رجحّ تقرير اقتصادي حديث أن تسجل السعودية فائضاً قدره 177 مليارا في ميزانية عام 2013م أي ما يعادل 6,3 بالمائة من الناتج الإجمالي المحلي المتوقع، على أساس تقديرات بأن تأتي أسعار النفط الفعلية أعلى من المستويات التي استخدمت في الميزانية، ما يؤدي إلى تجاوز إيرادات النفط الفعلية الإيرادات المقررة بموجب الميزانية، وأن تسهم العائدات النفطية بمبلغ 1,048.5 مليار في الميزانية، بالإضافة إلى 106 مليارات من العائدات غير النفطية، وقال التقرير الذي أعدته دائرة الاقتصاد والبحوث في شركة جدوى للاستثمار : « نعتقد أن من شأن متوسط إنتاج عند مستوى 9,6 مليون برميل يومياً ومتوسط سعر عند 66 دولاراً للبرميل لسلة الخامات السعودية أي نحو 70 دولاراً لخام برنت، أن يستوفيا الإيرادات النفطية المستخدمة في تقديرات الميزانية، لذا يتوقع أن تتخطى الإيرادات والمصروفات - على حد سواء - حجم الإنفاق الذي أقرته ميزانية 2013م سجلّ مستوى قياسياً آخر يدل على استمرار الحكومة في برنامجها لتطوير البنية التحتية البشرية والمادية وتحفيز النمو الاقتصادي. المستويات المقدرة في ميزانية العام الجديد و تحقيق فائض قدره 177 مليارا، بناءً على سعر للنفط في حدود 104 دولارات للبرميل لخام برنت»، وقال التقرير : « سوف يتخطى الإنفاق الفعلي مستوى الإنفاق المقرر في الميزانية، حيث نجد أن الإنفاق الفعلي قد تخطى تقديرات الميزانية بمعدل 24 بالمائة في المتوسط خلال الأعوام العشرة الأخيرة، ونرجح أن يأتي مدى تجاوز الإنفاق الفعلي للمستويات المقررة في الميزانية أقل من التجاوز في العامين السابقين، بسبب اختفاء تأثير التزامات الصرف المؤقت التي تضمنتها المراسيم الملكية التي تم الإعلان عنها عام 2011م على ميزانية عام 2013م، ونتوقع أن يأتي تخطي الإنفاق الفعلي للمستويات المقررة في ميزانية 2013م قريباً نسبياً من تقديرات الميزانية وأن يبلغ الإنفاق الإجمالي نحو 871 مليارا». وتوقع التقرير، أن يتواصل زخم النمو الاقتصادي القوي لسنة أخرى عام 2013م، لكن بوتيرة أقل، ويعود هذا التباطؤ إلى انخفاض حجم إنتاج النفط. كما توقع التقرير أن يظل نمو القطاع غير النفطي قوياً بفضل زيادة التوسع في تنفيذ المشاريع الاستثمارية الحكومية خاصة في قطاع البنى التحتية. وحسب التقرير، فإن القروض المصرفية ستبقى داعمة للنمو وسيتراجع الأثر السلبي للاضطرابات التي تشهدها المنطقة على أداء الاقتصاد السعودي. كما سيتراجع معدل التضخم قليلاً بسبب انحسار ضغوط الإنفاق المحلي وتقلص الضغوط الخارجية، لكن التقرير قال: هناك عامل قد يؤثر على هذه التوقعات وهو العامل المرتبط بالملامح المستقبلية للدولار الأمريكي، ورجحّ التقرير، تراجع معدل نمو الاقتصاد السعودي إلى 3,1 بالمائة عام 2013م بسبب انخفاض حجم إنتاج النفط ونتيجة للمقارنة بمستويات سابقة مرتفعة بالنسبة للقطاع غير النفطي، مشدداً على أن الإنفاق الحكومي الضخم سيظل يعمل بمثابة المحرك للاقتصاد غير النفطي، مدعوماً بالقروض المصرفية