على رغم الاختلافات والانقسامات التي ظهرت جلياً في ميدان التحرير وميادين عدة بين القوى السياسية والتيارات الشبابية حول إحياء ذكرى «ثورة 25 يناير»، إلا أن القصاص لدماء الشهداء كان مطلباً مشتركاً للجميع. فالقوى التي أرادتها احتفالاً وعلى رأسها الإسلاميون والتيارات التي تبنت الاحتجاج خصوصاً الائتلافات الشبابية رفعت جميعها صوراً لشهداء الثورة خلف منصاتها التي لم تشأ أن تتفق على شيء إلا القصاص. وكان أهالي الشهداء ضيوفاً مشتركين على هذه المنصات التي تخاصمت في الذكرى الأولى للثورة بخصوص اللافتات والهتافات وأيضاً المتحدثين. واعتلى أهالي الشهداء كل منصات الميدان وتحدثوا عن معاناتهم وشعورهم بالغبن بسبب عدم معاقبة قتلة أبنائهم. وإن كان لم يُسمح لهم بالهتاف بسقوط حكم العسكر من على منصة الإخوان، إذ عطل المنظمون مكبرات الصوت حين هتف واحد من آباء الشهداء من على منصة الإخوان «يسقط يسقط حكم العسكر». وامتلأ ميدان التحرير أمس بصور الشهداء وكُتب عليها تواريخ استشهادهم والمطالبة بالقصاص من قتلتهم. كما ارتدى شباب كثر أقنعة تحمل ملامح وجوه الشهداء وانتشر في شكل لافت قناع لوجه خالد سعيد الذي كان حادث قتله على يد أفراد من الشرطة مفجّراً لغضب الشباب وبداية لانطلاق احتجاجات ظلّت تتدرج ككرة الثلج إلى أن أثمرت الثورة. ورفعت لافتات ضخمة تمجد الشهداء وتضحياتهم في سبيل إنجاز الثورة مع تعهدات بالقصاص لهم، لكن الخلاف الرئيس بين القوى السياسية تركز في مدى مسؤولية قادة المجلس العسكري عن سقوط قتلى في الأحداث التي تلت الثورة. ونظمت الائتلافات الشبابية مسيرات عدة إلى ميدان التحرير على رأس كل منها والد أو والدة شهيد منها مسيرة شارك فيها المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح ووائل غنيم والناشط السياسي ممدوح حمزة. وقال والد الشهيد شهاب حسن شهاب ل «الحياة»، فيما كان يلتف بصورة ابنه الذي استشهد في «جمعة الغضب» في 28 كانون الثاني (يناير) الماضي: «لن أبرح الميدان حتى أقتص من قتلة ابني... كيف يطلب البعض الاحتفال بالثورة فيما الشباب الذين ضحّوا بدمائهم من أجل هذا اليوم لم تتم معاقبة قتلتهم». وتابع: «على النواب الجدد أن يعلموا أنه لولا دماء الشهداء لما كانوا وصلوا إلى مقاعد البرلمان، ووفاء لهذا الفضل عليهم الإسراع في الضغط من أجل القصاص».