تُعرض في مدينة المنستير التونسية، ضمن فعاليات الدورة الثامنة عشرة لمهرجان خليفة السطمبولي للمسرح المغاربي، مسرحية «عازفة البيانو» للممثلة والمخرجة المغربية لطيفة أحرار، إضافة الى العديد من العروض من مختلف البلدان المغاربية. تعود لطيفة في عملها الجديد إلى موضوعاتها الأثيرة، وهي الاشتغال على الجسد في مواجهة الأعطاب التي يقترحها العالم الملغّم بالحواجز، مثيرة بذلك العديد من الأسئلة والانتقادات. كما تعود الفنانة المثيرة للجدال، التي سبق وأن هُدّدت بالقتل لجرأتها في تناول المواضيع وبسبب طلاتها الإعلامية، الى الاحتفاء بالجسد وانطلاقه ورحابته في عمل يشبه كثيراً عملها السابق» كفرناعوم أتوصراط». في مسرحية «عازفة البيانو»، يفصح النص عن ملامح امرأة عربية تحكي بجسدها وبالبيانو عن علاقة متشنّجة مع زوج يمارس عليها سلطته الظالمة وتعيش تحت وطأة ظلمه ونزواته وقهره، فيحشرها في زاوية ضيّقة، بينما تبحث هي عن «صوت حرّ وجسد حرّ ولون حرّ»... فهل كانت جثة الزوج التي تكشف عنها المسرحية في النهاية جثة حقيقية أم رمزية؟ هل هي رسالة للنيل من كلّ خطاب يحاول أن يحجّم دور المرأة في زمن لم يعد يقبلها إلا شريكاً للرجل في كلّ مناحي الحياة؟ هل هي صرخة تحدّ أمام كلّ طغيان لا يرتبط ضرورة، بالمرأة وجلاّدها بل ينسحب على كلّ أشكال الظلم التي يرزح تحت نيرها الإنسان؟ العرض المونودرامي الجديد، كتبه بالعربية الفصحى٬ السعودي ملحة عبدالله٬ وهو من إنتاج مشترك بين هيئة الفجيرة للثقافة والفنون في الإمارات العربية المتحدة ومسرح الأصدقاء في المغرب. وعرضت المسرحية لأول مرة في المغرب على خشبة المسرح الوطني محمد الخامس في الرباط، بعد مشاركة العمل ضمن فعاليات المهرجان الدولي للمونودراما في الفجيرة، كما اختير للمشاركة في عدد من المهرجانات الدولية في كل من بنغلاديش وأذريبدجان ولبنان والسودان واليونان وبولونيا. وكان بيان ل»مسرح الأصدقاء» أفاد بأن الأمر يتعلق ب»مختبر فني حقيقي٬ ذلك الذي تقترحه الفنانة لطيفة أحرار٬ المخرجة والممثلة٬ يرسم لوحة معاصرة عاكسة لوضع المرأة ولنمط العلاقات داخل المجتمع عموماً». وأضاف البيان ان «عازفة البيانو» ينأى عن أن يكون درساً في الأخلاق٬ بل هو على العكس من ذلك صرخة قلب٬ نداء للتسامح٬ للإنصات إلى الذات وبالتالي للآخر... إنّه عمل يوجّه رسالة سلام ونشيد حياة٬ على صورة نوتات سمفونية٬ تختلف وهي توقع على البيانو لكنها تشترك في صنع نشوة الاستماع وذلك الانسجام الهارموني». وكان عمل سابق للطيفة أحرار عنوانه « كفرناعوم أوتوصراط»، مقتبس عن نص للشاعر المغربي ياسين عدنان، أثار بعض الجدال في الأوساط الفنية، بسبب مشاهد جريئة قال عنها مناصروها إنها عادية، بينما رأى آخرون أنها لا تخدم الفن في شيء، بل ترمي فقط إلى إثارة الانتباه وكسب الجمهور المتلهّف للمختلف والغريب. واتّهم معارضو المسرحية لطيفة بالإساءة إلى الفن بعملها الذي يعتمد على التعري والإثارة بحسب رأيهم. ولم يمر وقت طويل على هذه الضجة، حتى ظهرت لطيفة أحرار في مراكش، في ما عُرف ب»واقعة القفطان المفتوح»، حين عمدت إلى المبالغة في إظهار ساقيها أمام المصورين أثناء مرورها على السجاد في مهرجان السينما، ما أثار استغراب معارضيها مجدداً، ووصل الأمر إلى تهديدها بالقتل في عدد من المواقع الالكترونية، من قبل جهة مجهولة، لكن هذه الحادثة أوجدت تعاطفاً كبيراً معها من قبل جمهور عريض في المغرب. والمثير في الأمر هو الخاتمة، اذ اتصل بأحرار رئيس الحكومة المغربية الجديد عبد الإله بن كيران ليبدي تعاطفه وتضامنه معها.