زاد الضغط على الحكومة الجزائرية بسبب تأخر ظهور ملامح قانون الأحزاب الجديد، والذي تعوّل عليه تشكيلات سياسية عدة لدخول معترك الانتخابات النيابية المقررة ربيع العام المقبل. كما شكّل صمت الحكومة إزاء عدد كبير من المواد القانونية التي حُيّدت في البرلمان بعد إقرارها في مجلس الوزراء، «صدمة» لدى سياسيين إثر تصرّف النواب في مادة استقالة الوزراء والإبقاء على حرية «التجوال» السياسي، اي الانتقال من حزب إلى آخر. وبالنسبة إلى الحكومة، لم ينج من «مقصلة» البرلمان الذي يشكّل فيه حزب جبهة التحرير الوطني غالبية المقاعد، إلا قانون مشاركة المرأة في المجالس المنتخبة. فبعد صراع طويل و «حرب كواليس»، تمكنت الحكومة من إنقاذ أجزاء مهمة من هذا القانون قياساً لشكله الأول الوارد من مجلس الوزراء. فقد صادق البرلمان على القانون الجديد الذي يفرض نسبة تمثيل تتراوح من 20 إلى 50 في المئة مخصصة للنساء في المجالس المنتخبة، بحسب عدد سكان كل منطقة. فيما أقرت نسبة تمثيل بواقع 20 في المئة للنساء في البرلمان. وفي البداية عوّلت الحكومة، بناء على رغبة الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، على إقرار نسبة 30 في المئة للنساء في كل المجالس المنتخبة. لكن أحزاب قومية وأخرى إسلامية رفضتها بحجج مختلفة. كما تم إسقاط المادة التي تفرض استقالة الوزراء الراغبين في الترشح لعضوية البرلمان قبل ثلاثة أشهر من موعد الانتخابات وذلك بموجب القانون الجديد. وأثارت تعديلات أخرى جدلاً كبيراً بين يساريين وحزب الغالبية (جبهة التحرير)، إثر اسقاط مواد تمنع تنقل المنتخبين من أحزابهم الأصلية إلى أحزاب أخرى بعد احتلالهم لمقاعد برلمانية أو محلية. ويُتوقع أن يلقى قانون الأحزاب الجديد احتجاجات من زعامات سياسية تشتكي من طول فترة درس المشروع القانوني. وتصرّح الحكومة، عبر قنوات غير رسمية، بأنها وافقت مبدئياً على اعتماد أربعة أحزاب جديدة استوفت شروط الاعتماد، لكن تخلّف صدور القانون يفرض على أنصار الأحزاب الجديد الترشح في قوائم حرة في الانتخابات المقبلة، ما يمنع عنها مساعدات مفترضة تُقدّم إلى قوائم الأحزاب. وسبق أن اشتكى وزير الداخلية الجزائري دحو ولد قابلية، من «حملة» تستهدفه من أحزاب قريبة من السلطة، قياساً إلى مواد قانونية وردت في قوانين الإصلاح السياسي تدّعي تلك الأحزاب عدم مناقشتها في مجلس الوزراء. وشكّل قانون الأحزاب الجديد موضوع جدل جديد بين الوزير وحزبي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديموقراطي، بسبب ما قاله ضمنياً عن عدم رغبتهما في رؤية أحزاب جديدة في تشريعات 2012. ولا تزال قوانين «الإصلاح السياسي» تثير جدلاً في الجزائر بين مراكز في السلطة (وزراء وأحزاب)، خصوصاً لجهة مواد يبدو أنها باتت هاجساً أمام حزب الغالبية، جبهة التحرير الوطني، بالدرجة الأولى. وأخذ الجدل أبعاداً أخرى بإعلان ولد قابلية أنه مستعد لمنح الاعتماد لأحزاب سياسية جديدة على أساس القانون الساري المفعول، في حال استمرار تأجيل جلسة مناقشة نص القانون العضوي المتعلق بالأحزاب على مستوى المجلس الوطني الشعبي المقبل. ومعلوم أن الجلسات العلنية للبرلمان إلى غاية آخر تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري خُصصت لقانون الانتخابات والمرأة و «تنافي العهدة» الانتخابية (منع أن يكون الوزير نائباً في الوقت ذاته) وقانون المالية وتقرير محافظ بنك الجزائر، ما يعني أن مشروع قانون الأحزاب قد يُحال على الدورة البرلمانية الربيعية في حال عدم الإسراع ببرمجته في الدورة الحالية.