الكبيرة ومتانة الطلب المحلي. أما بالنسبة للقطاع غير النفطي، فيتوقع أن ينمو الناتج المحلي الفعلي للحكومة بنسبة 4,9 بالمائة على أساس سنوي بسبب ارتفاع الإنفاق الرأسمالي، في حين ينتظر نمو القطاع الخاص غير النفطي بنسبة 7,8 بالمائة، وستسجل المرافق العامة والبناء والتشييد والنقل والبيع بالتجزئة، باعتبارها القطاعات الرئيسة المستفيدة من الإنفاق الحكومي الضخم، أسرع معدلات النمو في الاقتصاد. ووفقاً للتقرير، فإن معدل التضخم سيتراجع بدرجة طفيفة إلى 4,4 بالمائة خلال عام 2013م، وستكون مجموعتا الأغذية والإيجارات المساهمين الرئيسين في التضخم، وسيبقى تأثير الضغوط الخارجية على الأسعار المحلية ضعيفاً، خاصة في ظل تراجع تضخم أسعار الأغذية العالمية. أما الضغوط التضخمية للإيجارات فستظل على الأرجح المصدر الرئيس للتضخم الشامل، ولكنها ستتراجع تدريجياً نتيجة لبدء انقشاع الاختناقات في المساكن، بينما ستكون هناك بعض الضغوط التضخمية المحلية نتيجة لارتفاع مستويات الإنفاق الحكومي والاستهلاكي على حد سواء. واستبعد التقرير أي تغيرات فيما يتعلق بسياسة ربط سعر صرف الريال بالدولار، وأن يؤدي انخفاض إيرادات النفط إلى تراجع طفيف في فائض الحساب الجاري، لكنه سيظل مرتفعاً وسيعادل أكثر من 12 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي. وشددّ تقرير جدوى على أن حجم الإنفاق الذي أقرته ميزانية 2013 سجلّ مستوى قياسياً آخر يدل على استمرار الحكومة في برنامجها لتطوير البنية التحتية البشرية والمادية وتحفيز النمو الاقتصادي، مضيفاً «من البيانات المهمة التي أشار إليها إعلان الميزانية وارتفاع الإيرادات التقديرية بنسبة 18 بالمائة، وحيث لم يعلن عن أي مبادرات جديدة فإن ذلك يدل في اعتقادنا على أن الحكومة حافظت على أسلوبها الذي يبدو أقل تحفظاً بشأن تقديراتها لأسعار النفط الذي انتهجته منذ العام الماضي»، وأضاف التقرير «للمرة الثانية على التوالي منذ عام 2008م تقر المملكة ميزانية تتضمن فائضاً بلغ 9 مليار ات (0,3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع) هذا العام، وفي الوقت الذي تسعى فيه الولاياتالمتحدة والدول الأوروبية إلى خفض نفقاتها كي تتمكن من التحكم في العجز في موازناتها وتقليص ديونها، نجد أن هذا الأمر لا يشكل هاجسا للمملكة، حيث تشتمل الميزانية على فائض وإن كان صغيراً. كما أن الدين العام منخفض جداً، ونعتقد أن المملكة تستطيع بسهولة أن تموّل أي عجز قد يطرأ على ميزانيتها باستخدام احتياطيها الضخم من الموجودات الأجنبية ولن تلجأ لإصدار دين جديد. وأكد التقرير أن الميزانية تؤكد على عزم الحكومة الاستمرار في دعم النمو الاقتصادي، حيث سيؤدي الإنفاق الاستثماري المقرر الذي سجل أعلى مستوى له على الإطلاق عند 285 مليارا، مرتفعاً بنسبة 28 بالمائة، إلى دعم نمو اقتصادي قوي. كما سيشجع القطاع الخاص ويتيح له فرصاً جيدة في وقت تسود الأسواق حالة من عدم اليقين إزاء الأوضاع العالمية والإقليمية على حد سواء.