بغداد - أ ف ب - يدفع الشغف ببعض مربي ديوك المصارعة في العراق الى تطليق زوجاتهم أحياناً، بسبب رفضهم قطع علاقاتهم بطيورهم التي تعود عليهم بمكاسب مادية تبلغ آلاف الدولارات. ويقول عباس أبو علي (45 سنة) أحد هواة تربية هذا النوع من الديوك في منطقة الكسرة شمال بغداد، وهو يحمل ديكاً يفاخر باقتنائه. بلغ الولع بأحد المربين حد الانفصال عن زوجته التي أنجبت له ثلاثة أولاد. ويوضح ان الخلافات العائلية بلغت ذروتها ما دفع بزوجته الى مطالبته بترك الديوك وإلا لن تواصل حياتها معه، فردّ قائلاً: «إذاً غادري المنزل» وطلقها بعد ذلك فعلاً. ويضيف من دون تفاصيل ان «أحد المربين قتله منافسوه اثر تصاعد الخلافات بينهم». لكن أبو علي الذي يرتدي دشداشة تقليدية ويتحدث متنقلاً وسط الديوك، يرى ان «هذه الحيوانات تتصارع في ما بينها فهي خلقت هكذا. وأحياناً أجد بعضها ملطخاً بالدماء أو ملقى على الأرض (...) فهي تتقاتل في ما بينها شئنا أم أبينا». والديوك المعروفة باسم «الهراتي» الهندية والتركية ذات اللون الأسود ويبلغ ثمنها آلاف عدة من الدولارات، هي الأقوى وأفضل من أنواع أخرى. وينتشر في عموم المحافظات خصوصاً في البصرة والموصل العشرات من مربي الديوك التي تتميز بقوائمها الطويلة القوية والعنق الطويل. وينتشر في الأحياء البغدادية القديمة عدد كبير من المربين بينهم 15 من البارزين أحدهم أبو علي الذي يربي عشرات الديوك وبينها أربعة من الفئة الأولى. ويؤكد أبو علي وهو أب لأربعة أبناء، ان «مشجعي ومشاهدي نزالات الديكة يأتون من مختلف مناطق بغداد، خصوصاً خلال العامين الأخيرين مع تحسن الأوضاع الأمنية». ويشير الى ان مصارعة الديوك كانت تقتصر سابقاً على منطقتي الكسرة وباب الشيخ، وسط بغداد. ومقهى «باب الشيخ» في المنطقة التي تحمل الاسم ذاته أقدم مكان لمصارعة الديوك حيث يجتمع العشرات لمتابعتها. ويقول أبو علي الذي ورث هوايته عن والده، ان «نزالات الديكة تستمر لساعات طويلة وأحياناً تسبب إعاقة أو موت أحدهما خلال المصارعة»، مشيراً الى «رهانات حولها تتجاوز مبالغها عشرة آلاف دولار أحياناً». ويضيف: ان «الوقت المحدد للمصارعة هو ساعتان فقط، لكن أحياناً يتفق المربون على مواصلة النزال حتى النهاية». ويكشف أبو علي وهو ممسك بمنشطات، عن قيام بعض المربين بإطعام الديوك حبوباً منشطة مدة يومين قبل المصارعة لتأمين فوزها. ويبلغ قطر حلبة «المصارعة» نحو ثلاثة أمتار. ويشرف أبو علي خلال تدريباته استعداداً لموسم المصارعة في تشرين الثاني (نوفمبر) من كل عام، على مصارعة في أحد مقاهي منطقة الكسرة. ويبدأ القتال فور دخول الديكين الحلبة بانقضاض كل منهما على الآخر ليواصلا الهجمات بالقفز في الهواء وأحياناً بالتسلل بين أقدام الآخر بسرعة كبيرة وفي شكل متواصل من دون كلل. وبعد دقائق قليلة تتخللها صيحات للديوك التي يتطاير ريشها مع صرخات الجمهور، تبدو ملامح التعب واضحة فيما تتساقط قطرات الدم من جناح أحدهما. ومن المفترض ان يتخلل النزال استراحة لدقيقة واحدة كل عشر دقائق يتم خلالها فحص الديكة المتصارعة من قبل أصحابها، وغسل مناقيرها وسقيها الماء البارد. ويؤكد أبو علي أن عمر الديك يجب أن لا يقل عن أحد عشر شهراً، لكي يبدأ النزال. ويطلق المربون على الديوك أسماء من يحبون، ويدافعون عنها بشراسة حتى قد ينجم عنها خسارة أصدقاء كما انهم لا يتوانون عن توبيخ من يتعرض لها بشدة. ويكرس هؤلاء معظم أوقاتهم لتربيتها وتدريبها في شكل مكثف والعناية بها وفق نظام غذائي يشمل اللحوم والبيض وقشور الفاكهة ومواد أخرى.