كتاب ثمين هذا الذي أنجزه الشاعر السوري المقيم في اليابان محمد عضيمة، إنه «كتاب الهايكو»، والذي ترجمه عن اليابانية مباشرة، هو الذي قضى سنوات طويلة هناك في «بلاد الشمس الساطعة» أستاذاً في جامعاتها، ونقل إلى لغتنا العربية بعضاً من أجمل آثارها الشعرية. «كتاب الهايكو»، كما يقول عنوانه الآخر هو «ألف هايكو وهايكو»، أي أنه مساحة للتعرّف الى الهايكو من خلال نماذجه الأبرز والأكثر أهمية، كما أيضاً من خلال هذا الكم الغزير من القصائد، التي تعكس تنوعاً جمالياً مثلما تنتمي لأزمنة متباعدة، تظهر تطور هذا «الفن» والتحوُلات الكبرى التي عاشها. هل الهايكو حالة شعرية خاصة؟ مترجم كتابنا هذا يجيب عن تساؤلنا بصورة أخري إذ يقول: «الجميل على هذا الصعيد هو أن لفظة شعر لا تطلق على شكلي الهايكو والتانكا، كما أن تسمية شاعر لا تطلق على من يمارسهما، يقال هايكو فقط». وبهذا المعنى بالذات يوضح لنا عضيمة الخصوصية البالغة للهايكو في حياة اليابانيين، رغم أنه يؤكد في مكان آخر من مقدمته الضافية للكتاب أن الهايكو هو كلاسيك الشعر الياباني. « يا للبركة العتيقة/ قفزت ضفدعة/ صوت الماء». هو كما يقول المترجم أشهر هايكو حتى اليوم. مع ذلك يصعد الهايكو من خلال خصوصيات الحالة اليابانية، ما يدفعنا للتساؤل عن المدى الذي يمكننا أن نذهب إليه في مجاراة الشاعر عضيمة في شغفه بزج الهايكو في سطور الشعرية العربية، رغم اقتناعنا الكامل بأهمية هذا التلاقي مع تجربة شعرية بالغة الخصوصية كالتجربة اليابانية. «كتاب الهايكو» هدية ثمينة وبالغة القيمة نضيفها لمكتبتنا العربية بسبب من كونها إضافة نوعية نفتقر لها ونحتاجها.