ينطلق الكاتب عبدالواحد الأنصاري في دراسته المختصرة من أنه شاع عن أهل السنة والجماعة، خصوصاً السلفيين، أنهم نصوصيون معطلون للعقل، مقرراً أن السلف عنوا بالأدلة النقلية والعقلية، وعلموا بفهومهم السليمة التي لم تفسدها شوائب المتكلمين والمتفلسفة وأهل الأهواء، أن الدليل الأصلي الكامل هو الدليل الشرعي متضمناً الدليل العقلي في ثناياه، وهذه طريقة تميّز بها أهل السنة والجماعة عن غيرهم من المتكلمين في إثبات الشرائع بالعقل، فالحاجة ماسة إلى بيانها. وهاجم الباحث في كتابه الصادر عن دار «الكفاح» فئتين، الأولى أهل التفريط كما سماهم، من أهل الكشف، والباطنية وغلاة الصوفيّة، وأهل التفويض. في القديم والحديث. «الذين عطلوا العقل ودلالته، واعتمدوا على ما يسمونه الإلهام والذوق والكشف، وهو ما يزعمون أنه إدراك الحقائق بنور الله من غير دليل من الوحي ولا من العقل، أما أهل التفويض، فيلحقهم صاحب كتاب «استدلال السلف بالعقل» بمن نفوا دلالة العقل، لكنهم في شطر منهم تأويليون، وفي شطر منهم تجهيليون». أما الفئة الثانية كما صنفها الكاتب، فهي «أهل الإفراط» التي يصفها الأنصاري بأنها «الفرق الكلامية والفلسفية والعقلانية والعصرانية وغيرها، التي أفرطت في تقدير العقل والاستدلال به، فوقعت في المشكلة أول شيء عندما استدلت بالعقل وإن خالف صحيح المنقول، وإن كان عقلاً غير صريح، وإن لزم منه إنكار الشريعة أو شيء منها. وهذه الفئة غالت في تعظيم العقل، وقدمته على النقل صريحاً كان أو غير صريح».