بدأت أمس مرافعة النيابة العامة في محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك ونجليه (علاء وجمال) ووزير الداخلية السابق حبيب العادلي و6 من كبار القيادات الأمنية، في محاكمة بدت «سياسية» بامتياز. وتستأنف النيابة اليوم وغداً تلاوة لائحة الاتهامات بعدما قررت أمس الفصل بين الاتهامات المتعلقة بقتل المتظاهرين وتلك التي لها علاقة بقضايا فساد واستغلال النفوذ. وبدا جلياً من جلسة أمس أن النيابة العامة تركز في الاتهامات «السياسية»، في مسعى منها على ما يظهر لتهدئة غضب منتقديها لعدم تقديم الرئيس السابق على المحاكمة بتهمة «إفساد الحياة السياسية»، ما اعتبره قانونيون محاولة لدفع المحكمة إلى اتخاذ أقصى عقوبة في حق مبارك. وكال ممثل النيابة الاتهامات إلى الرئيس السابق ووزير الداخلية في عهده حبيب العادلي، إذ وصف مبارك ب «الطاغية والمستبد» الذي رضخ إلى أوامر زوجته (سوزان ثابت) ف «كرّس الدولة للتوريث» (في إشارة إلى نجله جمال على ما يبدو) و «زوّر إرادة شعبه». كما وجّهت النيابة سهام نقدها اللاذع إلى حبيب العادلي واتهمته ب «إقامة نظام أمني قمعي مستبد لخدمة النظام الحاكم، ولإنجاح مشروع التوريث». وأظهرت النيابة حرصاً على الإشادة بشباب الثورة «الذين خرجوا في الشوارع لنيل الحرية والدفاع عن حقوق المظلومين وانتهجوا السلمية في تحركاتهم، فقابلتهم قوات الشرطة بالقوة والقمع وإطلاق الرصاص»، كما سعت إلى استمالة قضاة المحكمة عندما تحدثت عن أسر الشهداء قائلة: «جئناكم يا سيادة الرئيس (القاضي) بأوجاع أمهات وآباء مكلومين بأحزانهم والألم من نظام قمعي مستبد تعامل مع المتظاهرين السلميين الشرفاء بقلب ميت... فقد قست قلوبهم كالحجارة أو أشد قسوة... لقد صوّب النظام (السابق) بنادقه وأسلحته إلى صدور المواطنين مدفوعاً بالخوف من اهتزاز عرشه أو سلطانه». واعتبرت أن هذه المحاكمة «ستحدد مستقبل مصر في السنوات المقبلة... وفيها ستكون العبرة والعظة لمن يتولى مقاليد الأمور بعد ذلك». ووصف منسق هيئة الدفاع عن المدعين بالحق المدني عبدالمنعم عبدالمقصود مرافعة النيابة أمس ب «الجيدة»، ورأى أنها قد تؤثر في وجدان قضاة المحكمة عند استصدار الأحكام، لكنه أوضح أن ما حصل في جلسة أمس «مقدمة سيتبعها في جلستي اليوم وغداً التطرق إلى أدلة إثبات الاتهامات»، مشيراً إلى أن النيابة لم تتطرق إلى «صلب موضوع القضية»، ولاحظ أن جاهزية النيابة للترافع «ليست على المستوى المطلوب فلم تعرض وقائع قانونية وأدلتها، إذ إن ما كالته من اتهامات هو معروف للعامة». وكان الرئيس السابق حضر إلى المحكمة محمولاً على سريره الطبي، كما هو معتاد، ولم يعقب على مرافعه النيابة اذ لم يتحدث إلا عندما نادت عليه المحكمة للتأكد من حضوره فردّ «موجود»، فيما جلس بجوراه نجله الأكبر علاء، وشوهد جمال واقفاً خلف قفص الاتهام يدوّن بعض «الملاحظات» في أوراق كانت في حوزته، عندما كان ممثل النيابة يتحدث، وشهدت الجلسة هدوءاً كبيراً. وكانت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار أحمد رفعت استأنفت جلساتها أمس حيث استمعت إلى الجزء الأول من مرافعة النيابة العامة (الادعاء العام) في قضية اتهام الرئيس السابق حسني مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي و6 من كبار قيادات وزارة الداخلية السابقين، بقتل المتظاهرين السلميين منذ اندلاع ثورة 25 يناير من العام الماضي، قبل أن تقرر المحكمة التأجيل إلى جلسة اليوم (الأربعاء) لاستكمال سماع مرافعة النيابة. وانبرى المحامي العام الأول لنيابة استئناف القاهرة (ممثل النيابة) المستشار مصطفى سليمان، إلى استعراض وقائع قضية قتل المتظاهرين السلميين، وقضية الفساد المالي وإهدار المال العام المتهم فيها إضافة إلى مبارك نجلاه علاء وجمال ورجل الأعمال حسين سالم، لافتاً إلى أنه سيفصل في مرافعته بين القضيتين منعاً لحدوث أي لبس، على أن تبدأ المرافعات بقضية المشاركة في قتل المتظاهرين أثناء الثورة والشروع في قتل آخرين منهم.