عشية الاجتماع الطارئ لمجلس وزراء الخارجية العرب في القاهرة غداً، أعربت مصر عن قلقها الشديد من خطورة التطورات في المنطقة وخصوصاً في لبنان وفلسطين، بما ينذر بتفجر الأوضاع ودخول المنطقة في منعطف خطير لا يعرف احد مساره او نهايته، ودعا وزير الخارجية احمد ابو الغيط المجتمع الدولي من خلال مجلس الامن، والجامعة العربية من خلال الاجتماع الوزاري غداً في القاهرة، الى تحمل مسؤولياتها الكاملة والتحرك الفوري من اجل حث جميع الاطراف على ضبط النفس، وعدم اتخاذ مواقف او افعال من شأنها زيادة التوتر والاحتقان والتطرف في المنطقة. وأشار ابو الغيط الى الاتصالات التي يقوم بها الرئيس حسني مبارك من اجل احتواء الموقف ومنع المزيد من التصعيد والتدهور، والتي شملت كلاً من العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني والرئيس السوري بشار الاسد ورئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة وكذلك امين عام الاممالمتحدة كوفي انان، فضلاً عن الاتصالات مع الفلسطينيين منذ بدء الازمة الحالية في قطاع غزة بهدف التوصل الى حل لها. وشدد ابو الغيط في تصريحاته على ان التطورات الاخيرة لا تخدم قضية السلام واستعادة الحقوق العربية، معرباً عن ادانته الصريحة والكاملة لاي عمل عسكري يستهدف المدنيين باعتباره عملاً ارهابياً اياً كان هؤلاء المدنيون او مصدر هذا العمل لأن التعرض للمدنيين بحجة محاربة الارهاب عمل غير مقبول أو مبرر كما ان الممارسات الاسرائيلية في هذا الصدد تتناقض مع القانون والشرعية الدولية واحترام القانون الإنساني الدولي والمنشآت المدنية، وتمثل تراجعاً عما تم تحقيقه وتزيد من معاناة الشعب الفلسطيني وبما لا يخدم قضية السلام. وحذر ابو الغيط من"مغبة الانجراف الى دوامة جديدة من العنف والعنف المضاد، التي لن تقتصر هذه المرة على مناطق محدودة، بل يمكن ان تمتد وتشمل مناطق اخرى بما يعود بالمنطقة بأسرها الى اجواء المواجهات والحرب، وهو ما ينعكس سلباً على الجميع، ويقوض جهود السلام وما تم تحقيقه من مكاسب للشعبين الفلسطيني واللبناني على حد سواء". وكان وزير الخارجية المصري تلقى اتصالاً من أنان الذي أبلغه نيته في ايفاد مجموعة عمل دولية عالية المستوى للبحث في كيفية السيطرة على الموقف ووقف القتال واعادة الهدوء للمنطقة. تحركات شعبية الى ذلك، وفيما عبّرت القوى الشعبية المصرية عن تأييدها لعملية أسر"حزب الله"الجنديين الإسرائيليين، واستنكرت صمت الحكومات العربية إزاء ما يحدث في لبنان وفلسطين، بدأت الحركة المصرية من أجل التغيير"كفاية"جولة في أرجاء مصر لحشد التأييد وبحث أفضل السبل لتوجيه الدعم المادي والمعنوي للمقاومة. وأعلنت"كفاية"تضامنها مع النضال الشعبي الفلسطيني واللبناني ضد العدوان الإسرائيلي. وقال المنسق العام للحركة جورج اسحق:"إن كفاية بدأت جولة في أرجاء مصر دشنتها بزيارة مدينة بورسعيد باعتبارها رمزاً من رموز الصمود ضد إسرائيل وستتوجه بعدها الى العريش وستتواصل الجولات في المدن المصرية لحشد الجماهير لدعم الأشقاء". وكشف اسحق عن اجتماعات للقوى الوطنية المصرية تشمل حزب الوسط وحزب الكرامة وجماعة الإخوان المسلمين ولجان دعم الانتفاضة وحزب العمل لبحث تنظيم تظاهرة حاشدة أوائل الأسبوع المقبل في محافظات مصرية عدة تأييداً للمناضلين في لبنان وفلسطين والعراق. ودعت"كفاية"إلى اتخاذ التدابير الملائمة لمواجهة التواجد الصهيوني على الأراضي المصرية، والعمل على تنشيط الدعم المادي والطبي للشعبين الفلسطيني واللبناني وتفعيل حملات المقاطعة للبضائع الصهيونية والأميركية. وكانت جماعة الإخوان المسلمين أول المرحبين بأسر الجنديين إذ وجَّه المرشد العام للجماعة محمد مهدي عاكف التحيةَ للمقاومة الإسلامية اللبنانية وللمقاومة الفلسطينية، كما لم ينس أن يوجه اللوم إلى الحكومات العربية، فيما ناشد الشعوب العربية والإسلامية دعم الشعب الفلسطيني واللبناني. وقال النائب الأول للمرشد الدكتور محمد حبيب:"لولا العجز العربي والشلل الذي تعاني منه الأمة لما