عيّن الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة وزير العدل الطيب بلعيز على رأس المجلس الدستوري، في قرار مفاجئ جاء بعد تداول إسمي عبدالقادر بن صالح رئيس مجلس الأمة وميسوم سبيح سفير الجزائر في فرنسا كمرشحين محتملين لرئاسة المجلس الدستوري. وأعلنت الرئاسة الجزائرية، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، أن بوتفليقة أصدر مرسوماً رئاسياً يقضي بتعيين الطيب بلعيز رئيساً للمجلس الدستوري خلفاً لبوعلام بسايح. ولم يحدد بيان الرئاسة من هو خليفة بلعيز على رأس وزارة العدل، على رغم أن الترشيحات تتحدث عن إمكان تولي وزير العمل الطيب لوح المنصب. ويعني ذلك أن بوتفليقة يتجه نحو تعديل جزئي في الحكومة قبل الانتخابات التشريعية المقررة في 10 أيار (مايو) المقبل. وتجادل رجال قانون لأسابيع طويلة حول قانونية شغل بوعلام بسايح رئاسة المجلس الدستوري على رغم انتهاء ولايته منذ أيلول (سبتمبر) الماضي. وقال قانونيون إن بقاء بسايح في منصبه منذ العام الماضي يشير إلى «عدم استقرار مؤسساتي» في البلاد. ولم يكن كثيرون من السياسيين يرشحون الطيب بلعيز للمنصب. لكن الأخير معروف بأنه من «رجال الثقة» ضمن «الدائرة الضيقة» التي تحظى بتفويض مطلق من بوتفليقة على رأس قطاعه. وترددت تكهنات بأن تعيين بلعيز في المنصب الدستوري المهم يدخل ضمن حسابات الرئيس بوتفليقة للانتخابات الرئاسية لعام 2014، على نحو قد يتيح له تعبيد الطريق بأقل كلفة أمام من يختاره ليكون خليفة محتملاً له على رأس البلاد. وما يزيد في هذا الاحتمال أن الرئيس الذي سيبادر بملف التعديل الدستوري بعد انتخاب تشكيلة البرلمان الجديد، في أيار (مايو) المقبل، سيحتاج إلى خدمات المجلس الدستوري بتركيبته الجديدة لتمرير المقترحات التي يريد بوتفليقة وضعها في الدستور، وفق تصورات مسبقة بأن البرلمان المقبل لن تكون فيه لجبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديموقراطي غالبية «مريحة» في ظل ترشيح حصول التيار الإسلامي على نسبة أكبر في المجلس الشعبي الجديد. وسابقاً طُرحت أسماء عدة منها عبدالقادر بن صالح وميسوم سبيح سفير الجزائر في فرنسا، لتولي منصب رئيس المجلس الدستوري. ومع إلغاء فكرة تعيين بن صالح لهذا المنصب تكون السلطة، على الأرجح، سحبت من أجندتها احتمال إلغاء مجلس الأمة في التعديل الدستوري المقبل، ذلك أن مجلس الأمة قد يشكّل سلطة موازية للبرلمان الجديد المنتخب ويمكن أن يؤدي دور «التصدي» للنواب الجدد في حال أخرجت الإنتخابات التشريعية المقبلة غالبية ليست في حسابات السلطة التي تراهن على استمرار الغالبية في يدي الحزبين الأكبر حالياً وهما جبهة التحرير والتجمع الوطني الديموقراطي. ومعروف أن الدستور يحدد تركيبة المجلس الدستوري كالآتي: ثلاثة يعيّنهم رئيس الجمهورية ومن بينهم رئيس الهيئة، واثنان ينتخبهما المجلس الشعبي الوطني، واثنان ينتخبهما مجلس الأمة، وعضو تختاره المحكمة العليا، وعضو ينتخبه مجلس الدولة. وتقول الفقرة الثانية من المادة 146 من الدستور إن رئيس الجمهورية يعيّن رئيس المجلس الدستوري لفترة واحدة مدتها ست سنوات، حيث تم تعيين بوعلام بسايح على رأس المجلس الدستوري من طرف الرئيس بوتفليقة في أيلول (سبتمبر) 2005 خلفاً لمحمد بجاوي الذي انتهت عهدته. وترشّح دوائر سياسية الطيب لوح، وزير العمل والتضامن، وأحد القياديين البارزين في جبهة التحرير الوطني، لتولي حقيبة العدل التي شغرت بانتقال بلعيز إلى الدستوري. ويعني ذلك نضوج فكرة تعديل جزئي على الحكومة لن يطاول على الأرجح رأس الوزير الأول أحمد أويحيى الذي تتكفل حكومته بالإشراف على الانتخابات التشريعية وتنتهي مهمتها مع انتخاب البرلمان الجديد بعد شهر ونصف الشهر.