هل قررت الحكومة الفرنسية اعتماد سياسة "القبضة الحديد" للسيطرة على الوضع الأمني المتدهور في جزيرة كورسيكا؟ رئيس الوزراء آلان جوبيه يؤكد ذلك من خلال تصريحاته العلنية حين يقول ان الدولة عازمة على فرض احترام القوانين في الجزيرة، ومن خلال اجراءات عملية على الأرض. وقد بادر جوبيه الى اعفاء مستشارين لوزير الداخلية جان لوي دوبريه، تحملا خلال السنوات الماضية مسؤولية الملف الكورسيكي. ومن جهة ثانية طلب من الاجهزة الامنية القيام بحملة مداهمة، رافقتها عدسات المصورين وأقنية التلفزيون، وطالت عدداً من المشتبه بتعاطفهم مع الانفصاليين الكورسيكيين المنتمين الى "جبهة تحرير كورسيكا". يُذكر ان الانفصاليين الكورسيكيين، كانوا قد اعلنوا مسؤوليتهم عن أعمال تفجير في الجزيرة وفي عدد من المدن الفرنسية بينها مدينة بوردو التي يرأس آلان جوبيه بلديتها، وأدت هذه التفجيرات الى اضرار مادية فادحة واصابات طفيفة بين المدنيين. وأشارت انباء محلية الى ان الانفصاليين هددوا رئيس الوزراء الذي رد على التهديد بتعزيز الاجراءات الامنية حيث قامت الشرطة بحملات مداهمة للاماكن التي يختبيء فيها المتشبه بهم في الجزيرة المتوسطية. ولأن الحل الأمني وحده، لا يشكل رداً صحيحاً على المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تعاني منها كورسيكا. بادرت الحكومة الى اقتراح خطة لجعل الجزيرة منطقة حرة، وهي خطة وافق عليها نواب الجزيرة من الغالبية اليمينية الحاكمة ورفضها نواب المعارضة اليسارية. وتجدر الاشارة الى ان عمليات الاغتيال والتفجيرات حصدت أكثر من 100 ضحية خلال السنوات العشر الماضية وهو رقم كبير إذا ما علمنا ان كورسيكا تضم اكبر كثافة بوليسية في فرنسا. والافت في الأمر ان أياً من عمليات الاغتيال السياسي لم تشهد نهاية قضائية سعيدة او معروفة نظراً الى التعقيدات القائمة في الجزيرة والناجمة عن تداخل الولاءات السياسية بالولاءات العائلية والوجود الكثيف للمافيات والعصابات السرية او العلنية، بحيث يصعب بروز شهود في الدعاوى المرفوعة خوفاً من عمليات انتقامية. وتستبعد مصادر فرنسية ان تؤدي الاجراءات الحكومية الجديدة في شقيها الامني والاقتصادي الى معالجة الوضع بصورة جذرية في كورسيكا نظراً الى صعوبة ذلك. وترجع هذه المصادر الى خطة مماثلة اعتمدت في العامين 1986 - 1988 لكنها باءت بالفشل ما يعني ان كورسيكا التي كانت مصدراً ل "وجع الرأس" للحكومات السابقة، ستتسبب بأكثر من الصداع للحكومة الحالية التي تسعى لتحقيق أرقام قياسية في مكافحة الجريمة والارهاب.