في الأسبوع الماضي حفلت مواقع «الانترنت» بتداول بيان يحرض على الناس ويدعو إلى التعصب والمناطقية، عن طريق لمز منطقة بانتشار الإلحاد، وقعه مجموعة من المتشددين الذين يساورهم الشك في كل شيء، كأن الله سبحانه وتعالى اصطفاهم، وجعلهم خاصته وأطلعهم على نيّات البشر، فاستشفوها وتجرأوا بذلك على الناس، رجالاً ونساء، يحرضون ويستعدون السلطة لقتل الناس وسجنهم، ليرتوي ظمأهم المشبع بالحقد لكل من يخالفهم ويخرج عن الطاعة العمياء لتقديس شخصهم، وهذا ليس من سلوك الإسلام في شيء. وإذا كان الله سبحانه وتعالى على عزته وجلال قدره أعطى للبشر الحرية في دينهم فقال: (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)، فكيف بهؤلاء وهم بشر لا يفرقون عن غيرهم من البشر في شيء، يسمحون لأنفسهم بالحكم على غيرهم بناء على فكرهم وتفسيراتهم الشخصية، التي شوهوا بها الدين وضيقوه وتجاوزوا باسمه كل المحظورات التي نهى عنها، ومن أهمها تكفير الناس والتشكيك في دينهم، قال صلى الله عليه وسلم «من كَفّر مسلماً فقد كفر». ومن ينظر إلى حججهم يجدها أوهن من خيوط العنكبوت، لأنهم يجتزئون الكلمات ويفصلونها عن سياقها ويسقطونها على الكاتب، فهم وأتباعهم من المتطرفين الذين صنعوهم من الجهلاء من العامة لا يفهمون شيئاً في فقه اللغة، وسرعان ما تستهويهم شهوة الكيد والغدر وتحقيق هذا عن طريق البيانات، لتحقيق أهدافهم التي يعرفها كل مواطن عدا أتباعهم، معتقدين أن المواطنين لا يعرفون أن تنظيم القاعدة خرج من تحت عباءاتهم. إن كل المتطرفين المحاربين للدولة ومواطنيها لم يكونوا إلا نتاج فكرهم، ليتهم يتعظون بفعل ذلك التابعي الأواب «سليمان التيمي»، الذي أعجب أصحابه بصلاحه فقالوا له هنيئاً لك فكان جوابه: «لا تقولوا ذلك إني لا أدري ما يبدو لي يوم القيامة من ربي»، ثم تلا قوله تعالى: (وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون)؛ فهم حقيقة الأشياء لأنه لا يعلم المعايير التي يتقبل الله بها الأعمال، فلا يدري ماذا تكون، على رغم غزارة علمه وصلاحه، وقد قال قبله أبو بكر الصديق رضي الله عنه: «لا آمن لمكر الله ولو كانت إحدى قدمي في الجنة»، هذبهم الإسلام فشغلوا بمخاوف الذنوب على ما هم فيه من تقوى ولم يطمئنوا إلى صالح أعمالهم، وهؤلاء شغلوا بتدبير الفتن والوقيعة بين الناس ونسوا أنفسهم. ليتهم يعون ما قاله سماحة المفتي في رده على بيانهم. [email protected] @zainabghasib