قتل صحافيان غربيان، اميركية وفرنسي، أمس في مدينة حمص في قصف طال منزلاً حوَّله ناشطون إلى مركز إعلامي، على ما أفادت مصادر متطابقة. وقال ناشطون إن الصحافيين هما ماري كولفن، وهي أميركية تعمل لحساب صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية، والمصور الفرنسي ريمي أوشليك. ودانت أميركا وبريطانيا وروسيا وفرنسا مقتلهما، ودعت باريس الحكومة السورية الى وقف الهجمات على حمص «فوراً وإتاحة الوصول الآمن للمعونة الطبية للضحايا»، وقال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إن قتل الصحافيين عملية «اغتيال»، وإن حكم الرئيس السوري بشار الأسد يتعين «ان ينتهي»، فيما قال وزير الإعلام السوري عدنان محمود، إن الوزارة «ليس لديها أي علم» بدخول الصحافيين أو وجودهم على الأراضي السورية. وعن ملابسات الهجوم، قال الناشط عمر شاكر من حى بابا عمرو في حمص: «قتل صحافيان حين استهدف القصف مركزنا الاعلامي في حي بابا عمرو، كما أصيب ثلاثة أو أربعة صحافيين أجانب آخرين بجروح». وأضاف شاكر: «القصف العشوائي مستمر، وسنحاول اخراج الجثث، لكن ذلك صعب جداً». واتهم نشطاء الحكومة السورية بتعمد قصف المبنى الذي كان يقيم فيه ستة صحافيين على الأقل تسللوا بطريقة غير قانونية إلى حمص. وقال شاهد لرويترز، إن القذائف سقطت على المنزل الذي كان الصحافيان يقيمان فيه، وإن صاروخاً أصابهما خلال محاولتهما الفرار. وللاثنين خبرة في تغطية الحروب بمنطقة الشرق الأوسط وغيرها، وكولفن صحافية جسورة فقدت إحدى عينيها من جراء الإصابة بشظية اثناء العمل في سريلانكا عام 2001. وكانت تغطي عينها برقعة سوداء بعد هذا الهجوم. وقد نالت جائزة افضل مراسلة في الخارج للعام 2010 في بريطانيا. أما ريمي أوشليك، فهو مصور وكالة اي بي 3 برس ومقرها باريس، ونشرت الصورالتي التقطها في مجلتي باري ماتش وتايم وصحيفة وول ستريت. ونال جائزة وورلد برس 2012 لتغطيته لأحداث ليبيا. وفي باريس، أعلن وزير الثقافة الفرنسي فريديريك ميتران، ان الصحافيين هما الاميركية ماري كولفن والمصور الفرنسي ريمي أوشليك. وقال الوزير: «قتلت الاميركية ماري كولفن، و(الفرنسي) ريمي أوشليك (28 سنة) في حمص وهو يؤدي عمله كمصور صحافي. هذا شيء محزن جداً». وكولفن هي في الخمسين من عمرها وتعمل لصحيفة «صانداي تايمز» البريطانية. أما ريمي أوشليك، فيعمل مصوراً لوكالة «اي بي 3 برس» التي تتخذ من باريس مقراً. وذكرت صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية، ان الصحافية الفرنسية إديت بوفييه التي تعمل لديها، هي بين الصحافيين المصابين، وقال نشطاء إنها في حالة حرجة. ودعت فرنسا الحكومة السورية الى وقف الهجمات على حمص فوراً. وقال وزير الخارجية ألان جوبيه في بيان: «أطلب من الحكومة السورية أن تحترم واجباتها الانسانية. طلبت من سفارتنا في دمشق أن تطلب من السلطات السورية تأمين طريق لتوفير مساعدة طبية للضحايا بدعم من اللجنة الدولية للصليب الأحمر». وقال جوبيه إنه استدعى السفير السوري لإدانة سلوك الحكومة السورية. وقال: «فرنسا مصممة أكثر من اي وقت مضى على إنهاء القمع الوحشي الذي يواجهه الشعب السوري كل يوم». من جانبه، قال الرئيس الفرنسي للصحافيين على هامش حملته الانتخابية: «كفى، النظام (السوري) يجب ان يرحل، وما من سبب يمنع السوريين من حقهم في ان يعيشوا حياتهم ويختاروا مصيرهم بإرادتهم. إذا لم يكن هناك صحافيون، فإن المجازر كانت ستزداد سوءاً». وأضاف: «سبق ان قتل مصور فرنسي قبل فترة، وسأقدم بالطبع التعازي إلى الأسر، ذلك يدل على اهمية العمل الصحافي وكم أن هذه المهنة صعبة وخطيرة». وفي لندن، قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ، إنه صدم لمقتل كولفين المراسلة المخضرمة، وإن حكومته لن توقف جهودها لإنهاء نزف الدماء في سورية. وأضاف هيغ: «حكومات العالم عليها مسؤولية التصرف بناء على هذه الحقيقة، وان نضاعف جهودنا لوقف حملة الترويع الحقيرة التي يشنها نظام الأسد». كما اعتبرت أميركا مقتلهما «نموذجاً جديداً على وحشية النظام» السوري. وقالت الناطقة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند، إن «هذا الحادث المأساوي يشكل نموذجاً جديداً على الوحشية الوقحة لنظام الأسد». فيما قالت الخارجية الروسية إن «موسكو تدين بقوة وقلقة جداً» إثر مقتل الصحافيين، معتبرة ان هذا «الحدث المأساوي يؤكد مرة جديدة ضرورة قيام كل اطراف النزاع السوري بوقف العنف». وفي باريس، ألقت بسمة قضماني الناطقة باسم المجلس الوطني السوري باللوم على النظام، وقالت للصحافيين: «ان حمص أضحت مدينة غير آمنة الى حد بعيد»، موضحة أنها لا ترى أي سبب يدفع القوات الثورية أو المعارضة لإطلاق النار على الصحافيين. ورجحت ان يكون مطلقو النارعلى صلة بالنظام. في موازاة ذلك، قال وزير الإعلام السوري عدنان محمود، إن الوزارة «ليس لديها أي علم» بدخول الصحافية الأميركية والمصور الصحافي الفرنسي و «آخرين أجانب أو وجودهم على الأراضي السورية». واضاف محمود أنه «تم الطلب الى الجهات المختصة في محافظة حمص (وسط البلاد) للبحث عن مكان وجودهم ومتابعة موضوع هؤلاء الصحافيين ممن تحدثت وسائل الاعلام عن إصابتهم في حمص»، طالباً من «جميع الإعلاميين الأجانب الذين دخلوا إلى سورية بطريقة غير شرعية مراجعة أقرب مركز للهجرة والجوازات في مناطق تواجدهم لتسوية أوضاعهم وفق القوانين المرعية».