منَّ الله تعالى علينا في بلدنا المبارك المملكة العربيّة السعوديّة بقيادتنا الرشيدةِ، التي كانت جهودُها برداً وسلاماً على العباد والبلادِ، ولا يخفى على العارف بأحوال الأزمنة السابقة ما عاناه أسلافنا من العنت والعسر وقلة الأمن قبل أن يتوحد هذا الوطن على يد المغفور له الملك عبد العزيز -طيبَ الله ثراه-، وقد توالى يُمْنُ هذا التوحيد وبركته على البلد.. إذا كان الإنسانُ يحلو له الظلُّ الواقي من شمس الظهيرة في عزِّ الحرِّ، مع أنّه مجرّدُ ظلٍّ لا يدرأ مفسدةً سوى الحرِّ، فمن باب أولى أن يحلُوَ له الظلُّ الواقي -بإذن الله تعالى- من المشكلات، والذي يكفي من أوَى إليه أصنافَ المهمّاتِ، وهذه الظُّلةُ تكونُ خاصّةً وعامّةً، فالخاصّةُ تتجسّد في الوالدينِ، ففي ظلِّهما يحلو عيشُ الإنسانِ، وينعمُ بسعادةٍ لا تُوصف، ومن ذاقَ طعمَ ذلك لم يَنْسَهُ طول الزّمن، وقد ذكروا أنَّ شابّاً من بني هاشم دخل على الخليفة العباسي المنصور، فسأله عن أَبيه فقال: مرض - رضي الله عنه - في وقت كذا، وجعل يكثر الترحُّمَ على أَبيه، فاغتاظ حاجب الخليفة الربيعُ فقال: كم تترحَّم على أبيك بين يدي أميرِ المُؤْمنين؟ فقال له الفتى: ما أَلومك؛ لأنك ما ذقتَ حلاوةَ الآباء، فضحك أبو جعفر حتَّى استلقى على ظهره، ولم يُرَ ضاحكًا مثلَ ذلك، وما قيل في الأب فمن باب أولى أن يُقال في الأمِّ، وأما الظُّلَّةُ العامة الشاملةُ التي يجدُ المجتمعُ كلُّهُ حلاوةَ بَردِها فهي مظلّةُ القيادة الرشيدةِ، وهي نعمةٌ لا ينساها أهل الوفاءِ، ولي مع حلاوة ولاة الأمر وقفات: الأولى: السلطان القويُّ الأمين عافيةٌ يمنُّ الله تعالى بها على العباد والبلاد، وبه تَتحقق مصالحُ النّاسِ الضروريّة، ولا يسعهم بدونه المحافظةُ على المصالح الحاجيّة والتَّكميلية، ومن كان تحتَ ظلِّه وجدَ روْحَ الأمنِ وبردَ العيش، وجماعةُ المسلمين المتراصّة خلف وليِّ أمرها بمثابة القلعة الحصينة التي يتحقق لأهلها الأمن والسلامة، وبمثابة الواحةِ الغنّاءِ التي تحلو لمن تنزَّه فيها، وكيف لا تكونُ كذلك وقد باركها اللهُ تعالى، وخصّها بمعيَّته، فقد صحَّ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: (يَدُ اللهِ مَعَ الجَمَاعَةِ)، ومع أنَّ الجماعة واحةٌ يحلو المقام بها، وروضةٌ تُريحُ النفس والبالَ، إلا أن الانضواء إليها والبقاءَ فيها ليس اختياريّاً يفعله من شاء إذا شاء، ويعدل عنه متى أراد، فظلُّ ولاة الأمر حلوٌ مريحٌ، لكنّه ليس مجرّد تحليَةٍ يتفكّه بها من أراد، بل هو حصنُ سلامةٍ يجب على كل أحدٍ أن يأتيَه، وإذا أتاه وجب عليه البقاءُ فيه، ولو أخلَّ أهل