كان العدو الصهيوني يقدم على هذا التصعيد، مؤكداً أن التعامل بالقوة هو الأسلوب الوحيد الذي تفهمه إسرائيل وتستوعبه". وأكد شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي رفضه ما يحدث من ضرب وعدوان على الآمنين من جانب إسرائيل داعياً إلى الوقوف الى جانب الأخوة في محنتهم. ودان رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان الدكتور بطرس بطرس غالي الانتهاكات الإسرائيلية، مؤكداً ضرورة نبذ العنف واحترام حقوق الإنسان وشدد على أن الحوار هو النهج الوحيد للتوصل إلى الحلول العادلة تحقيقاً لسلام دائم وعادل لشعوب منطقة الشرق الأوسط. وأكد السكرتير العام لحزب"الوفد"منير فخري عبد النور رفضه سياسة العجرفة الإسرائيلية وسياسة الكيل بمكيالين وتساءل:"أين الحكومات العربية"؟ وفيما استنكرت نقابة الصحافيين الصمت العربي إزاء العدوان البربري الصهيوني، دعت الجماهير العربية إلى التحرك العاجل لنصرة الشعبين الفلسطيني واللبناني، مطالبة بالطرد الفوري للسفير الإسرائيلي في القاهرة. ودان اتحاد الصحافيين العرب"بشدة العدوان الإسرائيلي الواسع الممتد من قطاع غزة إلى لبنان، والذي تستخدم فيه كل أنواع الأسلحة الفتاكة لقتل أكبر عدد من الفلسطينيين واللبنانيين، وتدمير كل المؤسسات والبنية التحتية وخصوصاً محطات الكهرباء والماء والجسور ومؤسسات الإعلام والتعليم والصحة". وأكد المجلس المصري للشؤون الخارجية أن الاعتداءات الإسرائيلية تمثل انتهاكاً صارخاً لميثاق الأممالمتحدة وهو ما يضع المجلس إزاء مسؤولياته الرئيسية طبقاً للفصل السابع من الميثاق باتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لوقف العدوان الإسرائيلى فوراً. وقدم المجلس احتجاجاً إلى السفير الإسرائيلي في القاهرة على الاعتداءات الاسرائيلية الوحشية على الشعبين اللبناني والفلسطيني. وفي البرلمان المصري لم يختلف الأمر، إذ دان الأعضاء الهجوم الإسرائيلي، مستنكرين ردود الفعل الإسرائيلية لاستهدافها المناطق المدنية رداً على العملية النوعية التي قام بها"حزب الله". وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان المصري الدكتور مصطفى الفقي:"إن إسرائيل ترغب في جر المنطقة إلى حرب شاملة". ودانت لجنة الشؤون العربية والخارجية والأمن القومي في مجلس الشورى التهديدات التي وجهتها حكومة إسرائيل للحكومة اللبنانية، فيما حذر رئيس اللجنة السفير محمد بسيوني من أن العواقب ستكون وخيمة على لبنان والمنطقة ككل، معرباً عن استيائه من ردود الفعل الاسرائيلية غير المتوازنة والخارجة عن الحدود وفرضها حصاراً برياً وبحرياً وجوياً كاملاً على لبنان. وحمّل الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى إسرائيل مسؤولية تدهور الأوضاع في المنطقة، منتقداً في الوقت نفسه اتهامات الولاياتالمتحدة واسرائيل لسورية بالمسؤولية عن تدهور الأوضاع في المنطقة. وقال موسى:"هذا هو الطريق السهل لتحميل أي دولة مسؤولية تدهور الأوضاع، ولكن تدهور الأوضاع يعود الى الاحتلال العسكري الإسرائيلي والى عدم التحرك في ما يتعلق بهذا النزاع والسكوت على ما يجري في الأراضي الفلسطينية بما فيها ما يحدث للعائلات والأسر والأطفال والنساء والشيوخ من جانب القوات الاسرائيلية وما يتعلق بالأسرى وبأمور كثيرة". وحول ما اذا كان العرب سيلجأون الى مجلس الأمن قال موسى:"مجلس الأمن عنده السلطة الرئيسة في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وكان يجب عليه منذ فترة ان يتعطرق لهذا الموقف الخطير الذي يتعرض له سكان الأراضي المحتلة في غزة وغيرها". وقال موسى إنه اجرى اتصالات مكثفة مع كل من الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان وزراء خارجية كل من مصر وسورية ولبنان والسعودية والجزائر وليبيا واليمن للتشاور في تطورات الأوضاع في المنطقة وما يحدث من اعتداءات إسرائيلية على لبنان والأراضي الفلسطينية. وأشار موسى الى أن وزراء الخارجية العرب سيبحثون في اجتماعهم غداً السبت في أخذ مواقف وخطوات محددة.