نعم، أعترف... كنت لاعبة في الفريق الأول لكرة السلة في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة من العام 1998 وحتى 2002، ثم بدأت ودربت أول فريق كرة سلة نسائي في «أرامكو» (بنات الشرقية في عامي 2006 و 2007). كان لدينا في جامعتنا نادٍ للأنشطة الرياضية، مارسنا فيه كرة السلة، وكرة الطائرة، وكرة اليد، وركوب الدراجات، والكاراتيه، وكله بالسر خوفاً من إيقاف أنشطة النادي الرياضي «الممنوعة عرفاً لا قانوناً». مدرباتنا، وسأذكر منهن باعتزاز والكثير من الإمتنان «إيمان قاري، أمينة النهدي، مها هشام»، كن طالبات جامعيات مثلنا، وكن يمارسن التدريب كهواية... أدين لتلك السنين حفاظي على لياقتي البدنية وصحتي حتى بعد إنجابي لطفلي، إذ أصبحت الرياضة عادة حميدة لم تنقطع حتى بعد تخرجي. لم نكن نحصل على الدعم من رعاية الشباب، فهي محصورة على الشباب فقط، كما في اسمها. وحتى اليوم لا يوجد أي اتحادات رياضية تنظم رياضة المرأة في السعودية، ولا يوجد رياضة في مدارس البنات، يستثنى من ذلك بعض المدارس الأهلية، كما أن البلديات لا تمنح أي تراخيص للأندية الرياضية النسائية، أو حتى الصالات الرياضية النسائية، ما جعل أصحابها يفتحونها تحت مسمى مركز للعلاج الطبيعي أو الصحي، وتكون ملحقة بالمشاغل وصوالين التجميل. بعد هذا السرد المختصر لوضع الرياضة النسائية في السعودية، يجعل المراقب يستغرب من إعلان السفارة السعودية في لندن يوم 24 حزيران (يونيو) الماضي بالسماح للنساء السعوديات بالمشاركة في أولمبياد لندن 2012... والسؤل الملح هنا «من أين سنأتي برياضيات ينافسن على العالمية إذا لم يكن هناك محلية؟»، و«لماذا يأتي التصريح قبل شهر واحد تقريباً من أولمبياد لندن التي ستبدأ فعالياتها في 27 تموز (يوليو) الجاري؟». لنفهم ملابسات التصريح المفاجئ، لنرجع قليلاً للوراء، ظلت السعودية وقطر وبروناي الدول الوحيدة، من بين 205 دول مسجلة في اللجنة الأولمبية، التي لم ترسل يوماً رياضيات نساء للأولمبياد، لكن رئيسة اللجنة النسائية باللجنة الأولمبية الدولية أنيتا ديفرانتز، صرحت سابقاً بأنه سيتم استبعاد أي دولة لا تسمح للنساء بالمشاركة في الأولمبياد المقبلة، لأن في ذلك انتهاكاً لميثاق اللجنة الأولمبية الدولية، الذي ينص على عدم التمييز بين النساء والرجال. نتفهم كون بروناي دولة صغيرة، يبلغ تعداد سكانها 400 ألف، ومنذ أول مشاركة لها عام 1988 لم ترسل أكثر من رياضي واحد كل مرة. ثم قطر التي بدأت باتخاذ خطوات على أرض الواقع لخلق بيئة تشجع على الرياضة النسائية، فأنشأت اللجنة الرياضية للمرأة في عام 2001، وأعلنت في عام 2010 عن نيتها إرسال رياضيات في الرماية والمبارزة لأولمبياد لندن. ما وضع المزيد من الضغط على الرئاسة العامة لرعاية الشباب في السعودية لإرسال رياضيات سعوديات. فتناقلت وسائل الإعلام في تشرين الثاني (نوفمبر) 2011 خبر السماح للمرأة بالمشاركة في الأولمبياد، ثم سارع الرئيس العام لرعاية الشباب ورئيس اللجنة الأولمبية الأمير نواف بن فيصل بنفي الخبر، ثم تعود وتعلن سفارتنا في لندن عن السماح، هكذا بلا مقدمات ولا استعداد! في موقف تاريخي طريف يحتاج فيه الرجل السعودي وللمرة الأولى، للمرأة السعودية ليكون له حضور في العالمية! لم يمنع كل هذا أن تفوز الفارسة السعودية دلما ملحس، ذات ال«18» ربيعاً، بميدالية برونزية في أولمبياد الشباب بسنغافورة عام 2010، لتكون أول سعودية تشارك في مسابقة رياضية عالمية، وأول خليجية تحرز ميدالية أولمبية. ليكرمها خادم الحرمين الشريفين على هذا الإنجاز غير المدعوم من رعاية الشباب! [email protected] @manal_alsharif