قال ناشطون في حمص إن الاتصالات مقطوعة في شكل شبه كامل في المدينة، ما يجعل من الصعب معرفة مكان وجود جثتي الصحافيين الغربيين الأميركية ماري كولفن والفرنسي ريمي أوشليك اللذين قتلا جراء القصف الذي طاول منزلاً يستخدم كمركز إعلامي في بابا عمرو أول من أمس. كما لم يتسن معرفة حال الصحافيين الأجانب الثلاثة الجرحى، وبينهم الصحافية في مجلة «لو فيغارو» الفرنسية أديت بوفييه. وأوضح مسؤول في المجلة لفرانس برس أن بوفييه تحتاج إلى عملية جراحية. وقالت منظمة «مراسلون بلا حدود» إنها تحاول الاتصال بحمص لكن «القصف عنيف إلى درجة أن أحداً لا يمكنه أن يصعد إلى السطح لاستخدام هاتفه عبر الأقمار الاصطناعية». ووصف الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أمس مقتل الصحافيين الغربيين بأنه «عملية قتل». وتابع «المسؤولون عن ذلك سيحاسبون». فيما قال جون ويذرو رئيس تحرير «صنداي تايمز» إن كولفن وزملاءها «استهدفوا عن عمد». وأوضح ويذرو لتلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): «أنهم كانوا قطعاً يعلمون بوجودها هناك من تقاريرها ومن رسائلها الإذاعية. والسؤال هو هل كان بوسعهم استخدام وسائل تكنولوجية أو أي وسائل أخرى ليعرفوا بالضبط أين كانت تختبئ هي والصحافيون الآخرون؟». واستطرد: «يبدو لي أنه من المنطقي تماماً افتراض أنهم استهدفوهم». ونشر ناشطون آخرون ما ذكرته كوفلن عن حمص على موقعها على فايسبوك قبل مقتلها، وجاء فيه: «بدأ القصف عند السادسة من صباح اليوم. أحصيت نحو 14 قذيفة استهدفت مناطق سكنية في بابا عمرو خلال 30 ثانية. توجد شقة تم تحويلها إلى عيادة، وشاهدت أعداداً من المصابين فيها، وشاهدت طفلاً يموت اليوم. هذا فعلاً مرعب...عمره سنتان، كشف الأطباء عليه ووجدوا شظية في صدره ولم يكن باستطاعتهم عمل شيء لإنقاذه... ظل ينزف حتى الموت. هذا يحدث مراراً وتكراراً ولا أحد يستطيع أن يفهم كيف يسمح المجتمع الدولي لذلك بالحصول، خصوصاً أن لدينا مثالاً ما حدث خلال مجزرة سربرينيتشا وتحقيقات الأممالمتحدة في هذا الشأن... كان يجب أن لا يُسمح لذلك بأن يحدث مرة أخرى». وفي الهجوم نفسه أصيب أيضاً المصور البريطاني بول كونروي والصحافية الفرنسية بوفييه التي تسللت إلى سورية لإعداد تقرير لصحيفة لو فيغارو الفرنسية والمصور وليام دانييلز ومقره باريس. وقال نشطاء إن بوفييه (31 سنة) تتلقى العلاج في مستشفى ميداني سيء التجهيز في حي بابا عمرو المحاصر بمدينة حمص والتي تتعرض لقصف من الجيش السوري منذ أكثر من ثلاثة أسابيع تقريباً. وأكدت بوفييه أنها «في حاجة إلى عملية في أسرع وقت» وطلبت وقفاً لإطلاق النار وسيارة إسعاف «في اسرع وقت» لنقلها إلى لبنان، وذلك في تسجيل فيديو نشره الناشطون المعارضون على موقع يوتيوب. وقالت بوفييه «ساقي مكسورة عند عظمة الفخذ ... أنا في حاجة إلى عملية في اسرع وقت». وبدت في التسجيل ممددة وهادئة وتبتسم، فيما جلس جانبها المصور الفرنسي وليام دانيلز. وقالت في مطلع الفيديو «مرحبا، أنا أديت بوفييه أغطي الأحداث في سورية مع مجموعة صحافيين. اليوم الخميس المصادف 23 شباط (فبراير) والساعة حوالى 15. بالأمس أصبنا مع فريق الصحافيين في الهجوم البارحة الذي قتلت فيه ماري كولفن وريمي اوشليك». وتابعت «أنا كسرت ساقي على مستوى عظم الفخذ ... وأحتاج إلى عملية في اسرع وقت. هنا عاملنا الأطباء بأفضل ما يكون وقدر مستطاعهم، لكنهم لا يستطيعون إجراء عملية جراحية». وتابعت وقد بدا إلى جانبها طبيب سوري «أنا في حاجة في اسرع وقت إلى وقف إطلاق النار وسيارة إسعاف أو أي سيارة جيدة تنقلني إلى لبنان لتلقي العلاج من دون تأخير». وقال وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه إنه «يتحتم» على الجيش السوري وقف إطلاق النار للسماح بدخول المساعدات الإنسانية سريعاً. مضيفاً أن رد فعل الحكومة السورية غير كاف في شأن إصابة بوفييه التي قالت تقارير إنها تواجه خطر الموت متأثرة بجروحها. وأضاف في تصريح للصحافيين: «الوضع مروع. تحمل فرنسا السلطات السورية المسؤولية عن حياة مواطنينا وعن حياة مصابينا». واستدعت وزارة الخارجية البريطانية السفير السوري في لندن للمطالبة بأن يتلقى المصور البريطاني الذي أصيب في الهجوم العلاج. في موازاة ذلك، أعلنت دمشق أمس رفضها تصريحات حملت الحكومة السورية مسؤولية مقتل الصحافيين الغربيين في حمص، داعية الإعلاميين الأجانب إلى ضرورة «احترام القوانين الناظمة» للعمل الصحافي في سورية. وأعلن وزير الإعلام السوري عدنان محمود أن السلطات كلفت محافظ حمص بالسعي لإخراج جثماني الصحافيين، إضافة إلى الصحافيين الآخرين الجرحى من حي بابا عمرو. وقال: «لأسباب إنسانية، جرى تكليف محافظ حمص باتخاذ كل الخطوات اللازمة لإجلاء الصحافيين، على رغم أنهم دخلوا إلى البلاد خلسة للوصول إلى منطقة يسيطر عليها الإرهابيون».