كان مشهد الحج المهيب لافتاً لكل المراقبين ولكل شعوب العالم وقادته ومفكريه، حيث يجتمع الملايين من المسلمين يأتون من كل فج عميق، ومن كل البلدان ومن جهات وأجناس متنوعة من جميع أنحاء العالم، من بلاد الصقيع الشمالي إلى بلدان الجنوب. وتقريباً لا يوجد حج دون أن تجتمع فيه جميع جنسيات العالم. وخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي يشرف على مشروعات الحج والتسهيلات التي تقدم للحجاج، ويتلقى تقارير عن كل التطورات في الحج، فإنه يعرف المشاق التي يتكبدها الحجاج في السابق، ويعرف كيف أنفقت المملكة منذ تأسيسها من الأموال، طوال هذه السنين، لتجعل الحج أكثر يسراً، وأكثر أماناً واطمئناناً. وأشار خادم الحرمين الشريفين في رسالته إلى ضيوف الرحمن أمس الأول، إلى مشهد الحج، وإلى أنه مناسبة يجتمع فيها المسلمون ليذكروا الله في المشعر الحرام، ويكرسون وقتهم وجدهم للعبادة، حيث تتلاشى الفوارق العرقية والطبقية، والجهوية، ويصبح الجميع إخوان متحابين في الله، نظيفي الألسن والبدن والقول. تنويه الرئيس الأمريكي وهذا المشهد المهيب لفت انتباه الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي أرسل برقية تهنئة إلى خادم الحرمين الشريفين، ونوه فيها بالحج، وأنه مناسبة تجمع الناس من مختلف الأعراق والأجناس، على صعيد واحد، لغاية ليست دنيوية ولا للهو أو ترفيه، وإنما كي يتطهروا ويعودوا إلى بلدانهم كما ولدتهم أمهاتهم. ورأي الرئيس الأمريكي الذي يتحدر من أصول إسلامية، من جهة والده، حسين أوباما، الكيني المسلم أن الحج هو مثل على أن بإمكان أعداد كثيرة من الناس، أن تتغلب على عوامل النزاع والفرقة وأن تجتمع على غاية كبرى. مشروع الأضاحي مبادرة إنسانية ولفتت شعيرة التضحية انتباه الرئيس أوباما إلى أن هذه الأضاحي ستذهب إلى الفقراء في جميع أنحاء العالم، ما يعني أن الحج هو أيضاً مناسبة يستفيد منها ملايين الفقراء في جميع أنحاء العالم. ويبدأ مشروع الأضاحي سنوياً، وبعد انتهاء موسم الحج، في إرسال مئات الآلاف أو الملايين من الأضاحي إلى أكثر بلدان العالم الإسلامي فقراً. وامتدح الرئيس أوباما استعداد المسلمين ومبادراتهم المستمرة في إغاثة ضحايا المجاعة في أفريقيا، ومساهماتهم في مبادرات الخير. المشتركات بين الأديان وقال الرئيس الأمريكي : إن الحج أيضاً يبدى مظهراً من إيمانات الأديان الثلاثة في العالم، هي الإسلام، والمسيحية واليهودية، التي تؤمن بفداء النبي إبراهيم عليه السلام لابنه بالضحية، ويريد الرئيس أن يقول : إن هذا مشترك في الأديان يمثل الجذور الواحدة لهذه الأديان، وهذا ما يقره الإسلام، إذ يؤمن المسلمون بأن الأنبياء إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد، عليهم سلام الله وصلاته، هم رسل الله إلى الناس، وأنزلت عليهم كتب التوراة والإنجيل والقرآن الكريم، وهي كتب سماوية، بلغها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام إلى الناس. اهتمام قادة أمريكا بالإسلام وبدأ رؤساء الولاياتالمتحدةالأمريكية اهتماماً لافتاً بالإسلام والتقرب من المسلمين، لأسباب منها تزايد أعداد المسلمين في الولاياتالمتحدة والعلاقة الوطيدة بين المملكة، وقد بدأ الرؤساء الأمريكيون منذ عهد الرئيس بيل كلينتون في أواسط التسعينيات من القرن الماضي، الاحتفال بعيدي الفطر والأضحى في البيت الأبيض. ويشجع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الرؤساء الأمريكيين على الاهتمام بالمسلمين، وعظمة