قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، إن لديه «رسالة قوية» الى الرئيس السوري بشار الأسد يبعث بها اليه من بيروت، وهي أنه «فقد شرعيته، ويجب ان يكف عن قتل شعبه... وعليه اتخاذ اجراءات جريئة للإصلاح قبل أن يفوت الأوان». وأكد بان في الوقت ذاته أن «هناك دائماً مجالاً للاستدراك كي لا تصبح الحرب الأهلية في سورية حتمية». وكان بان يتحدث الى «الحياة» على متن الطائرة التي أقلته من نيويورك الى بيروت حيث بدأ أمس زيارة رسمية هي الأولى في ولايته الثانية. واعتبر أن «الوضع القائم في سورية الآن تترتب عليه إفرازات خطيرة على السلام والاستقرار في لبنان». وحذر من إفرازات التوتر في مضيق هرمز، وقال إنه يحض الأطراف المعنية «أولاً على نزع فتيل التوتر». وصنّف اغتيالات العلماء الإيرانيين بأنها «إجراء إرهابي». وقال: «أي اغتيال لمدنيين أو لعلماء تجب إدانته ويجب ان يكون مرفوضاً، إذ تجب حماية حقوق الإنسان». وحمّل بان ايران مسؤولية إثبات ان برامجها النووية سلمية، وقال: «العبء يقع على ايران لتثبت ان برنامجها النووي هو حقاً من أجل الغايات السلمية، يجب أن يبرهنوا ويثبتوا ذلك». وعارض مبدأ الإعدام لدى سؤاله عن احتمال طلب إعدام الرئيس المصري السابق حسني مبارك، مذكَِّراً بأن الأممالمتحدة «تبنّت قراراً يوصي الدول بكل قوة بعدم تطبيق حكم الإعدام». وطالب بان الرئيس اليمني علي عبدالله صالح بأن «ينفذ كلياً ما وافق عليه تجاه شعبه ومع مجلس التعاون الخليجي». كما طالب الرئيس السوري بأن «يستمع الى شعبه، فليس مقبولاً أبداً أن يقوم بقتل شعبه وأن تكون قواته المسلحة والأمنية قتلت 5 آلاف شخص وتنتهك حقوق الإنسان». وحذّر من أن «الأسرة الدولية لن تقبل بوضع كهذا»، مطالباً الأسد ب «التوقف عن سفك الدماء». وكشف الأمين العام ان رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم آل ثاني قال له أثناء لقائهما الأخير في نيويورك إنه آت «مع نبيل العربي (الأمين العام لجامعة الدول العربية) الى مجلس الأمن لتقديم إحاطته إلى المجلس». كما كشف ان مكتب المفوضة العليا لحقوق الإنسان، نافي بيلاي، «سيبدأ الأسبوع المقبل في تدريب المراقبين» العرب الى سورية، مؤكداً ان التنسيق قائم مع العربي «وأنني أتعاون معه عن كثب وباستمرار، ونتشاور في كيفية قيام الأممالمتحدة مع جامعة الدول العربية بمعالجة هذه المسألة». وأكد بان أنه صاحب القرار في ما يتعلق ببروتوكول المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والتمديد له، كما أكد أن عملية البحث عن بديل للمدعي العام دانيال بلمار متقدمة وسيتسلم المدّعي العام الجديد المهام مطلع آذار (مارس). وأكد أنه بعث برسالة الى رئيس مجلس الأمن للموافقة على تعيين البريطاني ديريك بلمبلي منسقاً خاصاً لنشاطات الأممالمتحدة في لبنان بديلاً من مايكل وليامز. وتحدى بان مقولة أن المحكمة الخاصة بلا جدوى، وقال إنها «بالغة الأهمية لتعزيز العدالة الدولية وحماية حقوق الإنسان». وقال إن الذين ارتكبوا الجرائم التي تدخل في نطاقها، «بغض النظر عمن هم، يجب أن يمثلوا أمام العدالة». وفي ما يتعلق باصطحابه مستشاره الخاص ومبعوثه لتنفيذ القرار 1559، تيري رود لارسن، الى بيروت، قال بان: «من الطبيعي ان يرافقني