أظهرت مناقشات قانون الانتخابات الجديد في الجزائر ملامح إعادة رسم للخريطة الحزبية، يحركها التنافس الذي بدأ مبكراً بين قطبي السلطة زعيم حزب الغالبية «جبهة التحرير الوطني» عبدالعزيز بلخادم والأمين العام ل «التجمع الوطني الديموقراطي» الوزير الأول أحمد أويحيى، استعداداً على ما يبدو للانتخابات البرلمانية المرتقبة العام المقبل، ومن خلفها الرئاسية المقررة عام 2014. وليس سراً أن كلا الرجلين يطمح في خلافة حليفهما الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، لكن كليهما اختار طريقاً مناقضاً للآخر أملته حسابات وتكتيكات سياسية ذات أهمية كبرى في المشهد السياسي الداخلي خلال العامين المقبلين، كونها ستحدد من سيوضع أمامه البساط الأحمر للعبور بكل أمان إلى الرئاسة. وبرز تراشق كبير في التصريحات بين الحزبين في البرلمان أمس، إما في شكل مباشر أو بالوكالة، مع دخول أحزاب أخرى حلبة الصراع، إما دعماً لأحدهما أو نكاية فيه. وتحول النقاش في شأن مادة قانونية تفرض استقالة الوزراء من مناصبهم قبل ثلاثة أشهر من ترشحهم للانتخابات النيابية، إلى جدل عميق داخل دواليب السلطة، يحاول فيه حزب الغالبية توجيه اللائمة إلى وزير الداخلية دحو ولد قابلية على «عدم قدرته على نقل توصيات بوتفليقة في مجلس الوزراء كما هي». ولا يبدو التراشق الكلامي تحت قبة البرلمان بين قيادات الحزبين ثم دخول «حزب العمال» على الخط، وهو المتحالف على المدى البعيد مع طروحات «التجمع»، مجرد ضربات تحت الحزام لإضعاف الخصم وتسجيل نقاط عليه، بل تحركات محسوبة على علاقة وطيدة بسيناريوات سياسية يجري رسمها داخل كواليس السلطة لا يمكن فهمها بمعزل عما وصف ب «ترتيبات» الحكم لمرحلة ما بعد الولاية الثالثة لبوتفليقة. ويدور الخلاف الظاهري حول المادتين 67 و93 من مشروع قانون تنظيم الانتخابات. وتمنع الأولى «التجوال السياسي»، أي انتقال منتخبين من حزب إلى آخر بعد فوزهم، فيما ترغم الثانية الوزراء المترشحين للانتخابات التشريعية على الاستقالة من مناصبهم قبل موعد الاستحقاق النيابي بثلاثة أشهر. واتهمت زعيمة «حزب العمال» لويزة حنون «جبهة التحرير» بالعمل «ضد إصلاحات الرئيس»، ما فهم على أنه تعبير عن تموقعات سياسية جديدة. ولم يسبق لبلخادم، الممثل الشخصي لبوتفليقة في الحكومة الحالية، أن واجه انتقادات تتهمه بالعمل «ضد رغبة الرئيس»، لكن مراقبين يرون أن «التحالف الناعم بين الرجلين ربما بلغ نهايته»، فحزب بلخادم عارض المادتين معاً ويحضر لتعديل قانون مشاركة المرأة في الحياة السياسية الذي يفرض للنساء نسبة لا تقل عن 30 في المئة من قوائم الأحزاب. من جهة أخرى (أ ف ب) أفادت مصادر محلية من تيزي وزو (110 كلم شرق الجزائر) أن عسكريين من البحرية الجزائرية قتلا في انفجار قنبلة لدى مرور سيارتهما أمس في منطقة أزفون. وكان العسكريان على متن سيارة الجيش متجهين إلى ثكنتهما عندما انفجرت قنبلة كانت مزروعة على الطريق في المكان المسمى آيت معلم على بعد 70 كلم من تيزي وزو.وأصيب العسكريان بجروح خطيرة تسببت في وفاتهما أثناء نقلهما الى المستشفى. وتسبب الانفجار في هلع رواد السوق الأسبوعي في المنطقة. وهذه المرة الثالثة التي يتم فيها استهداف ثكنة قوات البحرية الجزائرية في أزفون. وتشهد تيزي وزو عاصمة منطقة القبائل المتميزة بجبالها وغاباتها الكثيفة هجمات متكررة لعناصر «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي».