أكدت نتائج جزئية رسمية للانتخابات الليبية، أن قائمة تحالف القوى الوطنية الذي يرأسه الدكتور محمود جبريل، حققت تقدماً كبيراً في عدد من مراكز الاقتراع في العاصمة طرابلس وعدد من المناطق الأخرى، في تأكيد لمعلومات أولية ظهرت الأحد وأكدت أن هذا التحالف الذي يوصف بأنه يضم ليبراليين، هَزَمَ الأحزاب الإسلامية وعلى رأسها حزب العدالة والبناء الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين وحزب الوطن بزعامة الجهادي عبدالحكيم بلحاج. لكن حزب الإخوان المسلمين قال إنه يتوقع أن يُحقق المرشحون المحسوبون عليه في القوائم الفردية نتائج جيدة، مقراً بذلك بعدم فوزه في القوائم الحزبية. وأعلن نوري العبار رئيس المفوضية الوطنية العليا لانتخابات المؤتمر الوطني العام في مؤتمر صحافي في طرابلس بعد ظهر أمس، أن النتائج الأولية للانتخابات في بعض الدوائر الانتخابية، خصوصاً في طرابلس، أظهرت تقدماً كبيراً للتحالف الذي يقوده الدكتور جبريل الذي شغل منصب رئيس حكومة المجلس الوطني الانتقالي خلال الثورة على نظام العقيد الراحل معمر القذافي العام الماضي. وقال العبار إن تحالف جبريل جاء في المقدمة وبفارق كبير عن منافسيه في عدد من دوائر مدينة طرابلس، مثل حي جنزور الراقي غرب العاصمة الليبية. وكانت معلومات سابقة أشارت إلى أن تحالف جبريل اكتسح أيضاً دائرة أبو سليم بنحو 90 في المئة من أصوات الناخبين. أما في مصراتة، ثالث أكبر المدن الليبية بعد طرابلس وبنغازي، فقد تقدمت قائمة الاتحاد من أجل الوطن، وتلاها حزب العدالة والبناء (الإخوان). وفي مدينة زليتن أيضاً إلى الغرب من مصراتة، فقد سُجّل تقدم لتحالف القوى الوطنية بقيادة جبريل، الذي حقق أكثر من 19 ألف صوت مكتسحاً منافسيه جميعاً. وحل بعد التحالف في زليتن حزب الإخوان، ولكن بنحو خمسة آلاف صوت فقط، في حين نال حزب الوطن أكثر من ألفين بقليل. وذكرت وكالة «فرانس برس» أن فرز بطاقات الانتخابات قد يستمر أربعة أو خمسة أيام أخرى وأن المؤشرات الأولى تؤكد فوز الليبراليين على الإسلاميين. وأعلنت مفوضية الانتخابات أنها ستبدأ إعلان النتائج الأولية في الدوائر ال 13 الكبرى أولاً بأول مع الانتهاء من فرز الاصوات فيها. وتُرسل صناديق الاقتراع جواً من مختلف انحاء البلاد الى مطار معيتيقة في طرابلس حيث يتم التحقق من فرز الاصوات الذي تم في مراكز اقتراع قبل اعتماد النتائج. وعلى رغم اعمال عنف وتخريب ارتكبها ناشطون من أنصار النظام الفيديرالي في شرق البلاد، تخطى الليبيون بنجاح أول انتخابات حرة بعد عقود من ديكتاتورية نظام معمر القذافي. وفي كلمة ألقاها مساء الأحد، دعا زعيم تحالف القوى الوطنية محمود جبريل كل الأحزاب إلى الوحدة. وقال «نوجه نداء صادقاً من أجل حوار وطني بهدف ان نتوحد جميعاً (...) تحت راية واحدة للتوصل الى تسوية، إلى توافق يمكن على أساسه صياغة الدستور وتشكيل حكومة جديدة». وقال رئيس حكومة المجلس الوطني الانتقالي سابقاً إن «في انتخابات الأمس (السبت)، لم يكن هناك خاسر ولا منتصر (...) إن ليبيا هي المنتصر الوحيد والحقيقي في هذه الانتخابات». وأدلى