سعت الحكومة المصرية إلى تجاوز غضب التيار الديني الذي رفض وقوى علمانية وثيقة المبادئ الدستورية التي تمنح المجلس العسكري صلاحيات واسعة بعد تسليم السلطة. ويتوقع أن تعلن اليوم تعديلات على الوثيقة بعد التوصل إلى «تفاهمات معقولة» مع جماعة «الإخوان المسلمين». وقال مسؤول حكومي ل «الحياة» إن نائب رئيس الوزراء علي السلمي التقى أول من أمس أعضاء من المجلس العسكري «وتم الاتفاق على تعديلات جديدة على الوثيقة» يُتوقع أن يعلنها مجلس الوزراء اليوم. لكنه شدد على أن التعديلات لم تتطرق إلى المادة التاسعة التي تخص المجلس العسكري دون غيره بمناقشة كل ما يتعلق بالجيش وبنود موازنته وصفقات السلاح التي ستدرج من دون تفصيل في الموازنة العامة، مؤكداً «رفض المجلس العسكري مشاركة البرلمان له في هذه الاختصاصات». واعتبر أن «التعديلات إيجابية لإرضاء التيارات الإسلامية، وهي تتركز في تشكيل الجمعية التأسيسية التي تضع الدستور لتزيد عدد أعضاء البرلمان فيها، إضافة الى تعديلات في المادة العاشرة الخاصة بتشكيل مجلس الدفاع الوطني الذي سيختص باعتماد الموازنة التفصيلية للقوات المسلحة بدخول جهات رقابية في عضويته مثل الجهاز المركزي للمحاسبات». ويناقش مجلس الوزراء اليوم هذه التعديلات بالتزامن مع اجتماع ل «التحالف الديموقراطي» الذي يقوده حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية ل «الإخوان»، لإعلان موقف نهائي من المشاركة في تظاهرات الجمعة المقبل ضد الوثيقة، بعد أن أمهلت قوى التحالف الحكومة ثلاثة أيام تنتهي اليوم لسحب الوثيقة أو تعديلها. وإضافة إلى الاعتراضات على الصلاحيات الواسعة للمجلس العسكري، تعترض قوى إسلامية في شدة على معايير تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور الجديد، إذ قضت الوثيقة بأن تتكون الجمعية من 100 عضو يُختار 80 منهم من خارج البرلمان و20 عضواً من البرلمان بحد أقصى 5 أعضاء للحزب أو الكتلة البرلمانية الواحدة وبحد أدنى عضو واحد. وقال نائب رئيس «الحرية والعدالة» عصام العريان ل «الحياة» إن «الحكومة وعدت بإعلان وثيقة توافقية، وبأن تكون استرشادية، مثلها مثل الوثائق التي سبق الاتفاق عليها، وهذا من شأنه حل الأزمة بعد الجهود التي بذلت الأيام الماضية وأدت إلى تفاهمات معقولة». وأشار إلى أن حزبه «لا يزال عند رأيه المتمثل في ضرورة ترك أمر الدستور للشعب بنفسه، إما عبر استفتاء عام أو عبر نوابه، وعدم إلزام الشعب بنصوص مسبقة أو تحديد لمعايير لجنة إعداد الدستور». واعتبر أن «الأزمة تسير في اتجاه الانفراج، والحكومة أبدت مرونة في تفهم مطالبنا»، مشيراً إلى «مرونة وتراجع عن الخوف المرَضي من الانتخابات المقبلة والقول انها ستأتي بتيار معين، واستعداد لقبول خيار الشعب في اختيار نوابه الذين سيتولون الإشراف على عملية وضع الدستور». لكنه رهن المشاركة في تظاهرات الجمعة بما ستسفر عنه اتصالات الساعات الأخيرة قبل اجتماع «التحالف الديموقراطي» اليوم. وتوقع القيادي في حزب «البناء والتنمية»، الذراع السياسية ل «الجماعة الإسلامية»، طارق الزمر عدم مشاركة الإسلاميين في تظاهرات الجمعة «إذا تم إعلان أن الوثيقة استرشادية». وقال ل «الحياة» إن «الأزمة تتجه إلى الحل، وفي تقديري سيتم الاتفاق إذا أعلنت الحكومة أن الوثيقة استرشادية وتعديل بعض بنودها، خصوصاً التي تمنح سلطات واسعة للجيش وتحدد آلية اختيار اللجنة التأسيسية لوضع الدستور... والمشاورات تتم في هذا الاتجاه». لكن زعيم حزب «غد الثورة» الدكتور أيمن نور قال ل «الحياة» إن حزبه لن يوقع على الوثيقة حتى لو نصت على أنها استرشادية. وأوضح أن حزبه يعترض على الوثيقة لأسباب موضوعية. وأضاف أن «الموقف النهائي سيحسم (اليوم) على ضوء الاتصالات التي تمت مع الحكومة في الأيام الماضية ونتمنى أن يتم تجاوز الأزمة في أسرع وقت ممكن». وزادت أمس وتيرة دعوات القوى الشبابية إلى الاعتصام مجدداً في ميدان التحرير الجمعة المقبل للمطالبة بالإسراع في نقل السلطة إلى المدنيين.