لم يطرأ أي جديد على الجهود الرامية للإفراج عن العسكريين اللبنانيين الذين اختطفتهم المجموعات الإرهابية لدى انسحابها من بلدة عرسال البقاعية في اتجاه المنطقة الجردية عند الحدود المتداخلة بين لبنان وسورية، نظراً لتعذر وصول الوسيط، وهو شيخ سوري، الى قادة هذه المجموعات بذريعة وجودهم في الجبال، رغم انه حاول مرات عدة التواصل معهم واضطر للقاء مسؤولين عاديين منهم غير مخولين التفاوض، وليس بين يديهم ما يقولونه له، سوى إسداء النصيحة له بتكرار العودة اليهم لعله ينجح في لقاء من يملكون القرار في مسألة الإفراج عن العسكريين. (للمزيد) في هذه الأثناء شكل انتخاب رئيس المحاكم الشرعية السنية العليا الشيخ عبداللطيف دريان مفتياً للجمهورية اللبنانية خلفاً للمفتي الشيخ محمد رشيد قباني الذي تنتهي ولايته في 15 أيلول (سبتمبر) المقبل، مناسبة للتأكيد في لقاء جامع توزّع بين دار الفتوى ودارة زعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري، ان أهل السنّة في لبنان هم مع الاعتدال والتسامح وضد الإرهاب والتطرف «ولن يكون لهما مكان بين أهلنا» الذين هم أشد حرصاً على العيش المشترك خصوصاً في هذه المرحلة الصعبة التي يمر فيها البلد والمنطقة. وعقد ليل أمس لقاء بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري وزعيم تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري هو الأول بينهما منذ مغادرة الأخير لبنان في نيسان (ابريل) 2011. ويأتي هذا اللقاء عشية الدعوة العاشرة لعقد جلسة نيابية غداً الثلثاء لانتخاب رئيس للجمهورية والتي سيكون نصيبها التأجيل كسابقاتها لتعذّر تأمين النصاب لانعقادها. وبانتخاب دريان مفتياً للجمهورية تستعيد دار الفتوى وحدتها الجامعة ودورها في ترسيخ الوحدة الوطنية وتعزيز الحوار بين المسلمين أنفسهم وبينهم وبين المسيحيين، إلى جانب القيادات السياسية لحماية السلم الأهلي ونبذ العنف والانقسام. وبالعودة إلى المحاولات التي يقوم بها وفد من «هيئة العلماء المسلمين» لدى قادة المجموعات المسلحة من خلال أحد المشايخ السوريين، بغية رفع مستوى التواصل معهم بعد أن غابوا عن «السمع» منذ يومين وأكثر، علمت «الحياة» من مصادر رسمية ونيابية مواكبة للمهمة بأن شيخين من الهيئة هما حسام الغالي وسميح عز الدين التقيا الوسيط السوري مرات عدة ونقلا عنه عدم تمكنه من لقاء أي مسؤول عن هذه المجموعات بذريعة ان هناك صعوبات أمنية وجغرافية حالت دون اجتماعه بهم. لكن الغالي وعز الدين نجحا عبر «الإنترنت» في التواصل مع أحد قادة المجموعات المسلحة، غير ان سوء الإرسال في عرسال كما تقول هذه المصادر لم يسمح ببدء التفاوض كما يجب، إضافة الى ان الاتصالات مع أي من هؤلاء تكاد تكون معدومة بسبب التشويش على الخطوط الخليوية الذي حال دون حصول أي اتصال مباشر. وكشفت المصادر بأن الشيخين الغالي وعز الدين حاولا التواصل مع مسؤولين عن هذه المجموعات بغية فتح خطوط عدة تتيح لهما تأمين قنوات اتصال بهم وقالت انهما نجحا في التواصل مع أحد قادتهم (تردد أنه من داعش) لعلهما يستطيعان معرفة ما تريده هذه المجموعات من خلال اختطافها العسكريين، وما إذا كان لديها شروط أو مطالب، خصوصاً انها اكتفت لحظة بدء استكمال انسحابها النهائي من عرسال بالقول انها ستفرج عنهم فور وقف إطلاق النار ولدى اطمئنانهم الى انهم في مأمن لدى العودة الى المنطقة الجردية. ولفتت الى ان هذه المجموعات بادرت لتأكيد حسن النيات عبر الإفراج عن عدد من العسكريين، متعهدة في الوقت نفسه بالإفراج عن جميع الذين في عهدتها بالتزامن مع الانتهاء من انسحابها، ونقلت عن جهات نافذة في «هيئة العلماء» بأنها تتوقع بدءاً من اليوم ان تتبلور الصورة الأولى للتواصل مع الخاطفين للوقوف على ما لديهم من مطالب. وأكدت هذه الجهات ل «الحياة» ان هيئة العلماء ستواصل جهودها للإفراج عن العسكريين وإعادتهم الى عائلاتهم، وقالت إن الشيخ الغالي تلقى مئات الاتصالات من ذوي هؤلاء المخطوفين وأولادهم وزوجاتهم وأقاربهم يستفسرون فيها عن مصيرهم. وتبين من خلال التواصل الأولي الذي تولاه شيخ سوري مع مسؤولين غير نافذين في المجموعات المسلحة بأن فيها رؤوساً عدة وأن العسكريين موزعون على «جبهة النصرة» و «داعش» وربما على مجموعات مسلحة أخرى، فيما أكد مصدر أمني لبناني بأن شريط الفيديو الذي بثته ليل أول من أمس قناة «العربية» الفضائية وظهر فيه عدد من العسكريين المخطوفين يعرّفون عن أنفسهم يعود الى الذين اختطفتهم «داعش». وفي هذا السياق يواصل عضو كتلة «المستقبل» جمال جراح التواصل مع «هيئة العلماء» ووجهاء عرسال لمواكبة ما آلت اليه الاتصالات التي لا زالت في بدايتها، فيما يسود الحذر الوسط السياسي اللبناني من أن يكون لبنان أمام مشهد «اعزاز 2» في إشارة الى التجاذبات التي مرت فيها عملية الإفراج عن الحجاج اللبنانيين الذين اختطفوا عند الحدود السورية مع تركيا في طريقهم من العراق الى بيروت. ولم يفرج عنهم الا بعد طول انتظار.