تصاعدت حدة الخلافات بين الوقفين الشيعي والسني على خلفية محاولات لضم عدد من الجوامع إلى الوقف الشيعي، خصوصاً مرقد الإمامين العسكريين في سامراء، وسط مخاوف من صراع مذهبي نظراً إلى ما يمثله المرقد من حساسيات، بعد التفجير الذي تعرض له عام 2006. وقال نائب محافظ صلاح الدين احمد عبد الجبار في تصريح إلى «الحياة» أن «محاولة جرت قبل ايام من جهات سياسية (لم يسمها) لتحويل ملكية مرقد الإمامين العسكريين في سامراء من الوقف السني إلى الوقف الشيعي». ولفت إلى أن «موظفين كباراً قدموا من بغداد واقتحموا مبنى دائرة التسجيل العقاري في سامراء، وطالبوا الموظفين بتحويل ملكية المرقد إلى الوقف الشيعي وتم إحباط المحاولة بعد اتصالات أجرتها المحافظة مع رئيس الوزراء ومسؤولين آخرين». وزاد أن «الوقف الشيعي يعكف على توسيع مرقد الإمامين العسكريين على حساب عشرات المنازل التي يملكها سكان سامراء الذين يرفضون بيعها على رغم المبالغ الكبيرة التي عرضت عليهم». وأضاف أن «عدداً من سكان هذه المنازل يشتكون بشكل مستمر من مضايقات القوات الأمنية المنتشرة في محيط المرقد، بالإضافة إلى الضغوط التي تدفعهم إلى بيع منازلهم». وطالب «الحكومة الاتحادية بتسوية الخلاف بشكل سلمي». وتعرض عدد من الجوامع التابعة للوقف السني في عدد من المدن جنوب البلاد خلال الأيام الماضية لمحاولات تحويل ملكيتها إلى الوقف الشيعي، ما أثار ردود أفعال مستنكرة. وحذرت لجنة الأوقاف والشؤون الدينية في البرلمان من صراعات مذهبية على خلفية النزاع بين الوقفين حول عائدية بعض المراقد. وقال نائب رئيس لجنة الأوقاف النائب عزيز حافظ في اتصال مع «الحياة» امس أن «الصراع بين الوقفين على ملكية مراقد دينية وجوامع وحسينيات غير مقبول». وأشار إلى أن «تشكيل الأوقاف وفصلها عن بعض يعزز النعرات الطائفية في البلاد». ولفت إلى انه «بعد تشكيل الوقفين السني والشيعي جرت خلافات شديدة حول تحديد عائدية المراقد الدينية وهل تكون على أساس المذهب أم على أساس المنطقة». وأوضح أن «كلا المبدأين يطبقان الآن ويثيران نزاعات كثيرة قد تنعكس على الشارع». وأشار إلى أن «مرقد العسكريين من اكثر المراقد المتنازع عليها إذ انه يقع في منطقة سنية لكن الوقف الشيعي يصر على إدارته». وزاد أن «هناك مخاوف من اندلاع صراع طائفي على خلفية التوسع الذي من المقرر أن يجري للمرقد ويتطلب هدم منازل سكنية لأهالي سامراء ، بالإضافة إلى رغبة الوقف الشيعي في ضم المرقد إلى ممتلكاته». وفجر المرقد مرتين في شباط (فبراير) عام 2006 وحزيران (يونيو) عام 2007، ما حدا بالوقف الشيعي وعدد من الكتل السياسية إلى المطالبة بضمه إلى الوقف الشيعي. وحسم النزاع قرار من الحكومة أثار جدلاً واسعاً بضم المرقد إلى أملاك الوقف الشيعي. وكان مفتي الديار العراقية الشيخ رافع الرفاعي وجه انتقادات لاذعة إلى الحكومة. وقال في كلمة متلفزة أول من امس إن «هذه الأحداث المتكررة تثبت لنا أن تصرفات الحكومة بكل تفاصيلها، بعدما استحوذت عليها ثلة من الطائفيين، لا تمت إلى الإنسانية بصلة فقد تسلطوا على رقاب الناس ظلماً وعدواناً وأذاقوا أهل السنة والجماعة الويل والثبور». وأضاف أن «الحكومة تتذرع أمام الشيعة بأن ما تفعله هو نصرة للمذهب. وأي نصرة هذه التي تكون على أساس دماء الناس وعلى أساس حريات واغتصاب أملاكهم وتهجيرهم». وقال إن «إحدى صور هذا الاستهداف تتمثل بإلحاق أملاك الوقف السني بالوقف الشيعي في كثير من المحافظات». وزاد أن «هؤلاء لا يمثلون لا الشيعة ولا السنة ولا الإسلام ولا إنسانية. وإنني أتوجه إلى الشعية وأقول لهم ما الذي أفادوه من هذه الحكومة؟ أوليس الآلاف من العائلات تعيش على المزابل والفضلات وتتسكع أمام ابواب الهيئات الاجتماعية». وكان الشيخ عبد المهدي الكربلائي، ممثل المرجع الديني علي السيستاني، دان في خطبة الجمعة أول من امس تعرض بعض مساجد السنة لاعتداءات في محافظات الجنوب، مطالباً الأجهزة الأمنية بتكثيف جهودها لحماية تلك المساجد. وقال نائب رئيس الوقف السني الشيخ محمود الصميدعي إن «الاجتماعات متواصلة بين الوقفين لإيجاد حل لمشكلة مرقد الإمامين في سامراء، وعشرات المراقد والجوامع والحسينيات المتنازع عليها وهي منتشرة في غالبية المدن العراقية». وأضاف الصميدعي في تصريح إلى «الحياة» أن «الوقف السني أعد مشروع قانون المزارات السنية، ومن ضمنها مرقد سلمان باك والإمامين علي الهادي والعسكري، وسيتم رفعه إلى البرلمان لمناقشته وإجراء التعديلات عليه». وبعد دخول القوات الأميركية بغداد عام 2003 تم إلغاء وزارة الأوقاف والشؤون الدينية التي كانت المرجع الوحيد لكل المراقد الدينية وتم تشكيل دوائر أوقاف سنية وشيعية ومسيحية تشمل إدارة أماكن العبادة لكن غياب أسس ثابته لتحديد عائدية هذه الأماكن تثير خلافات ونزاعات بين الوقفين السني والشيعي.