يجلس أبو كريم على كرسي بسيط أمام بضاعته التي نثرها على الرصيف في شكل لافت في منطقة المنصور التي باتت تكتظ بباعة البسطات الذين يعرضون بضاعتهم في الشارع. أبو كريم الذي يتذمر كلما سمع بتحرك حكومي لإزالة البسطات من شوارع بغداد لا يجد عملاً آخر لكسب الرزق، فهذه المهنة باتت تستقطب العاطلين والباحثين عن فرص العمل. ويدعو من يطالبه بالتوقف عن بيع البضائع على الأرصفة بتوفير فرص عمل له أولاً، ويتمتم المثل العراقي «لا يرحمون ولا يخلون رحمة الله تنزل». ينتشر في شوارع بغداد العديد من الباعة الذين يتخذون من أرصفة الشوارع مكاناً لعرض بضائعهم من الألبسة والأدوات المنزلية والخضر والفواكه. ففي مناطق الكرادة والمنصور وبغداد الجديدة تكون البضائع الرائجة على الأرصفة الملابس والأدوات المنزلية، فيما تكون المواد الغذائية والخضر البضائع الرئيسة المعروضة في منطقة البياع بغرب بغداد. ويشرح الطالب خالد سعيد أسباب امتهان هذه المهنة بقوله إن «غياب فرص العمل خصوصاً بين الطلاب المحتاجين يجبرنا على امتهان هذه المهنة التي لا تحتاج إلى رأس مال كبير». ويضيف أن «العمل في بسطة على الأرصفة لا يكلف دفع إيجارات كما هي الحال في المحال التجارية التي غالباً ما تكون بدلات إيجاراتها خيالية، فيما لا يتطلب إيجاد بسطة وعرض البضائع فيها مبالغ كبيرة». وما يميز البسطات عن المحال التجارية أن أسعار البضائع في البسطات أرخص بكثير منها في المحال بسبب التكلفة الإضافية التي يفرضها صاحب المحل على البضائع سواء من الملابس أو من الأدوات المنزلية بسبب كلفة إيجار المحل. وعلى رغم أن الأرصفة لا تعود ملكيتها إلى أحد، فإن المساحات على بعض الأرصفة «تباع» بين أصحاب البسطات بمبالغ كبيرة، فمثلاً في شارع الكرادة أحد أكثر شوارع بغداد التي تجتذب أصحاب البسطات والمارة والزبائن أيضاً، يصل سعر مترين من الرصيف إلى ثلاثة ملايين دينار. لكن أمانة بغداد والدوائر البدلية تشن حملات بين الحين والآخر على أصحاب البسطات بحجة أن منظرها يشوه شوارع العاصمة وأحياءها وأسواقها. ويقول الناطق الرسمي باسم أمانة بغداد حكيم عبد الزهرة إن «قرار أمانة بغداد في هذا الخصوص ليس الغرض منه قطع الأرزاق وإنما إعادة تجميل شوارع العاصمة وتأهيلها». ويضيف أن هناك العشرات من المشاريع الخدمية والبلدية المؤجلة بسبب التجاوزات على الأرصفة والأراضي التابعة للدولة بسبب انتشار الباعة المتجولين والبسطات غير النظامية.