لا تلقى مارين لوبان، زعيمة حزب «الجبهة الوطنية» اليميني المتطرف، عند استضافتها على التلفزيون الفرنسي، أسلوب التعامل ذاته الذي يلقاه بقية رجال السياسة الفرنسيين. يبدو محاوروها ولا سيما في محطات القطاع العام وكأنهم «مجبرون» على استضافتها. وهذا هو الواقع، فالمجلس الأعلى للسمعي البصري في فرنسا يفرض على كل القنوات التلفزيونية الفرنسية الخاصة والعامة «مساواة نسبية» في الزمن المخصص للكلام لكل مرشح للرئاسة ويطلب من كل برنامج الالتزام بها. ولوبان التي ينوي عشرون في المئة من الفرنسيين التصويت لها في الانتخابات الرئاسية وفق استقصاءات الرأي كي تحلَ في المركز الثالث بعد المرشح الاشتراكي والرئيس ساركوزي، تشتكي باستمرار من المعاملة التي تتعرض لها إعلامياً مقارنة بغيرها من الزعماء السياسيين. وقد تقدمت سابقاً بشكوى ضد «فرانس2» بعد بث المحطة برنامجاً عن الحزب كما اعترضت بخصوص برامج على محطات القطاع العام لم تعط فيها حق الرد. أما آخر هذه الشكاوى فكان، وفق موقع «بيور ميديا»، الإثنين الماضي حين سلَم المسؤول الإعلامي لحملتها الانتخابية رسالة للرئيس العام ل «فرانس تلفزيون» (كل محطات القطاع العام) يعلن فيها غضبه من «السوقية التي تجاوزت الحد» لمقدم برنامج «لم نرقد بعد» على القناة الثانية. هذا البرنامج التلفزيوني الذي يبث مساء كل سبت، لا يكف عن إثارة الجدل، إذ يعتمد مقدمه لورانت روكييه بمعاونة محاورتين اسلوباً لاذعاً في انتقاد ضيوفه الآتين من عالم الثقافة والسياسة والفن. والمحاور، الذي رفض إلى الآن استقبال لوبان في برنامجه، لا يفوت فرصة لتوجيه سهامه الحادة إليها. وقد عرض في حلقة السبت الماضي أربع لوحات نشرت في مجلة «شارلي ايبدو» الساخرة تهزأ من المرشحين، من نوع «أنا (ساركوزي) الذي استولي على فلوسكم، فمن يعيدها لكم؟» و«هولاند، طريقة أخرى للقضاء على اليسار» و «لوبان: المرشحة التي تشبهكم»، لكن هنا أضافت المجلة على شعار لوبان هذا كتلة قذرة. فكانت «قطرة الماء التي فاض بها الكأس» كما كتب مسؤولها الإعلامي، في رسالة الاعتراض الموجهة لرئيس تلفزيون فرنسا. لم تكن تلك المرة الوحيدة التي يتناولها «لم نرقد بعد»، ففي حلقة سابقة انتقى روكييه لوحات من كتاب «لإختصاصي» في شجرات العائلة للسياسيين الفرنسيين، وعرضها على المشاهدين، وفيما رسمت شجرة من الورود لهولاند، اعتمدت شجرة «البنزاي» القزمة لساركوزي، وشجرة على شكل الصليب المعقوف (رمز النازية) لمارين لوبان! يبدو الإعلام الفرنسي ألطف مع بقية السياسيين ولا سيما اليساريين، وعلى رغم قسوته مع الرئيس ساركوزي تظهر مارين لوبان «المرشحة الوحيدة التي تعامل هكذا في القطاع العام»، كما يقول المسؤول الإعلامي في حملتها. وتلك سياسة خطرة، فحين يلعب التلفزيون هذا الدور يعزز صورة «الضحية» التي تلعبها زعيمة الجبهة الوطنية، ما قد يزيد المتعاطفين معها، لا سيما هؤلاء الذين لم يقرروا بعد لمن سيمنحون صوتهم.