رسم تقرير اقتصادي صورة متباينة لأداء قطاعات الاقتصاد السعودي خلال العام الحالي 2012، فعلى رغم توقعه تراجع معدل النمو، وأن يؤدي انخفاض إنتاج النفط إلى إبطاء النمو الحقيقي الكلي، إلا أنه رجح أن يتعزز نمو القطاع غير النفطي وتخف حدة التضخم، وأن يظل الإنفاق الحكومي يشكل قوة الدفع الرئيسية لنمو الاقتصاد غير النفطي. ووفق تقرير «الاقتصاد السعودي في عام 2012»، الذي أعدته دائرة شركة جدوى للاستثمار، فإنه من المتوقع ان يتباطأ النمو في الاقتصاد إلى 3,1 في المئة في 2012 متراجعاً من 6,8 في المئة في العام 2011، ويعزى ذلك التراجع الحاد إلى الهبوط المتوقع في إنتاج النفط مقارنة بارتفاعه الكبير خلال 2011، إلا أن النمو في الاقتصاد غير النفطي سيرتفع إلى 4,7 في المئة، كما يوفر ارتفاع حجم القروض المصرفية وزيادة الإنفاق الاستهلاكي دعماً للإنفاق الحكومي. وأوضح التقرير (حصلت «الحياة» على نسخة منه)، أن يتراجع التضخم قليلاً العام 2012، وأن يبلغ معدله السنوي 4,4 في المئة في المتوسط، وسيشكل الارتفاع الطفيف في الأسعار العالمية نتيجة لانخفاض أسعار السلع، إضافة إلى تماسك قيمة الدولار وتراجع التضخم لدى شركاء المملكة التجاريين العوامل الرئيسية وراء ذلك التراجع، نتوقع أن ينخفض معدل التضخم إلى 4,4 في المئة في المتوسط بفضل تراجع الضغوط التضخمية من الخارج. غير أن التقرير توقع أن تنشأ بعض الضغوط التضخمية المحلية نتيجة لارتفاع مستويات الإنفاق الحكومي والاستهلاكي على حد سواء. وقال التقرير إن هذه العوامل يدعمها انخفاض تضخم الإيجارات نتيجة لدخول المزيد من العقارات إلى السوق، وإن كان حجمها ومدى تأثيرها على التضخم غير واضح، كما ستؤدي هذه العوامل مجتمعة على موازنة الضغوط التضخمية المحلية التي تنجم عن ارتفاع مستويات الإنفاق الحكومي والاستهلاكي. وأضاف ان «عدم تحقق هذه التوقعات ليس مستبعداً بسبب الظروف الخارجية، فمن الوارد أن تخرج أزمة الديون في منطقة اليورو عن السيطرة لتتسبب في عودة الركود للاقتصاد العالمي مجدداً وإحداث صدمة للقطاع المالي العالمي شبيهة بما حدث في أواخر عام 2008، وستكون تداعيات هذا السيناريو وخيمة على المملكة لكن ليست بكارثية في ظل استعداد الحكومة ومقدرتها على الوفاء بالتزاماتها من حيث الإنفاق». وبشأن أسواق النفط خلال عام 2012، قال التقرير إنه من المتوقع أن تسجل أسعار النفط انخفاضاً جراء تباطؤ الاقتصاد العالمي، وأن يبلغ متوسط سعر النفط من صادرات الخام السعودي 92 دولاراً للبرميل، وفي ظل ترجيح عودة الإنتاج الليبي إلى مستوى يقارب مستويات ما قبل الصراع بنهاية عام 2012 وكذلك زيادة الإنتاج من النفط العراقي بصورة مضطردة، نتوقع انخفاض إنتاج النفط السعودي بنسبة 4,4 في المئة إلى 8,8 مليون برميل في اليوم. وأشار إلى أنه من المتوقع ارتفاع الطلب العالمي على النفط عام 2012 نتيجة للنمو القوي المضطرد في الأسواق الناشئة، وبخاصة أسواق آسيا التي ستشكل نحو 60 في المئة من نمو الطلب العالمي على النفط، بحسب توقعات منظمة الطاقة الدولية، وفي المقابل سيتراجع نمو الطلب من بقية أنحاء العالم نتيجة لتباطؤ النمو الاقتصادي وسيتضرر الطلب على النفط بشدة في حالة حدوث ركود عميق في أوروبا. وبشأن النمو الاقتصادي، رجح التقرير أن يهبط معدل النمو الاقتصادي إلى 3,1 في المئة مقارنة بنمو بلغ 6,8 في المئة عام 2011، ويعزى هذا الهبوط الحاد إلى توقعات بتراجع حجم إنتاج النفط بعد ارتفاعه الكبير عام 2011، في حين سينتعش نمو الاقتصاد غير النفطي بفضل استمرار الإنفاق الحكومي الضخم مدعوماً بارتفاع مستويات القروض المصرفية، ونتوقع أن يسجل قطاع التشييد باعتباره المستفيد الرئيسي من الإنفاق الحكومي أسرع معدلات النمو. وسيظل الإنفاق الحكومي المحرك الأساسي للاقتصاد، وعلى الأرجح سيأتي تأثير الإنفاق الحكومي على قطاعات الاقتصاد المختلفة العام 2012 مغايراً لما كان عليه الوضع خلال 2011، مشيراً إلى أنه من المتوقع أن يشهد العام الحالي رابع عام على التوالي يشكل فيه الإنفاق الحكومي المحرك الرئيسي للاقتصاد، وسيرتفع نمو القطاع الخاص غير النفطي إلى 4,7 في المئة، لكنه سيأتي دون المستويات التي سجلتها سنوات الطفرة منتصف العقد الأول من الألفية الثانية بدرجة كبيرة عندما بلغ متوسط النمو السنوي لذلك القطاع نحو 6 في المئة. ورجح تقرير «جدوى للاستثمار» أن يتباطأ نمو القطاع الصناعي خلال العام الحالي، وأن يتراجع إنتاج المصافي بسبب انخفاض إنتاج النفط»، غير أنه «ينتظر أن ينتعش الطلب المحلي على المنتجات المصنعة وبخاصة تلك المستخدمة في أعمال التشييد كالأسمنت والحديد». ولفت إلى أن قطاع خدمات الكهرباء والغاز والمياه سيبقى أحد أسرع قطاعات الاقتصاد السعودي نمواً، فالقطاع الذي بلغ متوسط معدل نموه السنوي 6,4 في المئة خلال العقد الماضي سينمو بمعدل أسرع العام 2012 بفضل الوحدات السكنية والتجارية والمكاتب الجديدة المرتقبة وكذلك ارتفاع الطلب الصناعي. 112.5 بليون ريال تحويلات العمالة الوافدة «التشييد» الأسرع نمواً