حذّر أستاذ الدعوة في كلية الدعوة وأصول الدين في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة الدكتور عبدالرحيم المغذوي، هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من «التجسس وتتبع العورات»، أثناء جولاتها على المخالفين، مشيراً إلى أن أحكام الشريعة الإسلامية وتوجيهاتها كفلت الأمن والطمأنينة لمجتمعها ومنعت التعدي على أي أحد من الناس دون وجه حق، أو دون سبب شرعي». وقال المغذوي في دراسة وصفية تحليلية عن «الأصول العلمية والعملية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» (حصلت «الحياة» على نسخة منها) إن هناك نصوصاً من الكتاب والسنة صريحة في المنع من التجسس، وتحريمه، وذلك لما في التجسس وتتبع عورات المسلمين من إفساد للناس، وكشف مستورهم، وفضح أسرارهم، ولما في ذلك من هتك واضح لحرمتهم، وتعد بين على حريتهم، وعدم احترام لمشاعرهم، ولما قد يفضي إليه التجسس وانكشاف الأخبار من فتن وعدم استقرار في المجتمع المسلم الآمن»، مضيفاً أن السلف الصالح -رحمهم الله- يتورعون عن التجسس، ويمتنعون عن تتبع العورات، وتفحص ما خفي من المنكرات، وذلك لدقة فهمهم وسلامة علمهم ورجاحة عقلهم، ووفورة فقههم». وأضاف: «إن العلماء يفصلون في مسألة التجسس على أصحاب المنكرات، ويميزون بين حالتين، الأولى من عمل منكراً واستتر في بيته، ولم يبده، أو يظهره، فهذا لا يجوز التجسس عليه، واستطلاع أمره، أو الإنكار عليه، بل يوكل أمره إلى الله تعالى، والحالة الثانية، إذا ظهرت أمارات المنكر، ولاحت علاماته، وارتفعت بيارقه، وعلت أصواته، وذلك كأن تسمع أصوات المزامير، أو يرتفع صراخ السكارى». وتابع: «إن مبدأ التجسس أمر منهي عنه، ولا يجوز للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يسلكه بحجة إزالة المنكرات أو التعرف عليها وطلبها، ويعتبر حداً من حدود الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن من أغلق بابه عليه ومارس بعض المنكرات دون إبدائها وإظهارها فليس للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يتجسس لمعرفة المنكرات، بل يتركه ويوكل أمره إلى الله تعالى»، مطالباً رجال الحسبة ألا يؤدي عملهم في الأمر والنهي إلى مفسدة أو فتنة خاصة أو عامة، لان ذلك مناقض للحكمة والهدف من عملهم وهو مناقض تماماً لأحكام ومقاصد الشريعة الإسلامية. ولفت أستاذ الدعوة المغذوي إلى أن مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأهميتها في المجتمع واضحة، وأنه ينبغي على الآمر والناهي أن يكون على علم كامل بطبيعة عمله ووظيفته، وأن يعمل جاهداً على تنفيذها، والإتيان بها على أكمل وجه، وألا يتجاوز نطاق عمله، وحدود مسؤوليته ووظيفته إلى غيرها من المسؤوليات والوظائف الأخرى.