سجلت الكويت على مدى أعوام قبل 2008 طفرة اقتصادية عززتها الموارد الطبيعية الضخمة للبلاد وأسعار النفط والغاز المرتفعة عالمياً، وحققت نمواً سريعاً في شركات الاستثمار المحلية التي اعتمدت في شكل مكثّف على عمليات الاقتراض، محلياً وخارجياً، لتغذية استثماراتها. وأشار تقرير لمؤسسة «ستاندرد آند بورز» العالمية للتصنيف الائتماني، انه في الوقت الذي بدأت أسواق المال الكويتية والعالمية في التراجع خلال العام الماضي، ظهرت «معالم هشاشة على النظام المالي الكويتي». ولفت الى ان الإجراءات التي اتبعتها الكويت في ادارة مواردها الضخمة من النفط بمهارة فائقة، أسفرت عن فائض في الموازنة وتراكم في الأصول الحكومية وضآلة في العبء الناتج من الدين العام للبلاد. وتوقع ان يكون تأثر المرونة المالية التي تتمتع بها حكومة الكويت «هامشياً، مقارنة بنظرائها من حكومات المنطقة»، وأنها «ستستوعب مسألة الديون الطارئة من دون تعريض صدقيتها للضرر». ولاحظ ان شركات الاستثمار الكويتية تعاني حالياً من مشاكل السيولة، بعد ان أوقفت الجهات المقرضة عمليات التمويل قصيرة الأجل لها. وسجل الربع الأول والثاني من السنة الحالية «ظهور معاناة على بعض المصارف الكويتية، التي توسعت في عمليات إقراض إلى تلك الشركات سابقاً، تمثّلت في ضعف ربحيتها وتراجع جودة أصولها بسبب الارتفاع الحاد في أعباء الإقراض ومخصصاته في محافظها الاستثمارية». وأوضح التقرير ان فاتورة الاستقرار المالي الذي ستدفعها الحكومة الكويتية «قد تكون باهظة»، لكنه استبعد ان تتأثر المرونة المالية للكويت سلباً، بخاصة «إذا أخذ في الاعتبار الوضع الذي تمتاز به الأصول الأساسية للبلاد وضآلة حجم الديون المباشرة». وكان للحكومة تاريخٌ طويل من التدخل مالياً في دعم شريحة واسعة من المستثمرين، بدءاً من المستفيدين من «صندوق التقاعد العام» انتهاء بالمواطنين العاديين. وتعكس التصنيفات التي تمنحها «ستاندرد آند بورز» للكويت احتمالات خفض الإنفاق الحكومي، للتخفيف من العبء المالي. ورجّحت ان تقدم الحكومة الكويتية دعماً قوياً لمصارف القطاع الخاص، التي تكتسب أهمية خاصة في النظام المصرفي وحصلت على دعم حكومي في إطار عملية الإنقاذ الأخيرة ل «بنك الخليج». وتوقع التقرير أن تصل نسبة القروض المعدومة لدى المصارف المحلية خلال فترة الركود الحالي إلى ما بين 15 و30 في المئة من محفظتها الإئتمانية، ما يمثل ديوناً طارئة تعادل نحو 13 في المئة إلى 25 في المئة من الناتج المحلي للبلاد هذه السنة. واتخذت الحكومة الكويتية إجراءات «حكيمة» للتصدي للتحديات التي يواجهها النظام المالي المحلي، من خلال إصدار «قانون الاستقرار المالي» في آذار (مارس) الماضي، وخفض نسب الفائدة على الائتمان وقدمت الدعم إلى مصارف للحفاظ على الاستقرار المالي. وتحرّك المصرف المركزي الكويتي في سرعة لضمان استقرار السيولة محلياً، ووضع حداً أقصى لنسبة القروض المستحقة إلى الودائع، وأصدر سندات خزانة لدعم عمليات القطاع المصرفي المحلي.