لا تزال المفاوضات جارية من أجل لتسهيل مرور قافلة المساعدات المتوجهة الى عرسال. وأكد مصدر مطلع ل"الحياة" أن "القافلة صارت في باحة ثكنة الجيش اللبناني في بعلبك، ولا تزال الاتصالات جارية مع مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في "حزب الله" وفيق صفا من أجل السماح للقافلة بالعبور". وقال المصدر ان "الهدنة التي مددت 24 ساعة تشهد خروقاً على اطراف البلدة وهناك اصابات". وشدد المصدر على أن اتصالات يجريها وزير الداخلية نهاد المشنوق من أجل فتح الطرقات التي اغلقت احتجاجاً على ما يجري في عرسال". وكانت مصادر أعلنت ل"الحياة" في وقت سابق من اليوم تمديد هدنة أمس في عرسال بين الجيش والإرهابيين من "داعش" و"النصرة" مدة 24 ساعة. موضحة ان "المفاوضات غير المباشرة استؤنفت". وقال وفد هيئة العلماء المسلمين في لبنان إن "المسلحين اطلقوا سراح ثلاثة جنود لبنانيين كانوا يحتجزونهم كما بدأ المسلحون الانسحاب من عرسال". وسيبدأ الوفد بالتفاوض للافراج عن افراد قوات الامن الباقين رهن الاحتجاز في البلدة، مؤكدين ان "عددهم 27 يشملون عشرة جنود و17 من الشرطة". واصدر اتحاد الجمعيات الإغاثية والتنموية في لبنان بياناً أكد فيه "القافلة الإنسانية "خبز ومي" لا تزال في منطقة اللبوة لعدم تمكنها من اجتياز المنطقة رغم المواكبة الأمنية المشكورة من الجيش اللبناني". وأشار البيان الى ان "العناصر التي قامت بقطع الطريق معروفة لدى الجميع وإن الذي حصل يخالف كل الأعراف والقوانين". وكانت وساطة أمس بين وفد «هيئة العلماء المسلمين في لبنان «برئاسة الشيخ سالم الرافعي لدى المجموعات الإرهابية والتكفيرية من «داعش» و «جبهة النصرة» لتأمين انسحابها من بلدة عرسال البقاعية، تأرجحت بين هبّة باردة وأخرى ساخنة، مع أنها نجحت في فتح ثغرة يمكن التأسيس عليها لإنجاح الوساطة تمثلت في الإفراج عن ثلاثة عسكريين كانوا في عداد المفقودين من الجيش اللبناني والمخطوفين من قوى الأمن الداخلي، وأدت الى تراجع حدة المعارك التي يخوضها الجيش اللبناني ضد هذه المجموعات عما كانت عليه في الأيام الماضية، بعدما نفذت اعتداء واسعاً ضد القوى الأمنية ومراكزها السبت الماضي في أعقاب توقيف عماد أحمد جمعة الذي انشق أخيراً عن «النصرة» والتحق ب «داعش». (للمزيد) ومساء أمس الثلثاء لاحت بوادر انفراج موقت من خلال التوصل الى اتفاق لوقف إطلاق النار ابتداء من السابعة مساء أمس لمدة أربع وعشرين ساعة، بمثابة هدنة إنسانية لإدخال مواد غذائية وطبية لأهالي البلدة وإخراج الجرحى من أهاليها وأيضاً الجرحى السوريين من المدنيين لمعالجتهم في المستشفيات، وإفساح المجال لتشييع الضحايا الذين سقطوا من البلدة، على أن يتلازم ذلك مع تسليم المسلحين المفقودين من الجيش والمخطوفين من قوى الأمن وانسحابهم الى خارج البلدة. وعلمت «الحياة» أنه تم التوصل الى هذا الاتفاق خلال اجتماع مطول عقده رئيس الحكومة تمام سلام مع الوزيرين نهاد المشنوق وأشرف ريفي وحضر جانباً منه وفد يمثل «هيئة العلماء المسلمين» الذين كانوا على تواصل مع عدد من قادة المجموعات المسلحة أبرزهم المدعو أبو مالك من «جبهة النصرة». ولم يتم التوصل الى هذا الاتفاق إلا بعد التشاور مع قائد الجيش العماد جان قهوجي الذي أعطى الضوء الأخضر لوقف إطلاق النار، خصوصاً أن قرار لبنان هو أن لا مفاوضات مباشرة مع المسلحين وأن مهمة التواصل متروكة لهيئة العلماء ولوجهاء البلدة. وستكون هذه الهدنة موضع متابعة للتأكد من مدى التزام المسلحين. وعلى رغم أن وفد «الهيئة» تعرض الليل قبل الفائت وهو عند أحد المداخل المؤدية الى عرسال، الى إطلاق نار أدى الى إصابة الشيخ الرافعي ونبيل الحلبي بجروح طفيفة وعضو الوفد الشيخ جلال كلش إصابة بليغة أدت الى إصابته بشلل نصفي ونقله الى مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، فإن الرافعي أصرّ على متابعة طريقه الى البلدة بادئاً محادثات صعبة مع قادة المجموعات الإرهابية ومصراً على أن تتكلل وساطته بالنجاح مع أنها شملت، وقبل أن يغادر عرسال، أكثر من مسؤول في هذه المجموعة نظراً الى تعدد الرؤوس فيها. ولم ينقطع الأمل بإمكان مواصلة هيئة العلماء وساطتها من خلال وجهاء عرسال الذين يتواصلون مع قادة المجموعات المسلحة من جهة ومع عضو كتلة «المستقبل» النائب جمال الجراح الذي يتواصل بدوره