على رغم تطور الأحداث السياسية التي تعيشها مصر وسيطرتها على غالبية برامج الفضائيات، يحقق العرض الثاني لمسلسل «رجل لهذا الزمان» (من بطولة أحمد شاكر عبد اللطيف وأحمد خليل وهنا شيحا وإبراهيم يسرى ومنال سلامة وشريف خير الله وهبة مجدي وتأليف محمد السيد عيد وإخراج إنعام محمد علي)، الذي يتناول قصة حياة عالم الذرة مصطفى مشرفة، نجاحاً كبيراً على المستويين النقدي والجماهيري، وهو ما لم يحدث حال عرضه للمرة الأولى في رمضان الماضي. وترى المخرجة إنعام محمد في حديث إلى «الحياة» إن الدعاية للمسلسل خلال شهر رمضان لم تكن بحجم شخصية الدكتور مشرفة الذي كان له دور وطني كبير، وكان يريد توصيل العلم مثل الهواء إلى المواطن العادي، لإيمانه بأهمية العلم في صنع مستقبل أي بلد. وتضيف: «كان شخصية فذة ومتمردة ومتعددة المواهب، وخطابه كان لليوم والغد. من هنا، كان مقصوداً أن نرمي بالعمل حجراً في المياه الراكدة، لنحول الرسالة التي يتضمنها إلى تيار، ونشعر المشاهد بأهمية العلم، خصوصاً في الوضع الراهن. من هنا، كان يفترض بعد ثورة «25 يناير» أن يكون مسلسل «مشرفة» الورقة الرابحة، لأنه يدعو إلى العلم على رغم أنه بدأ تنفيذه قبل الثورة بأكثر من عام». وتشير إلى ضرورة التمهل في تقديم الثورة درامياً. «لا بد أن تتضح الرؤية كاملة، إذ تبقى العظمة حتى الآن خلال 18 يوماً هي عمر الثورة، بعدها سار الخط البياني للثورة متأرجحاً من أعلى إلى أسفل والعكس، وأصبحت الرؤية ضبابية، وحين تكتمل مؤسسات الدولة ونتائج الثورة تبدأ في التحقق، وقتها يمكن تقديم أعمال درامية ناضجة وتعبر بعمق ومصداقية ولا تتناول الأمور بسطحية». وتطالب محمد علي بضرورة مساهمة الدراما في قضايا التنمية. «ليس معنى هذا أن نقدم دراما شعارات أو خطب. فمن خلال الدراما يمكننا تشجيع استغلال المساحة الواسعة، عن طريق خلق مجتمع مشارك يشعر فيه سكان الإطراف بأن سكان الوادي يعرفونهم، وأتمنى ألا تتوقف الدراما عند الثورة، وأن تساهم في بناء مصر جديدة، إذ شبعنا تصوير في القاهرة والإسكندرية التي ألفتها عين المشاهد، ونحتاج إلى تغيير الخلفيات والمناظر والتصوير في أماكن جديدة، ومنها سيناءوالوادي الجديد والواحات البحرية والنوبة وغيرها، وهو ما يمكن أن يساهم في النهوض بالسياحة الداخلية في مصر». وعن احتمال تأثير صعود التيارات الدينية سلباً على الفن، تقول: «تصاعدت أخيراً أصوات كثيرة، تنذر بأنهم سيضعون قيوداً على الفن والفنانين، ما كان وراء المخاوف التي شعر بها كثر من العاملين بالحقل الفني، وربما تظهر النتائج مع دراما رمضان المقبل، وعموماً لست قلقة في شكل كبير، لأن الرأي العام لم يعد جثة هامدة، وبات من الصعب أن ينساق وراء أي دعاوى يمكن أن تقوده إلى الخلف، وليس من السهل التنازل عن أي مكاسب، وهذا سيشكل صمام الأمان». وعما إذا كان كمّ المسلسلات الذي يتزايد سنوياً في صالح الدراما، تقول: «المسألة أن الأسلوب التجاري أصبح هو السائد، وأصبح الإعلان هو الذي يشكل الدراما، وصعد النجم إلى رأس الهرم الإنتاجي الذي تم قلبه، وأصبح النص يتبع ولا يقود لدرجة أن النصوص تصنع حالياً على مقاس النجوم، وطالما نتعامل بأسلوب السوق المسيطر ستستمر سيطرة وسطوة الإعلان، وهذا سيؤثر في سطوة الدراما، لأنه في النهاية لن تكون لها رسالة أو هدف أو دور، ولكن سلعة يحددها المكسب والخسارة». وكشفت عن أنها تحضر لمسلسل جديد يتناول رجل الاقتصاد طلعت حرب الذي شارك في صنع اقتصاد مصر، ووضع لبنة الصناعة في مجالات البنوك وشركات الطيران والفنادق والسياحة والاستوديوات والمسارح وغيرها. «كان يصرّ أن تحمل هذه المشاريع كلمة »مصر» شكلاً ومضموناً، كما في «بنك مصر» و «استوديو مصر» و «مصر للطيران» و «مصر للتأمين» وغيرها، وأنا اخترت من خلال الفن «أم كلثوم»، ومن خلال الفكر «قاسم أمين» ومن خلال العلم «الدكتور مشرفة»، ومن خلال الاقتصاد «طلعت حرب»، وهو قد يكون العمل الأخير بالنسبة إلي في مجال دراما السِيَر، والعناصر الأربعة تشاركت في صنع نهضة مصر».