لأن قرارات مجلس الأمن 1559 أو 1701 أو غيرها ملزمة لجميع الدول»، وهي «ليست قرارات تخص مجموعات أو أحزاباً دون غيرها». وأجرى بان أمس محادثات مع الرئيس اللبناني ميشال سليمان الذي دان الاعتداءات التي تعرضت لها قوات «يونيفيل»، مؤكداً ان الحكومة اللبنانية اتخذت «اجراءات عملية محددة خلال الاشهر المنصرمة لتوفير حماية افضل» لهذه القوات. وأمل في أن تودي «المراجعة الاستراتيجية القائمة بين الجيش اللبناني ويونيفيل الى اقتراحات من شأنها تسهيل تنفيذ القرار 1701 بكل مندرجاته من دون تعديل في عديد القوات الدولية او مهمتها». واشاد بان من جهته، «بموقف لبنان لجهة التزامه قرارات الشرعية الدولية... والقرار المتعلق بالمحكمة الخاصة بلبنان»، منوهاً ب «الجهود القائمة لاستئناف الحوار الوطني كمدخل لتحقيق الاستقرار والتوافق على استراتيجية وطنية دفاعية، واستمرار احترام لبنان التزاماته الدولية». ولفت رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لدى لقائه بان، الى الانتهاكات الاسرائيلية المتكررة للسيادة اللبنانية، مؤكداً ان اسرائيل «لا تقيم وزناً لارادة المجتمع الدولي»، ومجدداً «تأكيد التزام لبنان القرارات الدولية، بما فيها القرار المتعلق بالمحكمة الخاصة، والتطلع الى استمرار التعاون مع الدول المشاركة في القوات الدولية». ونقل مكتب ميقاتي الاعلامي عن بان تأكيده ان «الخروق الاسرائيلية للاجواء والاراضي اللبنانية تشكل تهديداً لصدقية القوات الدولية وانتهاكاً للسيادة اللبنانية»، داعياً الى «التعجيل في الحوار الاستراتيجي بين الجيش اللبناني ويونيفيل لتمكين الجيش اللبناني من تسلم مهامه الكاملة في الجنوب وليس بهدف تقليص عديد القوات الدولية». ودعا الى «ضبط الامن على الحدود اللبنانية والى العمل على نزع سلاح الميليشيات»، وحض «لبنان على البدء باستثمار ثرواته النفطية في المناطق البحرية غير المتنازع عليها على ان يتواكب ذلك مع اتصالات لحل الاشكالات بشأن المناطق المتنازع عليها». وسمع بان من رئيس المجلس النيابي نبيه بري خلال اللقاء معه على مدى ساعة ان «اسرائيل لم تقبل حتى الآن تحويل وقف الحال العدوانية بعد حرب تموز (يوليو) الى وقف اطلاق نار، لتترك تبريراً لطلعاتها الجوية المستمرة في الاجواء اللبنانية ولخروقها البحرية والبرية والجوية». وشدد على ان «روحية القرار 1701 توجب على الاممالمتحدة ان ترسّم الحدود البحرية للبنان كما رسمّت الحدود البرية، كونها قوة حفظ سلام دولية». واكد بري، بحسب مكتبه الاعلامي، «العلاقة المتينة للغاية بين الشعب اللبناني في الجنوب وبين يونيفيل». وطالب «بمؤازرة جدية من الاممالمتحدة بعد المؤتمر الذي قام به لبنان للخلاص من القنابل العنقودية التي خلّفها العدوان الاسرائيلي». وجرى بحث التطورات في المنطقة وتركز على الوضع في سورية. وعُلم ان بري أكد أن «ما يحصل في سورية يختلف عما يُقال عنه الربيع العربي». وشدد على «دعم المبادرة العربية في شأن سورية»، ولم يتطرق اللقاء الى اثارة موضوع المحكمة الدولية. وعلمت «الحياة» ان بان ابلغ بري أنه عيَّن بديلاً من ممثله في لبنان، وأن الممثل الجديد عمل سفيراً في السعودية ويتكلم العربية، وسأله بري ما اذا كان درس في مدرسة شملان فرد بان: «صحيح».