اجتمعت الحكومة الأمنية المصغرة في إسرائيل في ساعة متقدمة من مساء أمس للبحث في تطورات الحرب في القطاع، بعد ساعات من المجزرة التي نفذها الطيران الحربي في حي الشجاعية، وفي ظل تقارير عن «قتال ضارٍ» بين القوات البرية وعناصر المقاومة، أسقطت حتى ظهر أمس، بحسب الناطق بلسان الجيش، 13 قتيلا و63 جريحاً في أوساط الجنود، بينهم قائد «لواء غولاني» غسان عليّان الذي أصيب إصابات متوسطة. ورأى مراقبون في إسرائيل أن المجزرة في حي الشجاعية «قد تبلور ملامح المعركة الدائرة الآن ووجهتها في المستقبل القريب، فإما أن توقف النار أو توسع نطاقها»، ما يعني توسيع جيش الاحتلال اجتياحه البري للقطاع. وكانت وسائل الإعلام العبرية نقلت قبل ايام عن الجيش وعيده بتحويل بيت لاهيا إلى مدينة أشباح وتوسيع العمليات الجوية، وتنفيذ جريمة بحجم جريمة الضاحية بداعي أن جريمة تدمير الضاحية في بيروت قبل ثمانية أعوام فعلت مفعولها. وقال زعيم حزب «يش عتيد» الوسطي وزير المال يئير لبيد إن الحكومة ستبحث في كل الخيارات، بما في ذلك احتلال القطاع. وأضاف ملخصاً المعارك التي دارت داخل القطاع السبت: «كان يوماً من القتال الشرس، لكننا لم نفاجَأ ... تم الكشف عن ستة أنفاق إرهابية تطل على إسرائيل، وقمنا بعمليات في مئات المواقع في القطاع». كشف انفاق واعتقال 13 ناشطاً وأردف: «لن نتقيد بوقت ... سنزيل التهديد الإرهابي عن جنوب إسرائيل، علينا الاستمرار وإنهاء المهمة من خلال تحقيق الأهداف التي حددناها، وفي مقدمها تطهير أنفاق التفجيرات والقضاء على الناشطين وإضعاف حماس»، معتبراً اعتقال 13 ناشطاً «نجاحاً مهماً يفيد الاستخبارات العسكرية في بحثها عن الأنفاق». وأقر ضباط كبار بوقوع معارك ضارية مع عناصر المقاومة، وعزوها إلى «الجهد الكبير الذي تقوم به قواتنا لتدمير الأنفاق، ما يتسبب في الاحتكاك». ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أحدهم قوله إن عملية التسلل لقرية تعاونية إسرائيلية التي نفذتها «حماس» فجر أمس وقتل فيها جنود إسرائيليون، تعتبر «عملية نوعية واستراتيجية». وأضاف: «لو نجحت حماس في تحقيق مرادها ونفذت عملية كبيرة في القرية لوجهت ضربة قاتلة للاستيطان في محيط غزة، ولما تجرأ أحد على السكن فيه». ويأتي لافتاً أن بيانات الجيش الإسرائيلي عن تفاصيل المعارك التي يشنها المشاة مقتضبة وتدور أساساً حول «النجاح في حرب الأنفاق» والخسائر في أرواح الجنود، فيما الإعلام الإسرائيلي يتنازل طوعاً عن استقلاليته، وينشر بيانات الجيش كما هي متجنباً إلى الآن الخوض في أسئلة عن جدوى العملية العسكرية، وحقيقة الخسائر في أوساط الجنود، عاكساً بذلك نبض الشارع المتماهي كله مع الحكومة والجيش. ولفت أحد المعلقين، غامزاً من قناة الجيش، إلى أن «تفاصيل المعارك الدائرة في القطاع تصل إلينا في شكل متقطع، حيال امتناع الجيش عن الإدلاء بمعلومات في هذه المرحلة». وتوقفت وسائل الإعلام العبرية أمس عند إصابة قائد «لواء غولاني» الدرزي غسان عليان بجروح متوسطة بعد ساعات قليلة من توغل لوائه في غزة، نقل على أثرها إلى المستشفى وتم تعيين قائد جديد للواء. وأشارت إلى أن الحظ فقط أنقذ حياة مجموعة من الضباط الكبار في الجيش (وحدة المدرعات 188 الشهيرة) عندما مروا قرب خلية فلسطينية مسلحة بسيارة غير مدرعة. ورأى كبير معلقي «يديعوت أحرونوت» ناحوم بارنياع أن «الحكومة أمام معضلة قاسية: مواصلة الاجتياح إلى أعماق غزة والمجازفة بقتل جماعي لمواطنين فلسطينيين، أو الانسحاب تحت النار ومنح حماس الانتصار». واتفق معه المعلق العسكري في صحيفة «هآرتس» عاموس هارئيل، مشيراً إلى أن اشتداد القتال في القطاع يستوجب من الحكومة الأمنية المصغرة أن تتخذ قريباً أحد قرارين: مواصلة الضغط العسكري على غزة وتوسيع نطاق الحرب، أو الاقتراب من نهايتها طبقاً للأهداف التي حددت سابقاً. الشارع الإسرائيلي إلى ذلك، تسود الشارع الإسرائيلي أجواء عنصرية ومعادية لكل ما هو عربي، تكاد تكون غير مسبوقة. وتعرض مئات المتظاهرين العرب في مدينة حيفا في اليومين الأخيرين إلى اعتداءات من متظاهرين يهود على مرأى من أفراد الشرطة الذين قاموا بدورهم بحملة اعتقالات في صفوف العرب (أكثر من 70 متظاهراً). وأعلن القائد العام للشرطة يوحنان دنينو أن الشرطة لن تسمح بتظاهرات احتجاجية على الحرب من دون ترخيص، وانها ستتعامل بصرامة مع المخالفين للأوامر.