تنظر المحاكم الطبية الشرعية في قضايا أطفال تسببت أخطاء طبية فادحة حدثت عند الولادة لإعاقات كاملة، والبعض إصابات بإعاقات جزئية. وكشف رئيس الهيئة الطبية الشرعية بمحافظة جدة الشيخ عبدالرحمن العجيري ل «الحياة» وجود عددٍ كبير من الشكاوى التي تنظرها الهيئة، ويجري سير قضاياها بسبب سحب الأطفال بطرق غير سليمة ومناسبة أثناء عمليات الولادة. وأكد العجيري أن بعض الأطباء والطبيبات لا يراعون أثناء عمليات السحب، الضعف الجسدي للمولود أو المولودة، ما نتجت منه حالات إعاقة كاملة، وأخرى جزئية. وأشار إلى أن جزءاً من القضايا المنظورة من جانب أولياء أمور المواليد بسبب نقص «الأوكسجين» للمولود، ما أدى إلى حالات وفاة، موضحاً أن نسبة الأخطاء الطبية التي ترتكب أثناء الولادة في جدة 26في المئة من مجمل حالات الأخطاء الطبية الواردة إلى اللجنة الشرعية، وقد تتعلق بالمرأة والجنين، إذ نظرت اللجنة الشرعية خلال عام 1432، 16 قضية خطأ طبي في عملية الولادة من جانب أطباء وطبيبات في جدة، وارتكبت في مستشفيات خاصة، وغالبية هذه القضايا قد تكون نقص «أوكسجين» عن الجنين أثناء الولادة ما يؤدي لفقد حواسه، إلى جانب خلع في أعضاء جسم الجنين والموت الدماغي. وأفاد رئيس الهيئة الطبية الشرعية أن التقارير ترفع لوزارة الصحة بشكلٍ سنوي، شاملةً القضايا التي نظرت وأصنافها وأنواعها وسير التحقيق فيها والأحكام التي صدرت فيها، فضلاً عن القضايا المنظورة، كاشفاً وجود ارتفاع سنوي في أعداد قضايا الأخطاء الطبية. وأرجع العجيري ذلك إلى التوسع السكاني، وإقبال المجتمع على العمليات الجراحية والتجميلية في الآونة الأخيرة، مطالباً بوجود رقابة ونظام صارم يحد من كثرة الأخطاء الطبية في المراكز والمستشفيات. في حين كشف العجيري ل «الحياة» في وقت سابق أن نسبة الأخطاء الطبية التي تنظرها الهيئات الطبية الشرعية هي خمسة في المئة من مجمل الأخطاء التي ترتكبها المستشفيات في حق الأرواح رجالاً كانوا أو نساء أو أطفالاً، مبيناً أن ذلك يعود لأسباب أبرزها عدم علم المواطن أو المقيم بالأخطاء الطبية وأسباب الوفاة، إذ إن غالبية المستشفيات تخفي الأسباب ولا تطلع أهل المتوفى أو المصاب بخطأ طبي على تفاصيل تقارير حال الوفاة. وأفاد أن جميع الأطباء الذين تنظر قضاياهم في الهيئة إما أنهم يعملون من دون ترخيص مزاولة مهنة أو يزاولون تخصصاً غير تخصصهم الفعلي، مطالباً وزارة الصحة بتكوين لجان رقابية واستحداث أنظمة تكفل الحد من الأخطاء الطبية خصوصاً ضد المستشفيات الخاصة، والتأكيد على أهلية الطاقم الطبي والإمكانات الخاصة بالمستشفيات على إجراء عمليات تضمن سلامة البشر. وأرجع العجيري أسباب تكرار الأخطاء الطبية من جانب الأطباء الذين عليهم سوابق مختلفة، إلى عدم وجود أرشيف معلومات يضم تاريخ الأطباء المدانين والذين عليهم أخطاء طبية سابقة ويحفظ عدد الإنذارات التي تلقاها الطبيب خلال ممارسة عمله نتيجة ارتكاب خطأ معين، وأضاف: «هذا يسهم في الغالبية في التسبب بوفاة الكثير من الأشخاص، وفي الوقت ذاته يترك الطبيب المخطئ يمارس عمله من دون رادع». وطالب بتخصيص محكمة مختصة لبت قضايا الأخطاء الطبية وعدم ترك الأمر من دون تقييد ضمن آليات محددة، حتى يحد ذلك من «الانفلات الواضح داخل اللجان الشرعية»، مبرراً ذلك بأن هذه اللجان تتكون من أطباء من التعليم العالي ومثلهم من المستشفيات الحكومية وآخرين من الشؤون الصحية، كما أن بعض الأعضاء هم قانونيون ورجال قضاء شرعي «وهو ما يعني أن هذه اللجان تفتقد الكيان الموحد».