تبرز أخطار من نمو الموازنات العامة للمصارف المركزية إلى مستويات غير مسبوقة، وفق التقرير الأسبوعي ل «بنك قطر الوطني» الذي أشار إلى «ان حجم الموازنات لأكبر أربعة مصارف مركزية على مستوى العالم ارتفع بمعدل 2.6 مرة خلال السنوات الخمس الماضية من 3.5 تريليون دولار في كانون الثاني (يناير) عام 2007 إلى 9.1 تريليون في آذار (مارس) الماضي. وسجِّل أعلى معدل ارتفاع في الولاياتالمتحدة، حيث ارتفعت الموازنة العامة لمجلس الاحتياط الفيديرالي بنسبة 145 في المئة، من 0.9 تريليون دولار إلى 2.2 تريليون بين آب (أغسطس) وكانون الأول (ديسمبر) 2008. وعزا التقرير التوسّع السريع لهذه الموازنات نتيجة لحدثين ضخمين، هما الأزمة المالية العالمية في عام 2008 وأزمة الديون السيادية الأوروبية العام الماضي، منبهاً إلى ثلاثة أخطار محتملة بسبب ارتفاع موازنات المصارف المركزية، إذ ان ارتفاع حجم السيولة في النظام المالي يمكن ان يزيد من معدلات التضخم ويصبح خطراً على الاستقرار المالي. ولفت إلى ان هذا الوضع ليس سلبياً بمجمله، فارتفاع التضخم سيؤدي إلى تقليص قيمة الديون ويساعد في مواجهة السبب الأساسي للأزمة المالية المستمرة. وتابع ان «ارتفاع كمية المعروض من السندات الحكومية التي تُستخدم وسيلة لزيادة الموازنات العامة للمصارف المركزية، يمكن ان يؤدي إلى تقليص التسهيلات الائتمانية للقطاع الخاص، ففي حال استطاعت المصارف تحقيق أرباح سهلة من الفوائد على السندات الحكومية، ستكون أقل استعداداً لتقديم قروض إلى القطاع الخاص». وأضاف ان توسع الموازنات العامة للمصارف المركزية يمكن ان يربك أسواق المال العالمية، فشراء المصارف المركزية السندات الحكومية يؤدي إلى زيادة الطلب عليها وزيادة أسعارها وتراجع معدلات الفائدة على هذه الأدوات المالية وبالتالي عائداتها، وسيؤدي إلى خفض معدلات الفائدة المرجعية، ويقلّص الأخطار، كما يؤدي إلى خفض تكلفة الاقتراض، الأمر الذي سينتقل إلى المصارف المركزية الكبيرة ويؤدي إلى تراجع معدلات الفائدة في النظام المالي العالمي في شكل عام. ولفت «بنك قطر الوطني» إلى ان هذه العملية ستؤدي إما إلى توسع التسهيلات الائتمانية في شكل مبالغ فيه، بسبب انخفاض تكلفة الاقتراض أو إلى تراجع مُبالَغ فيه في التعرّض للديون، وأن المصارف لن يكون لديها حافز قوي للإقراض. «ويمكن ان يؤدي هذا الوضع إلى مشكلة في السيولة حيث تحتفظ المصارف بالسيولة، بدلاً من الإقراض، لحماية ذاتها من أي أزمات مالية جديدة في المستقبل». وأضاف: «مع استمرار المصارف المركزية الكبيرة في توسع موازناتها العامة، يمكنها ان تدعم الاقتصاد العالمي في الوقت الحالي، لكنها قد تؤدي إلى مشكلات أكبر في المدى البعيد. وفي سبيل تخفيف الضغط على الاقتصاد العالمي، اشترت المصارف المركزية أصولاً غير تقليدية كانت في الغالب سندات صادرة عن حكوماتها، ولعبت دور الملاذ الأخير من خلال تقديم سيولة للمصارف، غالباً عبر تخفيف الضمانات المطلوبة، بهدف تجنّب الجمود في النظام المالي». وأشار إلى ان الموازنات العامة للمصارف المركزية في دول منطقة اليورو ارتفعت خلال الربع الأول بنسبة 48 في المئة، ورفع المصرف المركزي الأوروبي حجم «صندوق الإنقاذ» إلى تريليون دولار، وهو على استعداد لتوسع موازنته العامة في حال ظهرت أزمات ديون سيادية جديدة في المنطقة، خصوصاً مع ارتفاع معدلات الفائدة على سندات الحكومة الإسبانية. ولفت إلى مطالبة صندوق النقد الدولي المصرف المركزي الأوروبي باتخاذ مزيد من الإجراءات واحتمال ان يدرس «بنك اليابان» (المركزي) مزيداً من الإجراءات لمواجهة الانكماش في الأسعار.