الإسلام، ومد الجسور معهم. ويمتدح الرؤساء الأمريكيون مواقف قادة المملكة، وبالذات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، نظراً للجهد الذي يبذل لخدمة الإنسانية، من منطلق الاستجابة للواجبات التي يحتمها الإسلام على القادة المسلمين. وتنويه الرئيس الأمريكي بالحج، إنما هو اهتمام وإعجاب أيضاً بالجهود التي تبذلها المملكة لخدمة الحجاج، خاصة أن الرئيس ما كان ليشيد بهذه اللغة المعبرة عن الاحترام الشديد، لو لم يكن مطلعاً على الأرقام والانفاق الهائل على المشروعات التي تهدف إلى خدمة الحجاج في المشاعر المقدسة، وتيسير الحج لضيوف الرحمن، ليعبدوا الله بطمأنينة وخشوع وأمن أمان. داعي حوار وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أول زعيم دولة في التاريخ يبذل جهوداً لجمع علماء الأديان والعقائد في العالم في مؤتمر دولي للحوار ، إذ رعى حفظه الله مؤتمراً للحوار بين أتباع الديانات والعقائد، في مؤتمر عقد في مدريد عام 2008، لكي يتدارس العلماء المشتركات بين الأديان، والتحديات التي تواجه البشرية، وان تكون الأديان والعقائد دعائم للسلام والمحبة والتعاون على البر والتقوى بين البشر. كما أثمرت جهود خادم الحرمين الشريفين عن عقد قمة عالمية تخصص للحوار بين أتباع الأديان والحضارات، في أواخر عام 2008. وأشاد زعماء العالم بهذه المبادرة التاريخية، وقالوا : إنهم سيدعمونها، وبجهوده حفظه الله تأسس هذا العام مركز للحوار بين الحضارات في العاصمة النمساوية أثينا، وكل ذلك محط إعجاب زعماء العالم ومفكريه ودعاة السلام، ومناهضي الحروب والفرقة والكره والنزاعات بين البشر. الإسلام في أمريكا وعين الرئيس باراك أوباما حين تولى الرئاسة عام 2009، مستشارة لشؤون الإسلام في البيت الأبيض. وقد دخل الإسلام إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية في القرن السادس عشر الميلادي. أول مسلم هو ايستفانكو اوف اذامورا وهو عبد مسلم بربري من شمال افريقيا جاء كمستكشف لمنطقتي اريزونا ونيو مكسيكو لصالح الامبراطورية الإسبانية تحت راية المستكشف الفريز دي فاكا 1539م. ويبدو أنه لم يعلن إسلامه خوفاً من محاكم التفتيش الاسبانية التي كانت تنهض بحملة تطهير طائفي ضد المسلمين واليهود. في نهاية القرن الثامن عشر الميلادي استوطنت مجموعة من المغاربة في جنوب كاليفورنيا كنوع من التبادل الدبولوماسي. وفي عام 1778م أعلن سلطان المغرب الاعتراف الكامل بالولاياتالمتحدةالامريكية لان سلطنة مراكش مطلة على المحيط الاطلنطي والمغاربة كانوا عنصرا فعالا في الاستكشفات الاسبانية. وفي عام 1796 وقع جون ادمز على معاهدة مفادها ان الولاياتالمتحدةالامريكية ليس لديها اتجاهات عدائية للدين الإسلامي. في عام 1893م كان الكسندر راسيل ويب الوحيد الذي مثل الإسلام في البرلمان الأول لأديان العالم. ويقول مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية كير : إن عدد المسلمين في الولاياتالمتحدةالأمريكية يبلغ حوالي سبعة ملايين نسمة. وفي عام 2006 انتخب أول مسلم لمقعد في الكونغرس الأمريكي عن ولاية مينيسوتا هو النائب الديمقراطي المحامي كيت اليسون الذي اعتنق الاسلام وهو سن التاسعة عشرة من عمره. وللرئيس الأمريكي أوباما جذور إسلامية، حيث إن والده من مسلمي كينيا المهاجرين للولايات المتحدة، ولا تزال جدته تعيش في كينيا، وقد حج عمر الرئيس الأمريكي إلى مكةالمكرمة العام الماضي. كما أن جدته تنوي حج بيت الله الحرام.