* قواتي أسقطت نجيب الله وهي تستحق الشكر لا الإهانة * أطالب بتقسيم أفغانستان الى خمسة أقاليم يبدو الجنرال عبدالرشيد دوستم زعيم الميليشيات الاوزبكية "عقدة رئيسية" في الصراع السياسي الدائر حالياً في افغانستان. فهو تحالف مع احمد شاه مسعود، "القائد الميداني" للجمعية الاسلامية التي يتزعمها برهان الدين رباني، للسيطرة على كابول وتمهيد الطريق لدخول المجاهدين اليها وتسلمهم السلطة وتولي صبغة الله مجددي رئاسة المجلس الانتقالي. وبخطوته هذه اكتسب عداء قلب الدين حمتيار زعيم الحزب الاسلامي الذي طالب باخراج ميليشيات دوستم من كابول، والا فإنه لن يشارك في السلطة بل سيعلن الحرب على الحكم الجديد. ونتيجة ذلك اجتمع مسعود وحكمتيار وتردد انهما اتفقا على صيغة معينة لاخراج ميلشيات دوستم من كابول. لكن دوستم ينظر الى نفسه والى دوره نظرة اخرى: فهو يعتبر انه لعب الدور الاول في اسقاط الرئيس الافغاني السابق نجيب الله حين انقلب ضده بعدما كان في خدمته وعمل معه، ويعتبر ان دوره في تحرير كابول رئيسي. من هو دوستم وكيف يفكر وما خططه وهل يريد فعلاً تقسيم افغانستان كما يتهمه حكمتيار ومن يقف وراءه وما مصدر قوته؟ موفد "الوسط" زار شمال افغانستان وأمضى هناك 3 ايام والتقى خلالها الجنرال دوستم في مقره وتحاور معه وبعث بالتقرير الآتي: هل يسعى الجنرال عبدالرشيد دوستم زعيم الميليشيات الاوزبكية ورئيس الحركة الاسلامية القومية التي تضم بعض فصائل المجاهدين الى فصل الشمال الافغاني خصوصاً مزار شريف وجوزجان، وهما من المعاقل الرئيسية لدوستم عن بقية البلاد والاستئثار بهما؟ زائر الشمال الافغاني ومناطق الاوزبك يخرج بانطباع بأنها غدت "امة حرب" فالكثيرون من عناصر الميليشيات لا تتجاوز اعمارهم 12 سنة. وشرح دوستم الوضع ل "الوسط" فقال: "انني منذ ست سنوات وأنا اعمل من اجل كسب ثقة نجيب الله والحصول على اسلحة متطورة متقدمة وفعلاً تم لي ذلك وتمكنت من اسقاط نجيب الله وهو ما استعصى على المجاهدين جميعاً". لا يتجاوز عمر دوستم 38 سنة وهو توقف في دراسته عند الصف السادس الابتدائي لكنه رجل حرب وقتال واثبتت قواته وميليشياته مقدرتها القتالية في معارك عدة، بل كانت القوة المحورية التي استند عليها النظام السابق منذ انسحاب القوات السوفياتية من افغانستان في شباط فبراير 1989 حتى سقوط نجيب الله خصوصاً مع تمزق الجيش الافغاني وتشتت ولاءاته. يبدو دوستم فخوراً بما قام به وتلمس ذلك من قوله لنا: "ان حضرة - ويقصد مجددي - دعاني المجاهد الكبير كما دعاني رباني سيف الله"، لكنه يبدو متواضع الثقافة اذ ذكرت في سياق حديثي معه دولة سورية فسألني: "هل سورية دولة عربية؟". "كيف انقلبت على نجيب الله: وروى دوستم ل "الوسط" كيف انقلب على نجيب الله وأسقطه فقال: "كنا في البداية اربعة جنرالات وقررنا رفض اوامر نجيب الله واعلنا وقوفنا ضده وجلسنا قبل سقوطه بثلاثة اشهر للتنسيق بيننا. لكن الفكرة كانت لدي منذ ست سنوات غير انني لم استطع تنفيذها الا قبل ثلاثة اشهر من سقوط نجيب الله. والجنرالات الذين كانوا معي هم الجنرال غفار من بروان ورسول البهلوان وعصام الدين قائد الفرقة 18. وجلسنا في بيت رسول بهلوان بمدينة مزار شريف وقررنا البدء في التحضير العسكري ضد نجيب. * هل كان المجاهدون مطلعين على هذه الخطة؟ - قررنا في هذه الجلسة مفاتحة المجاهدين بالموضوع بعد اتخاذنا قرار اسقاط نجيب الله وارسلنا رسائل الى القائد نسيم مهدي احد قادة الحزب الاسلامي الذي يتزعمه حكمتيار في الشمال وكذلك مولوي عبادي التابع للحزب والقائد احمد شاه مسعود وايدونا جميعاً بمن فيهم مسعود، واستولينا في البداية على ولاية جوزجان وساري بول وفارياب واطلقنا سراح المعتقلين. * قبل اتصالكم مع مسعود هل اتصلتم بحكمتيار؟ - لم يكن عندنا اتصال معه وعندما كنت في بلخ وصلتنا رسالة من حكمتيار وأظهر الجنرال دوستم رسالة حكمتيار باللغة الفارسية. * هل انت مستعد للقبول بحكمتيار كرئيس للوزراء؟ - نعم مستعد لاطاعة اوامره كرئيس للوزراء اذا كان الشعب الافغاني يقبله واذا كان مستعداً لفهم حقوق الاقليات المحرومة. * كيف تستطيع الحكم بأن مجددي او حكمتيار اوحتى دوستم مقبول لدى الشعب الافغاني؟ - عن طريق الانتخابات. * ماذا تقصد بالحقوق للاقليات المحرومة؟ - هناك على الاقل ستة ملايين ونصف المليون من الهزارة والتركمان والاوزبك والعرب في افغانستان ولا بد من منح وزارات ومقاعد برلمانية لهم بما يتناسب مع هذا العدد. الاسلحة والذخائر التي بحوزة الميليشيات الاوزبكية كثيرة. وأحصيت بنفسي في مطار مزار شريف خمسين طائرة مقاتلة وفي قاعدة جوية اخرى 28 طائرة مروحية. لا تدخل ثكنة عسكرية او فرقة الا والحديث عن الترقيات، وهذا يهم الجنود والضباط. احد الجنرالات قال ل "الوسط": "ايام نجيب الله لم يكن هناك الا جنرال واحد هو دوستم، اما الآن وخلال ايام قام دوستم بترقية العشرات الى جنرالات، عدا الضباط، ومع الترقية يرتفع راتب الضابط فراتب الجندي العادي من الميليشيات يتراوح بين 15 و50 الف روبية افغاني وهو راتب ضخم في افغانستان فكيف بالضباط والجنرالات خصوصاً اذا علم ان راتب الوزير المقرر في افغانستان 50 ألف روبية". هذا الوضع دفعني لأن اسأل الجنرال دوستم عن مصادر تمويل جيشه الذي يتجاوز عدد افراده - حسب قوله - 150 ألف جندي مع اسلحة متطورة. اجاب دوستم "ان الدعم من الله ومن شعبي". ولكن عندما قلت للجنرال ان دخل الفرد الافغاني لا يتناسب مع ذلك خصوصاً اني سمعت في كابول ان وفداً تركياً وصل الى مزار شريف مرتين خلال الاشهر العشرة الماضية "وقدم دعماً سخياً لكم"، نفى دوستم ذلك. ويبدو ان الميليشيات تملك اجهزة طباعة العملة الافغانية بالاضافة الى دعم خارجي. تقسيم افغانستان وتطرق الحديث مع دوستم الى ما تردد عن اتفاق مسعود وحكمتيار على اخراج الميليشيات التابعة له من كابول وسألناه: * ما تعليقك على اتفاقية مسعود وحكمتيار لاخراج قواتك من كابول؟ - كابول بيت مشترك لكل الافغان وليس لحكمتيار او مسعود، لكن اذا كانوا لا يريدونني في كابول فأنا لا اريدهم كذلك. * اذا طلب منكم مسعود الخروج من كابول ماذا سيكون ردكم؟ - عندما يعود السلام الى كابول ويطلب مسعود ذلك ويوافق مجلس شورى الحركة الاسلامية القومية على الخروج فحينها نخرج. ان سقوط نجيب الله كان على ايدي قواتنا وهذا العمل لا بد ان يكون قابلاً للتقدير والامتنان والشكر وليس للاهانة. * بنظرك متى يعود السلام الى أفغانستان؟ - عودة السلام متعلقة بالقادة الكبار عندما يعطون شعب افغانستان حقوقه. * نفهم من كلامك انك لا تأخذ اوامرك من القائد مسعود؟ - قواتي في كابول تحت اوامر مسعود وزير الدفاع الحالي والمسؤول عن أمن العاصمة. * اذا قرر حكمتيار ومسعود اخراجك بالقوة من كابول ماذا تعمل؟ - لا اعتقد ان مسعود سيفعل ذلك. * اذن لن تخرج من كابول؟ - لقد اعتاد حكمتيار ان يقول ان دوستم يريد تقسيم افغانستان لكن بقائي في كابول برهن اني لا اريد التقسيم اما اذا ارادوا اجباري على ترك كابول فشعب افغانستان حينها لن يقبل اوامر الحكومة المركزية. * هل ستعلن في هذه الحالة دولة شمال افغانستان؟ - حينها سأجلس في الشمال، وإلا أين اذهب؟ * هل ستعلن دولة بكل معنى الكلمة؟ - اذا كانت كابول لا تقبلني فلن اقبلها حينذاك. وهنا اقترح دوستم اقامة نظام فيدرالي في افغانستان وقال ل "الوسط": "أطالب بتقسيم افغانستان الى خمسة اقاليم". ورأى ان هذا النظام الفيدرالي يمكن ان يكون مشابهاً لأميركا وباكستان. وسألناه: * هل انت متأثر لسقوط نجيب الله وفراره خصوصاً انك تعاونت معه سنوات؟ - انا حزين لأني لم اقبض عليه، فقد كنت اريد جلبه الى الشمال كي اعرضه على التلفزيون. * لماذا؟ - لأنه اعتاد على اتهامي بأني اريد تقسيم افغانستان واني ضد البشتون. اريده ان يظهر على التلفزيون ليرد على كل هذه الاتهامات الكاذبة. * لكن قواتك كانت في المطار وهي التي قبضت عليه؟ - لم تكن قواتي التي قبضت على نجيب الله وانما قوات الحرس الجمهوري التي اعادته من طريق المطار الى المدينة. وبعد ذلك اختفى ولم نتمكن من اعتقاله حتى اليوم.