فوجئت منطقة اليورو أمس بتحذير أصدرته وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني إلى ثلاث من دولها وفي مقدمها ألمانيا، وذلك وسط النقاش الجاري في شأن التزام القوة الاقتصادية الأولى في أوروبا حيال دول جنوب القارة. فالوكالة أعلنت فجراً أنها خفضت توقعاتها للديون السيادية لكل من ألمانيا وهولندا ولوكسمبورغ من «مستقرة» إلى «سلبية». وتكون بذلك فتحت المجال لاحتمال فقدان هذه الدول الثلاث، صاحبة بعض من الاقتصادات الأقوى في منطقة اليورو وأوروبا، لتصنيفها الممتاز «AAA». ولا تزال ست من دول منطقة اليورو تحظى بتصنيف «AAA» لدى «موديز»، غير أن فنلندا وحدها لا تزال تتمتع بتصنيف «نظرة مستقبلية مستقرة»، وأكدت الوكالة ذلك أمس، مشيرة إلى قلة انكشاف اقتصادها ونظامها المصرفي على التقلبات في أوروبا. إلا أن هذا التحذير الموجه إلى الدول الثلاث لم يشع حالاً من الهلع بين المستثمرين أمس. وردت برلين على «موديز» بلهجة حادة، فأعلنت وزارة المال أن «هذه التوقعات تضع خصوصاً في الواجهة الأخطار في الأجل القريب في حين أن آفاق الاستقرار في الأجل البعيد لم تذكَر»، واصفة الوضع الألماني بأنه «متين». وأعلن رئيس مجموعة اليورو رئيس وزراء لوكسمبورغ جان كلود يونكر في بيان أن «ركائز» الدول الثلاث المعنية سليمة. ويكاد الخبراء يجمعون على استبعاد أن ترتفع كلفة اقتراض ألمانيا لأن هذا البلد لا يزال يعتبَر ملجأً في منطقة اليورو المضطربة. ونبه خبراء إلى أن إعلان «موديز» يضعف إستراتيجية الأزمة التي تنتهجها الحكومة الألمانية» وهي أول مساهم في خطط المساعدات. وهذا الأمر ينعكس سلباً على المستشارة الألمانية أنغيلا مركل التي تواجه معارضة شديدة من حزبين حليفين يتوجسان من الاتحاد الأوروبي. وتطلب منها المحكمة الدستورية بانتظام الانضباط في سياستها الأوروبية. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن صحيفة «فرانكفورتر ألغمايني تسايتونغ» (يمين وسط) تأكيدها أن إعلان «موديز»، «يأتي في الوقت المناسب» لتذكير ألمانيا «بأنها حكمت مسبقاً على قدراتها من خلال تقديم مزيد من المساعدة إلى دول الجنوب». وأبرز مثال على دول الجنوب هذه اليونان التي استقبلت أمس ممثلين عن الترويكا، أي الجهات الدائنة الثلاث وهي الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي، لتقويم التزام أثينا بالإصلاحات المفروضة عليها في مقابل نيلها مساعدات. وتعتبَر مواصلة تقديم الأموال إلى اليونان في إطار خطة الإنقاذ رهن باستنتاجات هذه البعثة. وفي حال تمنع صندوق النقد الدولي ودول أوروبية عن المساهمة في خطة إنقاذ اليونان، قد تعلن اليونان إفلاسها في أواخر أيلول (سبتمبر) المقبل وخروجها من منطقة اليورو، ويعتقد خبراء أن الخسائر المالية التي ستتكبدها ألمانيا ستكون باهظة الثمن. وفيما ذكر الخبير الاقتصادي ماتياس كيلاس لصحيفة «دي فيلت» أمس أن ألمانيا ستخسر 45 بليون يورو على الأقل، هي حصتها في القروض التي حوِّلت في دفعتين إلى أثينا من خطة الإنقاذ، على أن يرتفع المبلغ إلى أعلى من ذلك في حال لم تتمكن دول مساهمة أخرى من الوفاء بالتزاماتها المالية، قدّر خبير مصرف «ديكا بنك» كارستن لوديمان لصحيفة «راينيشه بوست» الخسائر الإجمالية لألمانيا بنحو 83 بليون يورو.