مع الرئيس سلام والرئيسين سعد الحريري وفؤاد السنيورة والعماد قهوجي والوزيرين ريفي والمشنوق المكلفين بمواكبة الوساطة للوصول الى اتفاق يقضي بوقف النار على أن يكون مفتاحه، كما نقل عن قهوجي، تبيان مصير العسكريين المفقودين والإفراج عن المخطوفين من قوى الأمن الداخلي، على أن يكون ذلك مدخلاً لتثبيته بصورة نهائية، بانسحاب المجموعات المسلحة من البلدة الى جرودها تمهيداً لانتقالها الى داخل الأراضي السورية. وفي هذا السياق أكدت مصادر مواكبة لوساطة هيئة العلماء ل «الحياة»، أن قيادة الجيش، ومن خلفها السلطة السياسية، لا تمانع إعطاء الهيئة فرصة للتفاوض مع المجموعات المسلحة طالما أنها أبدت رغبتها في الانسحاب من عرسال، لكنها تبقى حذرة من أن يطول أمد التفاوض لقطع الطريق على هذه المجموعات من أن تفرض أمراً واقعاً يحوّل البلدة وأهاليها رهائن لديها، وهذا ما يكمن وراء تأكيد قهوجي أمام زواره أن معركة الجيش ضد الإرهابيين والتكفيريين مستمرة وإصراره على استعادة العسكريين المفقودين لأن المعركة ليست إلا حلقة في أشكال مواجهة الإرهاب أينما كان. ولفتت هذه المصادر الى أن الكرة الآن في مرمى المسلحين وأن إمهالهم بعض الوقت للخروج من البلدة لا يعني أبداً السماح لهم بأن يلتقطوا أنفاسهم، خصوصاً أن وحدات الجيش بعد وصول التعزيزات العسكرية إليها تمكنت من استرداد معظم المواقع التي كانت تشغلها، وهي تحقق تقدماً باتجاه المسلحين الذين يتجاوز عددهم ألفي مسلح يتخذون من أهالي البلدة ومنازلهم دروعاً بشرية ويمارسون كل أشكال الإرهاب عليهم حتى لو اضطروا الى استخدام الرصاص «الحي» كما حصل ويحصل لردعهم عن مطالبتهم لهم بإخلاء بلدتهم، وهذا ما أدى الى سقوط ضحايا وجرحى. وأكدت المصادر عينها أن الفترة الزمنية لوساطة العلماء محدودة ولن تكون مفتوحة لأن لا مصلحة في تمديدها الى ما لا نهاية. وقالت إن الباب لا يزال مفتوحاً أمام المجموعات المسلحة لإخلاء البلدة وعليها ألاّ تبادر الى إغلاقه لأن منسوب الضغط العسكري عليها سيزداد مترافقاً مع حملة التضامن المحلية والخارجية الى جانب الجيش اللبناني وقيادته. ولعل البارز في هذا السياق الاتصال الذي تلقاه رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وفيه تعزية بشهداء الجيش الذين سقطوا في الاعتداءات التي تشنها المجموعات الإرهابية. وأعرب خادم الحرمين الشريفين أيضاً عن دعم بلاده ووقوفها الى جانب المؤسسة العسكرية في مواجهة الإرهاب وعن إدانته هذه الأعمال البعيدة من قيم الإسلام ومن الإنسانية، مؤكداً عزمه على الإسراع في تنفيذ الدعم الاستثنائي للجيش اللبناني. وجاء موقف خادم الحرمين الشريفين متلازماً مع تأكيد قهوجي أن «هذه المعركة تستلزم معدات وآليات وتقنيات يفتقدها الجيش». من هنا ضرورة الإسراع في تزويده المساعدات العسكرية عبر تثبيت لوائح الأسلحة المطلوبة ضمن الهبة السعودية عبر فرنسا ومؤتمر روما لدعم الجيش. وكذلك مع تأكيد مصادر فرنسية أن فرنسا ترغب في الاستجابة سريعاً لحاجات لبنان من الأسلحة التي قدمتها المملكة العربية السعودية هبة للبنان بقيمة 3 بلايين دولار. وبالعودة الى حملة التضامن المحلية مع الجيش اللبناني، كان لافتاً الموقف الذي صدر فجر أمس عن زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، وهو الثاني له في أقل من 48 ساعة، وجدد فيه دعمه المطلق للمؤسسة العسكرية ضد الإرهاب والزمر المسلحة التي تسللت الى عرسال وتأكيده أن «هذا الدعم لا يخضع لأي نوع من التأويل والمزايدات السياسية لأن لا وظيفة له سوى التضامن لحماية لبنان ودرء المخاطر التي تطل برأسها من الحروب المحيطة». وإذ أيد الحريري التوجهات التي أعلنها سلام، أكد في المقابل أنه «بمثل ما نرفض أن تتخذ أي جهة مسلحة من تدخل حزب الله في القتال في سورية ذريعة لخرق السيادة اللبنانية والاعتداء على الجيش، فإننا لا يمكن تحت أي ذريعة من الذرائع أن نستدرج لتغطية مشاركتها في هذا القتال خلافاً لكل قواعد السيادة والإجماع الوطني». وعلمت «الحياة» أن الحريري ومعه رئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة واصلا طيلة ليل اول من أمس اتصالاتهما بقائد الجيش وبعدد من النواب المنتمين الى «المستقبل» ممن كانوا اتخذوا مواقف لا تنسجم مواقفهما وعادوا عنها وأكدوا دعمهم للجيش ضد المجموعات الإرهابية.