«أول شيء ذُكِر عن دخول الإسلام للولايات المتحدة الأميركية أنه دخل في القرن ال «16 الميلادي»، وكان أول مسلم هو «ايستفانكو أوف اذامورا»، وهو «عبد» مسلم بربري من شمال أفريقية، جاء كمستكشف لمنطقتي اريزونا ونيو مكسيكو لمصلحة الامبراطورية الإسبانية تحت راية المستكشف الفريز دي فاكا 1539. وبحسب قناة NBC فإن 20 ألفاً يعتنقون الإسلام سنوياً في أميركا. وتشير الإحصاءات إلى أن عدد المسلمين في أميركا يصل إلى سبعة ملايين في هذا البلد البالغ عدد سكانه نحو 300 مليون نسمة، وأن 59 في المئة منهم لديهم شهادة جامعية، وواحد من كل ثلاثة مسلمين لديه دخل أكثر من 75 ألف دولار أميركي، وأكبر جالية إسلامية هناك في ولاية ميشيغان. والآن هناك عضو مسلم في الكونغرس اسمه «كيث إليسون»، وقد أدى القسم على القرآن الكريم. في الولاياتالمتحدة نشاط جميل ومتزايد للمسلمين، ومعه ينتشر الإسلام أكثر وأكثر، ودائماً ما أدعو الله أن يعز الإسلام بأميركا. إن من أجمل تجاربي التي تحصلت عليها من ابتعاثي للولايات المتحدة هي مشاهدتي للنشاط الإسلامي هناك، لقد أحسست بفخر لا يوازيه فخر. في كل مكان تجد مسجداً ولله الحمد، والتبرعات بمبالغ خيالية، كل يعمل والقبول من الله. هناك اكتشفت أننا نحقر أقواماً هم أشد حرصاً وهماً على الدين، مظهرهم غير متدين، لكن قلوبهم طاهرة، ينفقون، ينظفون المساجد، ويدرّسون الدين واللغة العربية للأطفال، وجدتهم لا يدّخرون جهداً خدمةً لهذا الدين وأهله، لقد تعلمت أن الدين ليس مظهراً. وبطبيعة الحال المسلمون هناك ليسوا ملائكة، وفيهم ما فيهم من تقصير يطالنا جميعاً، ولكني أود التركيز من خلال هذا المقال على مشاهداتي عن النشاط الإسلامي هناك، فقد سنحت لي الفرصة أن أرى هذا النشاط في ولايات عدة، كان أولها وأهمها ولاية منيسوتا. وفي منيسوتا مسجد يضم مغسلة أموات وبقربه مقبرة إسلامية، أسسها أحد الإخوة المصريين منذ 20 عاماً بعد أن توفيت ابنته ولم يجد مكاناً ليغسلها ويدفنها. كما كان يوجد مصلى للمسلمين في جامعة سانت ثوماس، طالب به الطلاب المسلمون هناك، ووافقت الجامعة. وبحسب علمي أن في التوين ستي (منيابليس وسانت بول - العاصمة) 28 مسجداً حتى الآن، فلله الحمد والمنة، في هذه المساجد (باستثناء مسجد الجامعة) فصول دراسية يومي نهاية الأسبوع، يتعلم فيها الطلاب والطالبات القرآن الكريم، والسنة النبوية، واللغة العربية. سنوياً يقام مهرجان ضخم في ساحة الاحتفالات، ويستقطب الكثير من الزوّار من داخل الولاية والولايات المجاورة، فكان هناك فكرة جميلة قام بها إخوة هنود بتأسيس موقع إلكتروني للتعريف بالإسلام، وفيه محادثة مباشرة لمن لديه أسئلة أو استفسارات حول الإسلام، فقاموا بطباعة كمية كبيرة من البطاقات التي تحمل اسم الموقع ونبذة عنه، وطلبوا المشاركة في الاحتفال، وخصص لهم مكان قرب بوابة الدخول، ووجد بعض رجال الشرطة بالقرب منهم تحسباً لأي اعتداءات (التي لم تتم بحمد الله)، وبحسب أحد الإخوة السعوديين الذي شارك معهم، فقد كان التجاوب كبيراً من الأميركيين، ومعظمهم أخذ البطاقة بامتنان، ولم يكتفوا بذلك، بل أبلغوا وسائل الإعلام المحلية بالحدث، وقد قامت بعضها بتغطيته وبثه على قنواتها. وفي لاس فيجاس، آخر مكان تتخيل أن تجد فيه مسجداً، بحثت عابثاً عن مسجدٍ في موقع (الباحث الإسلامي islamicfinder.org)، وكانت المفاجأة أن النتيجة خمسة مساجد! ذهبت لأقربها، وكان مسجداً جميلاً بني بأيدي المسلمين هناك، وقد غص بالمصلين، وخطب بنا خطيب مغربي خطبة عصماء لم أنسها حتى الآن عن وجوب إظهار المسلم فخره بكونه مسلماً. ذلك الشيخ رحب بي بحرارة بعد أن علم أني من السعودية، وأخبرني أنه درس على أيدي عدد من علماء المملكة. قال لي: إن الجالية المسلمة هنا جيدة، وهم ينقسمون إلى قسمين، قسم أطباء ومهندسون يعملون في مستشفيات وشركات المدينة، والقسم الآخر يعملون في المطار والمطاعم ومحطات الوقود. ثم زرت مسجداً آخر فوجدت الشيخ إدريس (من غانا)، وهو خريج الجامعة الإسلامية بالمدينةالمنورة، وأخذني في جولة في المسجد الملاصق تماماً لكنيسة، وذكر لي أن أهل المسجد استقدموه ليؤمهم، ويدرسهم القرآن والسنة واللغة العربية، ولديه فصول للكبار وأخرى للصغار، وأخبرني أنهم بصدد شراء الكنيسة المجاورة بعد أن ضاق المسجد عليهم، وقد جمعوا تقريباً المبلغ المطلوب، وأن أكبر تبرع تلقوه كان من الملاكم مايك تايسون «250 ألف دولار»، كما أخبرني أن أكبر مسجد في المدينة اسمه «الجامع»، وقد بناه مواطنٌ سعوديٌ بكلفة مليوني دولار. وفي فلوريدا؛ وتحديداً في أورلاندو، زرت مسجداً جميلاً بقبة ومنارة، وبجانبه مدرسة إسلامية، كان جميلاً أن حضرت موعد خروجهم، فرأيت فتيات صغيرات بعمر الزهور وقد تزينّ بالحجاب، وأولاداً ترى فيهم مستقبل الإسلام بإذن الله، كان منظراً جميلاً رؤية هذا العدد الكبير من المسلمين في مكانٍ واحد، مع تمسكهم بالزي الإسلامي. [email protected]