بغداد - أ ف ب - يقرع الحكم الجرس إيذانا ببدء الجولة الأولى من المعركة، مثيراً انتباه مجموعة مشاهدين يركّزون أنظارهم على الديكين «دقدوقة» و»صمام» وهما يتقدمان نحو وسط حلبة في غرب بغداد. ومع أول ضربة بين الديكين، يعلو الهتاف داخل البيت الحجري الصغير الذي تعلوه سقيفة من الحديد، وتتوسطه حلبة يبلغ قطرها نحو ثلاثة أمتار، تفترشها سجادة حمراء، وتحيط بها مدرجات زهرية اللون. ويقول احمد جبار (43 سنة): «آتي إلى هنا منذ خمس سنوات، على الاقل مرة كل شهر»، مضيفاً أنه لا يراهن بماله، بل يشاهد فقط، اذ تُمتعه هذه اللعبة اكثر من التلفزيون ومن كرة القدم. وينظر العديد من العراقيين بشغف الى صراع الديوك، وخصوصا مربيها الذين يتطلعون الى الفوز بمبالغ مالية بآلاف الدولارات أحيانا من الرهانات التي تتخللها المباريات. وعلى رغم عدم قانونية نزالات الديكة في العراق، ينتشر في مختلف المحافظات وخصوصاً في البصرة والموصل، العشرات من مربي الديوك التي تتميز بقوائمها الطويلة القوية والعنق الطويل. ويتوزع أيضا في الاحياء البغدادية القديمة عدد كبير من المربين الذين يهتمون بتربية الديوك المعروفة باسم «الهراتي» الهندية والتركية ذات اللون الاسود، ويبلغ ثمن الواحد منها آلاف الدولارات، وتعتبر الأقوى بين الانواع الاخرى. وفي المقهى الواقع في زاوية مخفية من موقف للسيارات في غرب العاصمة، علقت ورقة بيضاء كبيرة فوق احد المدرجات معلنة عن «قانون صراع الديكة» الذي ينص على أن يستمر الصراع بين الديكين ساعتين، وتحديداً ثماني جولات مدة كل منها 13 دقيقة، على ان تفصل بين الجولة والأخرى استراحة لدقيقتين. ويعتبر خاسراً الديك الذي يُهزم في ثلاث جولات، أي الديك الذي يلتصق رأسه بالارض اكثر من دقيقة، علماً ان صاحب الديك يمكن ان يسحبه من النزال بموافقة الحكم اذا رأى انه قد يقتل مثلاً، ويعتبر حينها منسحباً ومنهزماً. وفيما يواصل «دقدوقة» و»صمام» الانقضاض احدهما على الآخر والهجوم عبر القفز في الهواء من دون كلل، وسط صيحات عشرات المتفرجين الذين يكتظ بهم المكان شيئاً فشيئاً، يدق الحكم الجرس معلناً عن الاستراحة.