دشن وزير الدفاع السعودي الأمير سلمان بن عبدالعزيز كرسياً باسمه، مخصصاً للدراسات التاريخية، في جامعة الملك سعود في الرياض، في حضور نخبة من المتخصصين في التاريخ والمهتمين بالبحث العلمي، فيما كشفت الأميرة حصة بنت سلمان جوانب في شخصيته، وأوضحت عقب ندوة نظمتها عميدة كلية الآداب وخدمة المجتمع في جامعة الملك سعود الدكتورة نورة آل الشيخ، أنها كانت مأخوذة بشخصية والدها الأمير سلمان وقدرته على سرد التاريخ بحيادية قصوى. وقالت الأميرة حصة: «كنت مأخوذة بوالدي وهو يحكي لنا خلال إجازة نهاية الأسبوع عن التاريخ الإسلامي والعربي الديني والسياسي، وتَقاطعه مع التاريخ العالمي، وليس فقط تاريخ الجزيرة العربية. وكان إذا تحدث لنا يتحدث بحيادية قصوى، ويذكر مواقف الملوك والأمراء وشيوخ القبائل وفرسانهم، وبعض أشعارهم في الغزوات والمجالس، كما يورد ما يحفظه من مقولات تاريخية». وأضافت: «كثيراً ما يتحدث والدي عما تشهده بلادنا من نهضة علمية جعلت المرأة تأخذ مكانتها في مختلف المجالات ومنها التاريخ، إذ تلقى الباحثات البارزات في هذا المجال تقديراً ودعماً كبيرين، ومنهن الدكتورة دلال الحربي التي لقيت دعماً في نشر كتابها «نساء شهيرات من نجد» الصادر عن دارة الملك عبدالعزيز عام 1998 لمناسبة مرور 100 عام على تأسيس المملكة... ومن أكثر ما أفتخر به أن الفكر عند والدي لا ينفصل عن تيارات الفكر والثقافة المعاصرة». وأكدت أن الأمير سلمان بن عبدالعزيز «قارئ مميز ومتابع دائم لما ينشر في الصحافة من مقالات سياسية وتاريخية، وعلى تواصل مع ما ينشر عبر التعقيب أو الإيضاح. وبحكم أننا نشأنا في هذا الجو، نجد أن أخي الأمير أحمد بن سلمان، رحمه الله، اهتم بالإعلام وكان من أوائل مؤسسي الإعلام السعودي الحديث». وأضافت: «كان لوالدي تأثير كبير في مسيرة أخي الأمير أحمد بن سلمان الصحافية، كموجّه وناقد، وكان يدهشنا جميعاً بتذكره مقالات مؤثرة لصحافيين عرب وأجانب فيربطها بالأحداث القريبة... لا أمتدح والدي، لكنني أعتقد أنه لو لم ينخرط في عمله كمسؤول في الدولة منذ كان في ال17 من عمره، لأصبح باحثاً ومؤرخاً... أذكر أنه يوم أعلن تعيينه وزيراً للدفاع، كان أول ما شغل تفكيره هو ما إذا كان يستطيع الاستمرار في رئاسة مجلس إدارة دارة الملك عبدالعزيز التي شارك في تأسيسها، ولا يزال يعتبرها ابنته الشقيقة لي، لأنها من أكثر الإنجازات التي تجلب له الفخر والسعادة». وأشارت الأميرة حصة إلى أنها إذا كانت لا تستطيع أن تكون «مثل والدي في معرفته التاريخية، إلا أنني مهتمة بالتاريخ، خصوصاً التاريخ الإسلامي، وكذلك للوالد بنات مثلي أكثر معرفة بالتاريخ ويفخر بهن، أمثال الأميرة موضي بنت منصور بن عبدالعزيز، وأخوات مشرّفات مثل الأخت الدكتورة مها الرشيد». وعن أمنياتها تقول الأميرة حصة: «أتمنى لو يكتب والدي كتاباً عن ذكرياته في العمل الحكومي وعن تاريخ الجزيرة العربية خصوصاً، لأنني أعرف أن هذا أمر يحبه ويُجيده، لولا أن مسؤولياته تشغله عنه»، مضيفة: «أعرف أن كثيرين يشاركونني هذه الأمنية وقد تحقق نصفها بإنشاء كرسي الأمير سلمان للدراسات التاريخية، والنصف الآخر هو الكتاب الذي أتمنى صدوره في أقرب فرصة». منجزات من جهة أخرى، حقق «كرسي الأمير سلمان للدراسات التاريخية»، على رغم حداثته، عدداً من المنجزات، منها إقامة ورشة عمل «التاريخ والتقنية الحديثة» التي ركزت على مهارات البحث ونشرها إلكترونياً، وورشة عمل حول الدراسات التاريخية والحضارية للجزيرة العربية وسبل تطويرها، وكذلك إصدار العدد الأول من رسالة الكرسي، بالتعاون مع مكتبة الملك فهد الوطنية التي تحوي الجديد من الكتب والبحوث المتعلقة بمجال تخصص الكرسي، ووزعت على المهتمين بالدراسات التاريخية، خصوصاً طلاب الدراسات العليا داخل المملكة وخارجها، إضافة إلى إقرار برنامج داعم لتخصيص جائزة مالية لطلاب الدراسات العليا المميزين في المملكة وخارجها، باسم جائزة الأمير سلمان بن عبدالعزيز للمميزين من طلاب الدراسات العليا، وتمنح وفق معايير أكاديمية للبحوث والرسائل الجامعية المميزة المتعلقة بالتاريخ الوطني. وأكدت أستاذة التاريخ في جامعة الملك سعود سامية العتيبي، أن كرسي الأمير سلمان بن عبدالعزيز للدراسات التاريخية والحضارية للجزيرة العربية «قلادة على صدر الجامعة»، وقالت: «ولد كرسي الأمير سلمان في أحضان قسم التاريخ في كلية الآداب في الجامعة، وذلك عندما تقدم قسم التاريخ بمقترح تأسيس كرسي أبحاث في حقل الدراسات لتاريخ الجزيرة العربية، وعندما بحث القسم عن داعم وممول للكرسي، كان الأمير سلمان بن عبدالعزيز، وتم التوقيع الرسمي لتأسيس الكرسي في حضور الأمير سلمان ورعايته للاحتفال». كما أشادت الأستاذة المساعدة في قسم التاريخ في الجامعة، منسقة كرسي الأمير سلمان في الأقسام النسائية، الدكتورة مها الرشيد بدور الكرسي، موضحة أنه يقدم منحاً لطلاب الدراسات العليا، إضافة إلى إقامة الندوات. وأكدت أن الكرسي استطاع استقطاب جامعات أجنبية مهتمة بدرس تاريخ الجزيرة العربية.