلس الأعلى للثقافة الذي أقره مجلس الشورى، ويأتي بعد 40 سنة من إقرار مثيله في الكويت»، وأضاف: «إذا كنا نؤمن بأن الثقافة واجهة حضارية لهذا البلد، فيلزم أن نعترف بأننا لم ننجز مشروعنا الثقافي بعد». وأكد الشاعر زكي الصدير أن المشهد الثقافي «أمام مصيرين كلاهما أسوأ من الآخر، الأول يتلخص في تحدي وزارة الثقافة والإعلام بعودة المجلس المقال بحكم قضائي من المحكمة الإدارية بالدمام، والثاني يمكن التنبؤ به حين تقفز الوزارة على المحكمة، وتقوم بترتيباتها لانعقاد الجمعية العمومية لانتخاب مجلس جديد من دون الالتفات لأية جهة قضائية أو إدارية، وكلا الأمرين يشير لمصير غير عادل للنادي، فالأول سيعيد للنادي التيار المحافظ بكل ما يحمل من إقصائية وتقليدية وارتداد على معطيات العصر الثقافية، والثاني سيحوّل النادي لمؤسسة غير مستقلة، إذ ستتبع رضا الوزارة في حلّها وترحالها وفق منظومتها الثقافية الداخلية. إذاً ما الحل؟ ربما سيكون من المناسب للتخلص من هذه الأزمة لو فكرت اللّجان التنظيمية للوائح الانتخابية بآلية جديدة تستفيدها من معطيات التجربة الانتخابية للمجالس البلدية، إذ يأتي نصف المجلس بالتعيين والنصف الآخر بالانتخابات». وأشار الصدير إلى أن هذه الخطوة «ستنتج امتداداً ثقافياً يضمن دخول خمسة أعضاء إداريين تختارهم لجنة وزارية مستقلة بتوجهات مختلفة بين محافظين وأكاديميين وليبراليين، وهو ما سيضمن أيضاً حالاً من التنوع المزاجي الصحي في أروقة الأندية ستنعكس بالتأكيد على المشهد الثقافي المحلي، وستكون صمام أمان تمنع اختطاف الثقافة لمصلحة جهة ما أو تجييرها لجهة أخرى».