جبريل بهذه التصريحات الأحد في مؤتمر صحافي بعد ساعات من اعلان فيصل الكريكشي الأمين العام لتحالف القوى الوطنية، أن «التقارير الاولية تشير الى تقدم الائتلاف في معظم الدوائر الانتخابية». وقبله بقليل اقر محمد صوان، زعيم حزب العدالة والبناء الاسلامي المنبثق من تيار الإخوان المسلمين، في وقت سابق ب «تقدم واضح» في طرابلس وبنغازي لتحالف القوى الوطنية الذي يضم اكثر من ستين حزباً صغيراً. غير ان جبريل قال إن حزبه يريد أن «يلزم الصمت» في انتظار النتائج الرسمية التي ستعلنها المفوضية الانتخابية. ورفض جبريل وصف تحالف القوى الوطنية الذي يتزعمه بأنه تحالف علماني وليبرالي، قائلاً إن الالتزام بمبادئ الشريعة الاسلامية أحد مبادئه الرئيسية، وهو تصريح يمكن ان يسهل جهود اقامة علاقات مع الاحزاب الاسلامية. وقال علي رومة السباعي رئيس حزب الأصالة الاسلامي السلفي ل «رويترز»، إن الباب مفتوح للحوار الآن بين كل الليبيين لكن أي اتفاق سيكون غير ممكن بدون معرفة ما هو مطروح على الطاولة. وصرح بأن جماعته لا تساوم على مبادئها. بينما قال حزب الوطن الإسلامي بزعامة القائد السابق لمقاتلي المعارضة عبدالحكيم بلحاج إنه يدرس الدعوة إلى الحوار مع التيارات الأخرى. وإذا شُكّل ائتلاف كبير على هذا النحو فإنه سيهيمن بشكل حتمي على المؤتمر الوطني الجديد المؤلف من 200 عضو منهم 80 لقوائم الأحزاب و120 للمرشحين على قوائم الأفراد. وعلّق حزب العدالة والبناء مساء الأحد على التسريبات عن نتائج الانتخابات بقوله إن النتائج التي تم إعلانها في بعض الدوائر ليست رسمية و «تُعتبر أولية ولا تعكس بالضرورة النتائج النهائية». وأوضح في بيان أنه شارك «في 19 قائمة من أصل 20، وتعتبر النتائج الأولية للحزب في انتخابات القوائم جيدة، وهي قريبة من توقعاته، بحسب ما تم فرزه وأعلن عنه». لكنه أضاف أنه «بالنسبة للمقاعد الفردية، فإن حزب العدالة والبناء يتوقع أن تكون حصته فيها مرضية». ويبلغ عدد المقاعد الفردية في المؤتمر الوطني 120 مقعداً. وفي نيويورك، قال رئيس بعثة الأممالمتحدة في ليبيا إيان مارتن إن «أولوية الناخب الليبي هي الأمن»، مشدداً على أن تطلعات المواطنين في ليبيا يتقدمها «استقرار الأمن وزيادة فعالية الأجهزة الأمنية والجيش والشرطة وتوحيد مرجعياتها ومؤسساتها». وأشاد مارتن في مؤتمر صحافي في مقر الأممالمتحدة عبر الفيديو من طرابلس بالعملية الانتخابية في ليبيا، مشيراً إلى أن «أكثر من 10 آلاف مراقب محلي شاركوا في مراقبتها إضافة الى الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي ومركز كارتر ومنظمات أخرى». وقال إن التقويم العام للعملية الانتخابية كان إيجابياً وإن «الشعب الليبي تغمره مشاعر الفخر بإنجاز الانتخابات»، مشدداً على «استمرار بعثة الأممالمتحدة في تقديم المساعدة التي يطلبها الليبيون». على صعيد آخر، دمّر مجهولون ضريح الصحابي زهير بن قيس البلاوي، أحد ثلاثة عشر ضريحاً موجودة في مسجد الصحابة في مدينة درنة بشرق ليبيا. وذكرت وكالة الأنباء الليبية أن «حالة من الغضب والاستياء تعم المدينة».