بدأت عملية فرز الأصوات في انتخابات المؤتمر الوطني العام في ليبيا بعد يومين من التصويت في عرس انتخابي يعيشه الليبيون لأول مرة منذ أكثر من نصف قرن، وأفادت المؤشرات الأولية بتقدم الليبراليين على الإسلاميين وهو ما بدا مفاجئاً. وشابت العملية الانتخابية خروقات تمثلت في احتجاجات الشرق الليبي على عدد مقاعد البرلمان الممنوحة لهم مما أدى إلى عدم تمكن أكثر من مائة مركز اقتراع من فتح أبوابها أمام المواطنين. وفي مدينة بنغازي، اقتحم محتجون مقرات انتخابية وحرقوا المئات من أوراق الاقتراع، كما ذكرت السلطات أن مسلحين منعوا ناخبين من دخول مراكز الاقتراع في مدينة راس لانوف الساحلية النفطية في شرق البلاد، ورغم ذلك فإن العملية الانتخابية سارت على ما يرام في أغلب أرجاء ليبيا وسط إقبال كبير من الناخبين. في السياق ذاته، أشاد مراقبون دوليون بينهم السيناتور الأمريكي جون ماكين بالأجواء الانتخابية رغم الصعوبات الأمنية، وأكّد رئيس مفوضية الانتخابات، نوري العبار، أن عدد الليبيين الذين أدلوا بأصواتهم تجاوز المليون و200 ألف ناخب في مختلف المراكز الانتخابية في البلاد. وقال العبار إن 94 % من مراكز الاقتراع على مستوى ليبيا فتحت أبوابها أمام الناخبين لاختيار مرشحيهم للمؤتمر الوطني، مشيرا إلى أن 1453 مركزاً للاقتراع من أصل 1550 باشر خلال اليومين الماضيين استقبال الناخبين على مستوى كافة الدوائر الانتخابية في ليبيا. كما أشاد الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالانتخابات التشريعية في ليبيا، معتبرا إياها “خطوة مهمة أخرى” في انتقال البلاد نحو الديمقراطية، وأكد أوباما في بيان صادر عنه مساء أمس الأول “باسم الشعب الأمريكي، أهنئ شعب ليبيا على تحقيق خطوة مهمة أخرى في انتقالهم الرائع نحو الديمقراطية”. وتابع قائلا “بعد أكثر من أربعين عاما كانت ليبيا خلالها تحت قبضة الديكتاتورية، تظهر الانتخابات التاريخية التي جرت اليوم لتثبت أن مستقبل ليبيا بين أيدي شعبها”. هذا ورحبت بريطانيا اليوم الأحد بالانتخابات الليبية، وقالت على لسان وزير خارجيتها وليام هيج “لأول مرة منذ 42 عاما يمارس الشعب الليبي حقه الديمقراطي في اختيار زعمائه وهى خطوة مهمة نحو الحرية والمسؤولية”، وأضاف “أهنئ السلطات الليبية على استعداداتهم السريعة التي دعمتها جهود مهمة دعم الأممالمتحدة في ليبيا لتنظيم هذه الانتخابات في مثل هذا الوقت القصير منذ سقوط القذافي”. وفي سياق آخر أقر إسلاميو ليبيا أمس أن التقارير الأولية لعمليات فرز الأصوات في انتخابات المؤتمر الوطني العام التي جرت السبت، تشير إلى تقدم واضح لليبراليين، خصوصًا في العاصمة طرابلس، وبنغازي، فيما أكد مراقبون للانتخابات أن الليبراليين يحققون تقدمًا ساحقًا. وكان الليبراليون في وقت سابق من أمس الأحد أعلنوا أنهم يتقدمون حسب النتائج الأولية لفرز الأصوات، وقال زعيم أبرز حزب إسلامي في ليبيا إن الليبراليين سجلوا تقدما واضحا في مدينتي طرابلس وبنغازي، وأكد محمد صوان، زعيم حزب العدالة والبناء الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، بعد ساعات من بدء عملية فرز الأصوات، إن تحالف القوى الوطنية بزعامة محمود جبريل حقق نتائج جيدة في بعض المدن، و في حالة فوز الليبراليين بأغلبية مريحة في البرلمان فإن ليبيا ستكون الوحيدة من بلدان الربيع العربي التي لم يصل فيها الإسلاميون إلى سدة الحكم. يأتي هذا بينما تتواصل عملية فرز الأصوات في أول انتخابات تشهدها ليبيا منذ خمسة عقود لانتخاب أعضاء المؤتمر الوطني العام، في وقت أعلنت فيه المفوضية العليا للانتخابات أن نسبة المشاركة بلغت 60 %، وأن إعلان النتائج رسميا سيكون نهاية الأسبوع. وسيحل المؤتمر الوطني العام بعد انتخابه محل المجلس الوطني الانتقالي الليبي، وهو الهيئة التشريعية المؤقتة التي أسست بعد أيام من بدء ثورة 17 فبراير، وسيتولى المؤتمر الوطني مسؤولية تسمية رئيس وزراء جديد واختيار هيئة لصياغة مسودة الدستور تقوم بتقديم مشروع الدستور وتشرف على الاستفتاء الشعبي عليها.