شنت السلطات الفرنسية حملة اعتقالات في جزيرة كورسيكا في اطار التحقيقات في اغتيال الرئيس السابق للشرطة هناك. وتزامنت الحملة مع طلب المعارضة اليمينية مثول الحكومة الاشتراكية أمام البرلمان للتصويت على الثقة بها، ما أثار تساؤلات حول تزامن الاعتقالات مع هذا التطور في البرلمان. باريس - أرليت خوري تسارعت وتيرة التحقيقات المتعلقة باغتيال الرئيس السابق لدائرة الشرطة في كورسيكا كلود ارينياك، بعد اشهر من المراوحة وارتفاع عدد الانفصاليين الكورسيكيين المتهمين بالتورط في الحادث الى 12 شخصاً. وتوالت هذه الاعتقالات على مدى الاسبوع الماضي، وكان آخرها أول من أمس عندما اعتقل اثنان من المقربين من آلان فيراندي معتقل منذ يوم الجمعة الماضي الذي يعتقد انه مدبر عملية اغتيال ارينياك، باعتبارها خطوة أساسية على طريق استقلال كورسيكا عن فرنسا. واستندت الشرطة القضائية للقيام بهذه الاعتقالات على كشوفات الاتصالات التي اجراها فيراندي من هاتفه النقال والتي اظهرت انه كان موجوداً قرب مطعم "لوكاليست" حيث اغتيل ارينياك قبيل وقوع الحادث. وطغت أنباء الاعتقالات المتتالية في الأوساط الانفصالية في كورسيكا على التحقيقات المستمرة مع خلف ارينياك في رئاسة دائرة الشرطة في الجزيرة برنار بونيه، المتهم بسوء استخدام موقعه والتورط في الحريق المتعمد لأحد الأكواخ المستخدمة كمقاه على شواطئ كورسيكا. ونفى بونيه الذي أُخضع لاستجواب قضائي مفصل يوم الجمعة الماضي ان يكون المسؤولون الثلاثة في جهاز الشرطة الخاص الذي كان يتبع له مباشرة تلقوا أوامر واضحة منه بإحراق الكوخ. ولتبديد الغموض الذي طغى على أقواله، يعتزم المحققون القيام قريباً بمواجهة بينه وبين مدير مكتبه جيرار بارديني الذي كان أكد لدى اعتقاله ان فكرة إحراق الكوخ جاءت من بونيه، نظراً الى استيائه من القرار الذي تلقاه من باريس بوقف تنفيذ خطته التي قضت بهدم هذه الاكواخ المنتشرة بصورة غير شرعية على شواطئ كورسيكا. في غضون ذلك، عملت احزاب المعارضة اليمينية على استغلال قضية بونيه لشن حملة مركزة على حكومة ليونيل جوسبان الاشتراكية، واستغربت الاحزاب التطورات المتسارعة بشكل مفاجئ في ما يتعلق بالتحقيقات في اغتيال ارينياك. واتهم النائب في "حزب التجمع من أجل الجمهورية" الديغولي باتريك ديفيد جيان الغالبية الاشتراكية ب"الإساءة الى التحقيقات" في اغتيال ارينياك، عبر تسريعها، خدمة لأهداف واضحة وأملاً في اخفاء مسؤوليتها عن تصرف بونيه. اما رئيس حزب التجمع بالوكالة نيكولا ساركوزي فعبر من جانبه عن دهشته لارتفاع عدد المعتقلين في قضية اغتيال ارينياك، بمجرد اقدام الاحزاب اليمينية في الجمعية الوطنية الفرنسية البرلمان على الدعوة الى اقتراع بالثقة على حكومة جوسبان بسبب السياسة التي تتبعها حيال كورسيكا. وقال ساركوزي: "إذا كان مجرد الدعوة الى الاقتراع على الثقة، أدى الى مثل هذا القدر من التقدم في قضية اغتيال ارينياك فهذا يعني ان الاقتراع اسفر عن نتائج مبكرة". والواقع ان الاقتراع على الثقة في البرلمان لا يشكل اي تهديد لحكومة جوسبان، كون الأقلية اليمينية تفتقر للعدد اللازم من المقاعد النيابية التي تخولها اسقاط الحكومة. لكن مثل هذا الاقتراع وما سيرافقه من مناقشات برلمانية، يشكل امتداداً لذيول الأزمة الحادة التي يواجهها جوسبان نتيجة قضية بونيه التي قد ترتد سلباً على صعيد اللائحة التي شكلها الحزب الاشتراكي لخوض انتخابات البرلمان الأوروبي في 12 حزيران يونيو المقبل.