قال مصدر ديبلوماسي فرنسي إن زيارة الرئيس اللبناني ميشال سليمان باريس بعد غدٍ تأتي بعد إعادة تأكيد الإدارة الفرنسية الجديدة التزامات فرنسا حيال لبنان ودور قوات الأممالمتحدة العاملة في جنوبه واستقلال البلد وسيادته ودعم الجيش اللبناني والمؤسسات اللبنانية. وذكر المصدر أن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند سيقيم مساء الخميس المقبل عشاء خاصاً و «محصوراً» على شرف سليمان، يحضره عدد من الأصدقاء وتستكمل خلاله المحادثات. وشدد المصدر على أن الرئيس هولاند والحكومة الفرنسية الجديدة لن يغيرا في سياسة باريس حيال الشرق الأوسط ولبنان، الذي تلتزم هذه السياسة بقوة باستقلاله وسيادته وأمنه واستقراره. وأضاف: «لبنان موجود في ذهن هولاند ووزير الخارجية لوران فابيوس وفي كل المواقف التي يدليان بها خلال محادثاتهما ولقاءاتهما، ولا حاجة لتذكيرهما بالتزامنا حياله كبلد يمكن أن يتعرض لمخاطر، من أن تفيض أزمات المنطقة عن حدوده، لا سيما الأزمة السورية، وهما يذكّران على الدوام بالتزامنا بدور «يونيفيل» وأمن لبنان وبوجوب عودة سيادته على أرضه». وأوضح المصدر أن دور «يونيفيل» في الجنوب يتعدى حفظ الأمن في الجنوب وتحقيق الانتشار وفق القرار الدولي الرقم 1701، الى «تمكين الجيش من ذلك عبر التدريب وتقديم المساعدة له ليتمكن من بسط سيادة الدولة على الأراضي اللبنانية فضلاً عن البعد الاقتصادي الاجتماعي لمساعداتنا لجهة التمويل ودعم الاستثمارات الصغيرة وتأهيل الكهرباء والقطاع الزراعي». وأشار المصدر إلى أن بلاده «تقوم بتطبيق التزاماتها حيال لبنان عبر التحدث الى جميع الفرقاء من دون استثناء في وقت لا يتحدث جميع الفرقاء بعضهم مع بعض، ونحن لا نكتفي بالتواصل مع لبنان في ظل تنوعه السياسي بل نتواصل مع المناطق اللبنانية كافة، خصوصاً أن لدينا في بعضها مؤسسات تعمل، كما اننا ندعم المؤسسات اللبنانية وقيامها بدورها ونخوض حواراً معها». دعم فرنسي لتقوية الدولة وأكد المصدر أن السفير في بيروت باتريس باولي «يسعى الى تأكيد الالتزام الفرنسي المتجدد عبر الاتصال الهاتفي الذي جرى بين الرئيس هولاند والرئيس سليمان واتصال فابيوس برئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وهمنا تأكيد دعم عملية تقوية الدولة، ونبعث في اللقاءات والاتصالات كافة حرْصَنا على مساندة الجيش والاقتصاد في لبنان، وعلى أن تتمكن العدالة والمحاكم من القيام بواجبها بحيث لا تحصل عملية الإفلات من العقاب». وكرر المصدر امتداح مبادرات الرئيس سليمان لتجديد الحوار كأفضل وسيلة لخفض التوتر بعد أحداث طرابلس وعكار وخطف اللبنانيين في سورية، «ونحرص على أن تتم زيارة رئيس الجمهورية باريس بعد إعادة تأكيد التزاماتنا تجاه لبنان لتكرار رسائلنا الداعمة وإعطاء دفع ليقوم الجيش بدوره الكامل، وأن يتزامن الحرص على الأمن مع إجراءات عملية». وتابع المصدر الديبلوماسي الفرنسي: «نفهم عوامل التصعيد في الوضع اللبناني، ويهمنا أن يكون النازحون السوريون الكثر في لبنان في وضع آمن، وألاّ تتم إعادتهم عبر الحدود. ويهمنا أيضاً أن يدرك الجميع بقاء فرنسا على التزامها كاملاً حيال وحداتها العاملة في «يونيفيل»، إن تجاه لبنان أو المجتمع الدولي، ونطلب من السلطات اللبنانية أن تضمن بإجراءاتها أمْنَ تنقل «يونيفيل» خارج منطقة عملياتها». وعن المخاوف من أن تفيض التوترات في المنطقة على الجبهة الجنوبية حيث تهدد إسرائيل بين الفينة والأخرى لبنان، قال المصدر الديبلوماسي: «نحن نقول لجميع الأطراف الخارجيين إننا حريصون على عدم المسّ بأمن لبنان واستقراره. حصل ذلك خلال لقاء الرئيس هولاند مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ورؤيتنا نتقاسمها مع الآخرين ونقول أيضاً للإسرائيليين إنه يجب الحؤول دون أن يكون لبنان جزءاً من التوتر الذي تعيشه المنطقة. ونحن ندرك ونقرّ بأن الوضع في المنطقة وبالتالي لبنان في حال خطر قصوى». وأضاف: «نقوم بما نستطيع كي لا تفيض الأزمة السورية وغيرُها نحوَه، ونرغب بهدوء أمني على رغم الخروقات التي تحصل للحدود». وإذ أكد المصدر أن فكرة قيام منطقة عازلة أو ممر آمن في لبنان في ما يخص الأزمة السورية غير مطروحة، نفى أن يكون