تترقب الساحة السياسية في الجزائر تغييراً حكومياً وشيكاً يُحضّر له الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، في سياق تحركات للتعاطي مع حال احتقان تشهدها البلاد على الصعيدين السياسي والاجتماعي. وبعد قرارات كثيرة تم اتخاذها على صعيد الجبهة الاجتماعية، أفيد بأن الرئاسة تدرس اللجوء إلى تغيير حكومي عميق، تردد أنه ربما يطاول شخصيات بارزة بينها الوزير الأول أحمد أويحيى. وتفيد أوساط قريبة من «التحالف الرئاسي» الذي يضم أحزاب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديموقراطي وحركة مجتمع السلم، بأن تحضيرات تتم لإجراء «حركة تغييرات عميقة» ربما تُعلن بداية الشهر المقبل، في إطار جهود الرئيس الجزائري للتصدي لحال الاحتقان السياسي والاجتماعي في البلاد. وقالت هذه الأوساط ل «الحياة» إن هناك حالة إجماع عامة على ضرورة إحداث تغيير سريع يطاول قطاعات كانت من أسباب التململ الشعبي الذي عبّر عن نفسه في احتجاجات في الشارع. وليس من عادة الرئيس بوتفليقة إجراء تعديل حكومي تحت الضغط، لكن يُعتقد أنه يرى أن الوقت مناسب - بعد مرور قرابة شهر من هدوء الاضطرابات الاجتماعية - لإجراء «عملية جراحية» تطاول حكومة أويحيى. وتسري تكهنات بأن حكومة جديدة أو الحكومة الحالية نفسها مع بعض التغييرات عليها ربما ستوكل إليها مهمة إجراء انتخابات برلمانية مسبقة لامتصاص حال السخط على المجلس التشريعي الحالي. ويقول مراقبون إن تسريب الأنباء عن التعديل الحكومي المزمع قد يكون «بالون اختبار» لقياس ردود الفعل عليه. وبرز إلى الساحة إسم يوسف يوسفي، وزير الطاقة والمناجم الحالي، كمرشح لخلافة أويحيى في حال قرر بوتفليقة الاستغناء عنه. وعُيّن أحمد أويحيى، الذي ينتمي إلى التجمع الوطني الديموقراطي، رئيساً للحكومة في حزيران (يونيو) 2008 خلفاً للأمين العام لجبهة التحرير الوطني عبدالعزيز بلخادم. وأشرفت حكومته على مرافقة تعديل الدستور ورئاسيات 2009 الذي أتاح لبوتفليقة الترشح لولاية ثالثة. وكان واضحاً أن الرئيس الجزائري مارس سياسة تدرّج في التعاطي مع حالة غليان الشارع في بداية الشهر الجاري. فقد تفاعلت الحكومة فوراً مع الصعود المفاجئ لأسعار المواد الغذائية الأكثر استهلاكاً في البلاد، وكان تدخل الحكومة فرصة لكسر احتكار شركات كبرى لبعض السلع، ثم تحولت إلى المجالس المحلية المنتخبة وتعددت رسائل وزارة الداخلية للولايات تأمرهم بضرورة استقبال المواطنين في شكل يومي وتفادي اتخاذ أي قرارات قد تعيد الغضب إلى الشارع، وذلك من خلال منع إصدار قرارات بهدم مباني الصفيح المشيّدة خارج الأطر القانونية أو تنفيذ قرارات طرد من السكنات بقوة القانون. ويقول مراقبون إن عدداً كبيراً من الوزراء في الحكومة الحالية يُنظر إليهم على أنهم غير قادرين على مواكبة الأحداث في الشارع الجزائري. ويحاول بوتفليقة تجاوز سخط أوساط في المجتمع على سياسة التشغيل في البلاد، وآليات توزيع السكن، والتصرف في القروض البنكية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. كما أن عدداً من الوزراء طلب إعفاءه منذ فترة بسبب عوائق صحية، وينطبق هذا الأمر على وزير المال كريم جودي ووزير العدل الطيب بلعيز.