قدّم «محترف الممثلين» في بيروت عرضاً مسرحياً عنوانه «who's your daddy؟ كيفا إمَّك؟» من إخراج جاك مارون شارك فيه أشخاص انضمّوا إلى المحترف الذي يديره بنفسه. نقف بحيرة أمام هذا العرض المسرحي، لا نعرف إن كان علينا أن ننظر إليه بصفته عملاً محترفاً فنحكم عليه من هذا المنطلق، أو علينا أن نأخذ في الاعتبار أنّ «الممثلين» مبتدئون فنشاهده بعيون الأهل والأصحاب الذين يضحكون على أي تفصيل ويفرحون لكل حركة ويسامحون كل ثغرة، مهما كانت كبيرة. ولكن بما أنّ كل عمل يُقدَّم على خشبة مسرحٍ عام من المفترض أن يكون محترفاً، وبما أنّ كتيّب المسرحية يعلن صراحةً أنّ الممثلين «أصبحوا ملكاً للجمهور»، نستطيع بضمير مرتاح أن نحكم على هذا العرض من دون غضّ النظر عن تفاصيل كثيرة. الثغرة الأساسية في هذا العرض هي أنّه بعيدٌ عن أبسط قواعد المسرح البديهية التي تقضي بأن نرى وجه الممثل ونفهم كلامه! وقع «الممثلون» في أسهل الأخطاء مثل عدم انتظار بضع لحظات ريثما ينهي الجمهور ضحكةً أو تفاعلاً، فكانوا يتابعون كلامهم من دون أن نفهم كلمةً ممّا قالوه بسبب ضجيج المشاهدين، من دون ذكر ضرورة التركيز الكبير الذي يجب أن نتمتّع به كي نسمع صوتهم المنخفض ونفهم ما ينطقون به بسرعة غريبة من دون أي اعتبار لمخارج الحروف! شخصيات هذا العرض، في معظم المشاهد، لم تكن تعيش تماماً في روح الممثلين، فكانت خالية من الإحساس ومن الصدق. فكيف أصبح هؤلاء الشبان والشابات والرجال والنساء مؤهلين للعب أدوار مسرحيّةً، وخوض هذه المعركة، وهم لا يملكون السلاح الكافي؟ هل استطاعوا حقاً خلال فترة تدريبهم تحديد نقاط قوتهم وحاولوا التغلّب على نقاط ضعفهم؟ وإذا كانت هذه النتيجة التي شاهدناها هي ما حصّلوه خلال ثلاثة أشهرٍ، لا بدّ حينها من أن نسأل كيف كان أداؤهم في بداية المحترف؟ لا يبدو أنّ هذه الأشهر التي خضع فيها المشاركون في المحترف إلى «تمارين مكثفة» كانت كافية كي يصبحوا جاهزين للوقوف أمام جمهور عريض لذلك كان من الأفضل أن يأخذوا وقتهم أكثر في التدريبات لكي يعرضوا عملاً نابعاً من مخيّلتهم ويعنيهم أكثر، بدل استعارة مشاهد من مسرحيات عالمية غير مترابطة بعضها مع بعض، مشاهد لم نفهم علاقتها مع عنوان العرض. لا شك في أنّ هذه التجربة قد تكون مفيدة للمشاركين فيها شرط أن يدركوا ما الأخطاء التي وقعوا فيها وما هي اللحظات القوية التي أسروا فيها المشاهدين، عندها يمكن أن يُعدَّ هذا العرض «حصة» إضافية في المحترف، وعندها تكون هذه المسرحية أشبه بتمرين مفيد لتقديم مسرحية من دون شوائب.