هناك تفكير بأن تلعب قوات الأممالمتحدة دوراً في شمال لبنان إزاء التوتر الذي يسود الحدود. وقال: «نحن لم نتحدث أبداً عن منطقة عازلة أو ممرات آمنة، بل عن حماية المدنيين في سورية، وهناك وسائل عديدة للقيام بذلك». وتابع: «نحن مع حل سياسي في سورية ورفضنا عسكرة النزاع منذ البداية، وندعم عملية انتقال سياسي تسمح للشعب السوري بأن يحدد تطلعاته، ونرى أن هذا الحل كان موجوداً في خطة الجامعة العربية ثم في خطة المبعوث الدولي العربي كوفي أنان. ونأمل الآن أن يتم اللجوء الى الفصل السابع في مجلس الأمن من أجل تأمين إسناد خطة أنان في إطار الحل السياسي الذي ندعمه والذي تبنته مجموعة العمل من أجل سورية في جنيف». وشرح المصدر موقف بلاده من مصير الرئيس السوري بشار الأسد والاختلاف مع الموقف الروسي في شأنه، قائلاً: «الروس لا يريدون استثناء أحد من عملية الانتقال السياسي ونحن نقول إن هناك فئة استبعدت نفسها عبر السلوك الذي مارسته وارتكابها أعمال العنف. والوزير فابيوس كان واضحاً في تفسيره ما تقرَّرَ في جنيف، أيْ استبعاد بشار الأسد من العملية». وأوضح رداً على سؤال حول صعوبة التوصل الى حل في هذه الحالة وفي ظل موقف موسكو، أن الروس «يبحثون عن وسائل للحل ولم يجدوها، مثلنا. ولا أعرف إذا كان لدى الروس قدرة على دفع الحكم السوري الى القيام بخطوات معينة أو فرْضِها عليه. هم يبحثون عن صيغة لعملية الانتقال السياسي وهم قلقون من الوضع في حال حصلت فوضى وعملية انتقال غير منظم للسلطة، ولا نستطيع الدخول في تكهنات حول ما يقال عن الحاجة الى صفقة بينهم وبين الأميركيين وقلقهم من صعود الإسلاميين». وشدد على أن فرنسا تؤيد المساعدة الإنسانية للشعب السوري «والبحث هو في كيفية إيصالها، أما بالنسبة الى أي عمل عسكري فهذا يفترض أن يتم في إطار الشرعية الدولية». وعن مدى استعداد فرنسا للتفاوض مع إيران حول وضع سورية في ظل ما نشر عن أن طهران طرحت البحث بالأمر خلال مفاوضات 5+1 معها، أجاب المصدر: «في السابق وعام 2010 كنا على استعداد لبحث دور إيران الإقليمي، لكن الآن نرى بحث الملف النووي فقط، ونعارض المزج بين الملفات، لأننا نريد التزاماً بالقرارات الدولية واحتراماً لها ونركز على هذا الملف لأنه جوهر القضية». لا اختلاف في ادارة الملف السوري وإذ شدد على استنكار الخروق السورية للحدود اللبنانية، أكد أن لا اختلاف في سياسة إدارة هولاند عن الإدارة السابقة في الملف السوري، «واعتبرنا السفيرة السورية في باريس شخصاً غير مرغوب فيه بعد أن انتخب هولاند لا قبل ذلك، ليس لأن الموقف تغير، بل لأن مجازر أكثر حصلت وعنفاً أكبر، ولأنه كانت هناك روزنامة لخطواتنا وربما اللهجة اختلفت». وعن الحوار مع «حزب الله»، قال المصدر إن الديبلوماسية الفرنسية تلتقي مسؤوليه في إطار سياستها التواصل مع الجميع، «ونحن نشدد مع جميع الفرقاء على أهمية السيادة اللبنانية وسيادة الدولة وأن يفكر الجميع كلبنانيين بمصلحة لبنان، ونحن نلمس لدى الجميع شعوراً بالخطر على لبنان. وليس لدينا رسائل خاصة للحزب ونبلغ كل الأطراف الموقف نفسه. وهناك أطراف يقولون لنا إن الحوار في لبنان لن يؤدي الى نتيجة، وأطراف آخرون يؤيدون حصوله، ونحن مع الحوار». وعن أسباب الحوادث في الشمال وعكار، قال المصدر الديبلوماسي الفرنسي إنها «سياسية، فضلاً عن حالة الإحباط الاقتصادي والاجتماعي الذي يفوق ذلك الموجود في الجنوب الآن، حيث هناك بعض المال الذي ينفق». وأضاف: «وإلى الإحباط، هناك ربما شعور بغياب العدالة وهذا يخلف انطباعاً بأن لا ثقة بالمؤسسات، ولعلّ النقاط ال17 التي وردت في إعلان بعبدا هدفها إحياء عمل المؤسسات». وعن ارتباط الأحداث في الشمال وغيره بالخارج، قال المصدر: «هناك روابط تاريخية في لبنان مع الخارج وكثيراً ما حاول اللبنانيون اللجوء الى الخارج ولديهم تحالفات وصداقات، وهذا يتسبب بحال استقطاب وهناك جمهور مستعد لممارسة رد الفعل». وعن العلاقة مع الحكومة في ظل حملة فرقاء عليها، قال: «لا نتدخل في تغيير أو عدم تغيير الحكومة. نشجع الحكومة على العمل لتنشيط المؤسسات ونناقش معها كيفية تطور العلاقات والأهداف المشتركة». وأكد دعم إجراء الانتخابات النيابية في موعدها و «بشفافية».