بلدٍ بذلك لأخلّوا بفريضةٍ، وأثموا جميعاً، وإذا قاموا بهذا الواجبِ لم يسعْ أحداً منهم كائناً من كانَ أن يُفارقهم، ولو فعل ذلك لكان تائهاً في وديانِ الضّلالةِ، ولو مات، فَمِيتَتُه جَاهِلِيَّةٌ، كما صحَّ به الحديث. الثانية: منَّ الله تعالى علينا في بلدنا المبارك المملكة العربيّة السعوديّة بقيادتنا الرشيدةِ، التي كانت جهودُها برداً وسلاماً على العباد والبلادِ، ولا يخفى على العارف بأحوال الأزمنة السابقة ما عاناه أسلافنا من العنت والعسر وقلة الأمن قبل أن يتوحد هذا الوطن على يد المغفور له الملك عبد العزيز -طيبَ الله ثراه-، وقد توالى يُمْنُ هذا التوحيد وبركته على البلد، ونعيشُ الآن مرحلةً نموذجيَّة من ذلك اليُمْنِ، فمنذ تولت قيادتُنا المباركة زمام الحكمِ في ظرفٍ دقيقٍ سارت بالوطن بكلِّ حكمةٍ وحنكةٍ حتى تجنب -بإذن الله تعالى- المشكلات، وتحصَّن عن المعضلاتِ، فخاب سعي العابثين، وعلم المناكفون أن قيادتنا جبلٌ أشمُّ لا يُزعزعه نطح الناطحين، هذا مع الحرص التامِّ على مصلحة المواطنِ في معيشته وصحته وتعليمه ومستقبله وكرامته، فالمواطن في هذه الأيام يستشعر تماماً حقيقة أن السلطان وازعٌ يزعُ الله به من لا يزعه القرآن، فلا يخاف أن يستأسد عليه مواطنٌ آخر مستغلٌّ لفرصةٍ معيّنة؛ ليسلبه حقوقه، أو يُضايقه في حياته، كما أن موارد الوطن لم تعد لقمةً سائغةً لكل من سوّلت له نفسه الانقضاض عليها، فلم يعد من يتورط في الفساد والرشوة وسوء استعمال السلطة في حِلٍّ من أمره، وهذا بفضل الله تعالى ثم بجهود سيدي خادم الحرمين الشريفين، وسيدي ولي عهده الأمين حفظهما الله تعالى. الثالثة: العقلاء غير المفتونين لا يختلف منهم اثنان في حلاوة الاستظلال بظلِّ ولاةِ أمرنا أيدهم الله تعالى، وتنطلق بذلك ألسنة المواطنين في الواقع، وفي وسائل التواصل الاجتماعي مُشكِّلةً بذلك حصناً منيعاً تنبو عنه معاول أعداءِ الوطن، ومع ذلك فكلُّ حلوٍ يُوجدُ من اختلَّ ذوقه فلم يستطبْه، كما قال القائل: ومن يكُ ذا فمٍ مُرٍّ مريضٍ ... يجدْ مُراً به الماَءَ الزُّلالا وتتنوَّع سلوكيّات الذين حرمهم اختلال ذوقهم من إدراك حلاوة ظلِّ ولاة الأمر، فمنهم المفارق للجماعة علانيةً، الشاقُّ عصا الطاعة، المرتبطُ بفرقٍ وأحزابٍ مارقة، ومنهم من يجبنُ عن الانزلاق إلى هذا الحضيض لسببٍ من الأسباب، لكن قلبه ينطوي على غلٍّ للوطن وقيادته، ولكنه في العلانية يغمس لسانه في العسل، فيتحدث كما يتحدث المواطن المخلص، وإذا وجد فرصةً تكلّم في ولاة الأمر بما لا يليق، وهذا غشٌّ للمجتمع، وطَعْنٌ له في ظهره، ولن يَعدَمَ فاعله يوماً تنكشف فيه غدرته.