قبل ثلاثة أيام من الذكرى الأولى ل «ثورة 25 يناير» في مصر، استعاد ميدان التحرير، مهد الثورة، بعضاً من زخمه الثوري، فعند أطرافه تراص باعة الأعلام وقبعات بلونها وفي ساحته نصبت منصة كبيرة استعداداً لفعالية يفترض أن تكون أقيمت مساء أمس تنظمها «حركة شباب من أجل الحرية والعدالة» وحركة «كاذبون» يتحدث فيها عدد من أهالي شهداء الثورة. وتحدثت أيضاً والدة الشاب خالد سعيد الذي قتلته الشرطة قبل الثورة وشكل موته الشرارة الأولى للتظاهرات التي أطاحت الرئيس المخلوع حسني مبارك، ووالدة الشاب مينا دانيال الذي قتل أثناء أحداث ماسبيرو التي اندلعت في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي وشهدت مواجهات بين متظاهرين أقباط وقوات الجيش قتل فيها أكثر من 20 شخصاً وأصيب المئات. وتعرض حملة «كاذبون» بعضاً من وقائع المواجهات بين قوات الجيش والمتظاهرين في أحداث مجلس الوزراء وشارع محمد محمود في محاولة لإثبات أن الجيش تعمد استخدام العنف ضد المتظاهرين. وينتظر أن يتحدث في الفعالية رئيس حزب «غد الثورة» الدكتور أيمن نور والاستشاري الهندسي الدكتور ممدوح حمزة اللذان اتهما بالتحريض ضد الجيش. وفي أرجاء الميدان، انتشر شباب الحركات المناهضة لحكم المجلس العسكري، منها «لا للمحاكمات العسكرية»، ووزعوا بيانات تؤكد ضرورة تسليم السلطة في ذكرى الثورة الأربعاء المقبل، وتدعو إلى التظاهر في كل ميادين الجمهورية. ومن على المنصة الرئيسية في مواجهة حديقة الميدان ظل الشباب يرددون: «يسقط يسقط حكم العسكر» ويوعون المتظاهرين بضرورة «استكمال الثورة» والحفاظ على سلميتها الأربعاء المقبل. وحض عدد من المتحدثين الشباب على الاعتصام في مختلف الميادين لإجبار المجلس العسكري على تسليم السلطة. وأعلن أحدهم اختيار الطبيب الشاب أحمد حرارة الذي فقد إحدى عينيه يوم 28 كانون الثاني (يناير) الماضي والثانية في مواجهات شارع محمد محمود، متحدثاً باسم الثورة والشروع في اختيار 50 شاباً لتشكيل «مجلس قيادة الثورة». وزادت أعداد خيام الاعتصام في أطراف الميدان وحديقته المركزية، وحضر عدد من أهالي شهداء الثورة بصور أبنائهم. وقال والد الشهيد شهاب حسن شهاب، الذي قتلته الشرطة يوم «جمعة الغضب» في 28 كانون الثاني (يناير) الماضي، ل «الحياة» وهو يرفع صور ابنه: «لم يقتص المجلس العسكري من قتلة ابني وسأستمر في التظاهر حتى يعاقب قتلته». وشدد على أن «دم الشهداء لن يضيع هدراً، وسنستكمل ثورتهم التي لم تؤتِ ثمارها حتى الآن... القصاص أول خطوة في اتجاه نجاح الثورة، ووزير الداخلية السابق منصور عيسوي أكد أن الشرطة ليس فيها قناصة على رغم أن ابني قتل برصاص قناصة، وهذا يؤكد أن السلطة الجديدة تسعى إلى تبرئة القتلة». وأوضح أنه سيتظاهر في ميدان التحرير الأربعاء في شكل سلمي، ولكن قرار الاعتصام سيتوقف على حالته الصحية. مجلس الشعب (الغرفة الأولى في البرلمان) والذي يجتمع بعد غد، لم يفلت من هجوم المتظاهرين، إذ رفع بعضهم لافتات تستهزئ به، منها لافتة تحمل صورة الرئيس المخلوع وهو ملتح، في إشارة إلى فوز الإسلاميين بغالبية مقاعد البرلمان، وكتب عليها: «نجاح الفترة الانتقامية... عودة مبارك من الرحلة العلاجية»، ولافتة أخرى لمبارك يقول: «الآن عرفت ماذا يريد الشعب المصري... مجلس الشيوخ (الشعب) سابقاً». والحال كذلك بالنسبة للمرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية، إذ رفع شاب لافتة كتب عليها «المرشح المحتمل للشهادة في ميدان التحرير يوم 25 يناير 2012... رمز المسدس»، وهو تحدث عن رفض شباب الثورة كل الترتيبات التي تمت خلال الفترة الانتقالية لنقل السلطة من المجلس العسكري، وهم يعبرون بهذه اللافتات الساخرة عن وجهة نظرهم. وكان المئات أدوا صلاة الجمعة في التحرير أمس في جمعة أطلقوا عليها اسم «الحداد للشهداء». وطالب الشيخ جمعة محمد، في خطبته، المجلس العسكري بتسليم السلطة قبل يوم الأربعاء، وإنهاء محاكمات قتلة الشهداء قبل نيسان (أبريل) المقبل، وتطهير المؤسسات من رجال النظام السابق ورعاية أسر الشهداء ومعالجة المصابين على نفقة الدولة. ودعا إلى اعتصام مفتوح لحين تنفيذ هذه المطالب.